هل انتهى تهديد ناقلة “صافر” بعد تفريغها؟
السياسية:
انطلقت الثلاثاء الماضي عملية نقل براميل النفط من ناقلة “صافر” إلى الناقلة البديلة، في محاولة لتجنب أحد أكبر المخاطر البيئية عالميًا.
وقال المنسق المقيم للأمم المتحدة في اليمن ديفيد جريسلي :” إن عملية نقل براميل النفط من خزان صافر في اليمن المقدرة بمليون برميل، والتي بدأت الثلاثاء الماضي، تستغرق ما يقرب من 3 أسابيع، مقدمًا الشكر للجهود التي ساهمت في عملية خزان صافر”.
ووفق المنسق الأممي ، أبحرت السفينة البديلة “Nautica” من جيبوتي في 15 يوليو إلى ساحل البحر الأحمر اليمني؛ لتبدأ عملية نقل مليون برميل من النفط لها من الناقلة العملاقة المتدهورة في اليمن “صافر”، في محاولة لمواجهة أحد أكبر الكوارث البيئية.
نزع فتيل القنبلة الموقوتة
وقال أنطونيو جوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة:” إن الأمم المتحدة بدأت عملية لنزع فتيل ما قد يكون أكبر قنبلة موقوتة في العالم”، مُضيفًا إن نقل النفط من ناقلة صافر إلى أخرى والذي بدأ اليوم هو الخطوة التالية الحاسمة في تجنب كارثة بيئية وإنسانية على نطاق هائل، جاء ذلك خلال رسالة له اليوم تعليقًا على بدء عملية ناقلة النفط في اليمن “صافر”.
ووفق الأمين العام “بدأت الجهود لنقل مليون برميل من النفط من ناقلة صافر” المتهالكة إلى سفينة بديلة، مؤكدًا أنها مهمة شاملة وتتويج لما يقرب من عامين من العمل الأساسي السياسي وجمع الأموال وتطوير المشاريع.
ولفت جوتيريش إلى أنه كان من الممكن أن تكون السفينة قد انفجرت أو تحطمت، ما أدى إلى تسرب ما يصل إلى أربعة أضعاف النفط المنبعث في كارثة إكسون فالديز، وسيتم القضاء على مجتمعات الصيد ومئات الآلاف من الوظائف ستختفي على الفور وستتعرض مجتمعات بأكملها للسموم القاتلة.
وأضاف “في حالة تسرب الكمية الهائلة من النفط كانت ستضطر الموانئ الرئيسية، بما في ذلك الحديدة والصليف إلى الإغلاق إلى أجل غير مسمى وسيتوقف الغذاء والوقود والإمدادات المنقذة للحياة للملايين والمياه والشعاب المرجانية والحياة البحرية سوف تدمر تمامًا، وفاتورة التنظيف المحتملة وحدها يمكن أن تصل بسهولة إلى عشرات المليارات من الدولارات”.
وأوضح جوتيريش “تتمثل الخطوة الحاسمة التالية في الترتيب لتسليم عوامة متخصصة يتم ربط السفينة البديلة بها بأمان، مُشيرًا إلى أننا سنحتاج إلى حوالي 20 مليون دولار لإنهاء المشروع، والذي يشمل تنظيف وإلغاء ناقلة صافر وإزالة أي تهديد بيئي متبقٍ للبحر الأحمر”.
دون صيانة
ترسو قبالة سواحل اليمن المطلة على البحر الأحمر ناقلة نفط بحمولة تفوق مليون برميل من النفط مهملة منذ بداية حرب اليمن، أي منذ ٥ أعوام، ويمكن أن تغرق في أي وقت بعد أن تسربت المياه إلى غرفة المحرك.
الكاتب لويس ليما ، ذكر في مقال نشرته صحيفة “لوتون” لسويسرية، ان ناقلة “صافر” كانت تستخدم كمنصة تخزين عائمة متصلة بخط أنابيب في قاع البحر يبلغ طوله ٧ كيلومترات، ويبلغ عمر هذه الناقلة المتهالكة 45 عاما، علما بأنه كان ينبغي التخلص منها قبل عقدين، وهي تحمل نحو 1.14 مليون برميل من النفط، وإذا تسرب محتواها في البحر الأحمر فسيواجه الكوكب أحد أخطر الكوارث البيئية على الإطلاق.
وتوقفت الأنشطة في ميناء رأس عيسى شمال الحديدة -الخاضعة لسيطرة الحوثيين- منذ اندلاع الحرب في مارس/ آذار 2015.
وقد مرت أكثر من ٥ سنوات على آخر مرة خضعت فيها ناقلة “صافر” لأدنى أعمال الصيانة، بينما يستمر هيكلها في التآكل جراء الملح والحرارة.
ومع تنامي النداءات خلال العامين الماضيين، ازداد التهديد البيئي الذي تشكله هذه الناقلة بشكل كبير، وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة (أوتشا)، ينس ليرك “لم نتمكن من اتخاذ أي إجراءات منذ سنوات” ونقل الكاتب عن ليرك أن فريقا تقنيا أمميا جاهز بالفعل للذهاب إلى الموقع لتقييم الضرر، وربما لإجراء الإصلاحات الأولى العاجلة، مؤكدا أن “الحوثيين أبلغوهم رسميا بموافقتهم على هذه المهمة”.
وفي ظل الوضع الحرج الذي تمر به البلاد جراء الحرب، فإن “هذا الفريق لن يتمتع بأي حماية أخرى حالما يصل إلى هناك، ورغم أن هذه المهمة لا تزال محفوفة بالمخاطر، فإن هؤلاء التقنيين جاهزون للذهاب على الفور”.
تجدر الإشارة إلى أن هناك شائعات تفيد بوجود عبوات ناسفة مزروعة حول السفينة، وربما حتى على متنها أيضا.
كارثة بيئية وإنسانية
وإلى جانب مئات الآلاف من الطيور والأسماك المهددة بالانقراض، تتربص باليمن كارثة إنسانية على عدة أصعدة، فأكثر من 100 ألف أسرة تكسب قوتها من الصيد، كما أن هذا الخطر يهدد محطات تحلية المياه، التي غالبا ما تكون السبيل الوحيد للحصول على المياه الصالحة للشراب.
ووفق ما أفادت به منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، ليز غراندي، في حوار لوكالة “فرانس برس” إذا تحطمت السفينة ستحدث كارثتان، كارثة بيئية لم يسبق لها مثيل، وكارثة إنسانية أخرى لأن النفط سيجعل ميناء الحديدة غير صالح للاستعمال”.
آخر الشعاب المرجانية
وبينما تموت الشعاب المرجانية في كل مكان بسبب ظاهرة الاحترار العالمي، فإن تلك الموجودة في البحر الأحمر هي الوحيدة في العالم التي تقاوم، وخاصة في شمال البحر الأحمر، والتي تمتد على طول أكثر من 1800 كيلومتر.
وفي هذا الصدد، يقول الأستاذ أندرس ميبوم من مدرسة لوزان الاتحادية للفنون التطبيقية إن “ذلك معجزة بيولوجية وهدية حقيقية” وبعد أن نمت الشعاب المرجانية في المياه الدافئة في الجنوب، لا يزال لدى هذه الشعاب هامش للتأقلم في المياه الأكثر اعتدالا في شمال البحر.
ويضيف ميبوم إنه “على عكس الشعاب المرجانية في أستراليا ومنطقة البحر الكاريبي، لا يزال بإمكان الشعاب في البحر الأحمر الصمود في حال ارتفعت درجة الحرارة بمقدار درجتين أو ٣ درجات، ولكن يجب أن تظل في مأمن من التلوث المحلي الخطير”.
وخلص الكاتب إلى أنه إدراكا لمدى تأثير العواقب عليها، انضمت الدول المشاطئة للبحر الأحمر (مثل مصر والأردن والمملكة العربية السعودية والسودان) إلى الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا للمطالبة بتحرك عاجل من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لدرء هذه الكارثة.
خطة أممية للتعامل مع “صافر”
يقود ديفيد جريسلي، منسق الأمم المتحدة المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن عملية تفريغ “خزان صافر” بناءً على قرار الإدارة العليا للأمم المتحدة، وذلك من خلال تنسيق الجهود على مستوى منظومة الأمم المتحدة وخطط الطوارئ في حالة حدوث تسرب نفطي.
ويعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على تنفيذ هذه الخطة من خلال مسارين مهمين، وهما تشغيل ناقلة بديلة لتخزين النفط المنقول من صافر لمدة 18 شهرًا في خطة طويلة الأمد للتعامل مع مخزون الخزان، والتعامل مع الحالة الحرجة للخزان صافر عن طريق نقل النفط إلى سفينة مؤقتة آمنة لمدة أربعة شهور.
قدرت ميزانية العملية الأولية ما يعادل 144 مليون دولار، وازدادت المبالغ المستحقة مع ارتفاع تكاليف ناقلات النفط العملاقة وجراء عوامل أخرى، لتصل ميزانية مرحلة الطوارئ الأولى إلى مجمل 129 مليون دولار ووفق الأمم المتحدة، فإن هناك تهديدات واسعة النطاق على الموارد البيئية والإنسانية والاقتصادية في حالة تسرب النفط من الناقلة.
* المصدر: الوقت التحليلي
* المادة نقلت حرفيا من المصدر