وَهَجُ اَلْغَدِيرِ أَضَاءَ دُرُوبَ اَلْوِلَايَةِ اَلْحَيْدَرِيَّةِ
السياسية :
مركز البحوث والمعلومات: زيد المحبشي
أهوى هوى عبدٌ حكى غدير خُمٍ، ستُ كلماتٍ ابتدأت كلٌ منها بأحد حروف الإظهار الستة “أ، هـ، ع، ح، غ، خ”، وأظهرت مُجتمعة الهوى الذي لا يُعذر بتركه أحد من المسلمين المُكلفين، وأيُ عِشقٍ أعظم من عشق من أمر الله بمودتهم وموالاتهم وولايتهم وتوليتهم، وجعل حُبهم منجاةً من الغرق، وأمانٌ من التيه، فكيف إذا كان الأمر مُتعلقٌ بمصير ومستقبل قيادة الأمة الإسلامية بعد رحيل خاتم المرسلين!، وهل للرسول الأمين صلى الله عليه وآله وسلم أن يغفل عن أمرٍ مُهمٍ كهذا، وهو من اهتم بتعليم أمته حتى آداب دخول بيت الخلاء، ويترك أمته بعده بلا راعٍ يحفظ بقائها على المحجة البيضاء؟، وهل يكون أمراء وملوك الملك العضُوض أكثر حرصاً على دولهم وأممهم من رسول الله؟، كلا وحاشا، وإذا كان كذلك ألا يجب على الأمة إحياء هذا اليوم العظيم شُكراً وحمداً لله على إكمال الدين وتمام نعمة الإسلام بولاية أمير المؤمنين علي عليه السلام!.
اعتاد اليمنيون في الثامن عشر من ذي الحجة من كل عام على إحياء عيد “الغدير” منذ المائة الأولى للهجرة النبوية، وكُتب مؤرخيهم زاخرة بذلك، وفي حياتي المقاربة على إتمام العقد الخامس كانت مديرية المحابشة كنموذج ولا زالت تحتفل بهذا اليوم المبارك، كل عامٍ، بصورةٍ مُميزة، وتشهد العديد من التجمعات الكبيرة، ويقصدها المُحبين لأهل البيت عليهم السلام من محافظات عديدة، لمشاركة أبنائها فرحتهم بالولاية الحيدرية، ويتم الاستعداد له منذ يوم عيد الأضحى.
إذن فعيد “الغدير” ليس من مُبتكرات حركة “أنصار الله” كما يدّعي المرجفون، ولم يأتِ معهم، بل هو من أعياد الله المقدسة عند طائفة واسعة من المسلمين بمختلف توجهاتهم المذهبية، وإحيائهُ تعظيمٌ لشعائر الله: “ومن يُعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب”، وإحياءٌ لشعيرةٍ دينيةٍ أحياها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه الصحابة والخلفاء الراشدين، ومن لطيف ما ذكره مؤرخو المدرستين أنه طلب من جموع الحاضرين بعد فراغه من خُطبة ذلك اليوم العظيم تهنئته بهذه المكرُمة الإلهية لأول مرة في حياته، ولم يطلب منهم ذلك حتى في فتح مكة الذي وصفه الله في محكم التنزيل بـ “الفتح المبين”.
ومن لديه اعتراضٌ على إحيائه من غير المُتقين، فعليه مراجعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته المنتجبين، ومن يرى أن إحيائهُ يُشكّل قدحاً في الصحابة فهو القادحُ فيهم، لأنه يُنكر عليهم مشاركتهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرحته في إحيائه وتعظيمه، وعلى رأسهم الشيخين “أبو بكر” و”عمر”، كما أن إحيائه لا ينتقص من أي صحابي، وليس مُوجهاً ضد أي صحابي، بل هو تكريمٌ لأحدهم بأمر العلي القدير، “يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}، المائدة: 67.
وهو لمن يُشنّعون علينا إحيائه، خُطبٌ ومواعظٌ، وتذكيرٌ بالله وبعظمة الإسلام، وغرسٌ لمكارم الأخلاق ومحامد الأعمال، وتذكيرٌ بما اختص الله به أهل البيت عليهم السلام من فضل ومكانة، وما قدمه أهل هذا البيت الطاهر من تضحيات في سبيل الدين وحماية رسالة الإسلام من التحريف، ناهيك عن تعلُم الرماية، والتوسيع على الأهل والعيال فيه، وكلها لا تخالف شرع الله في شيئ كما يدّعى المدعون، بل هي من لبّ وجوهر الدين، ثم من الأحق بالاحتفاء: تنصيب ملوك الفناء البشري بالملك العضُوض !، أم التنصيب الإلهي لخاتم الأوصياء بالولاية التي أكمل الله به الدين الخاتم، وجعلها سياجاً منيعاً له من سهام المحرفين والمنتحلين والمتسلقين؟!.
بقية التفاصيل في الملف التالي:
وَهَجُ اَلْغَدِيرِ أَضَاءَ دُرُوبَ اَلْوِلَايَةِ اَلْحَيْدَرِيَّةِ