هل تفي الأمم المتحدة بوعودها في اليمن؟
السياسية ـ متابعات:
منذُ بداية العدوان السعودي الإماراتي على اليمن عمل تحالف العدوان وبشكل ممنهج على اتباع سياسة حصار الشعب اليمني براً وبحراً وجواً، وهدفت قوى العدوان من خلال هذه السياسة التي اتبعتها إلى زيادة معاناة أبناء الشعب في الجانب الاقتصادي، حيث لم تكتف قوى العدوان بما قامت به من قصف وقتل للمدنيين والأطفال والنساء وإغلاق معظم المنافذ البرية وأيضا عمد التحالف السعودي منذُ اليوم الأول للعدوان على اليمن إلى استهداف المطارات في اليمن وخاصة مطار صنعاء الدولي والذي تعرض مرات عديدة للاستهداف من قبل طائرات التحالف السعودي وتوقف العمل فيه لأكثر من 8 سنوات، من جهةٍ أخرى منع التحالف السعودي الإماراتي وصول ودخول المشتقات النفطية إلى اليمن ليزيد بذلك معاناة الشعب اليمني، بعد أن تم الإعلان عن الهدنة اليمنية في اليمن من قبل الأمم المتحدة كان من المقرر أن يتم دخول السفن النفطية إلى اليمن ، ولكن ما حدث هو العكس تماماً حيث إن التحالف السعودي لم يلتزم ببنود الهدنة المعلنة وخرقها من خلال احتجاز السفن النفطية، وبعد أن تم التنديد بخرق السعودية للهدنة عادت السعودية لتعلن انها سوف تسمح بدخول السفن النفطية لكن في الواقع إن التحالف السعودي الإماراتي وإلى يومنا هذا مازال يحتجز السفن النفطية، حيث احتجز تحالف العدوان مؤخراً 4 سفن وقود عرض البحر ومنعها من دخول ميناء الحديدة، غرب اليمن، وهذ العمل الهدف منه هو زيادة المعاناة في الداخل اليمني.
“صافر”.. كارثة بيئية
في وقتٍ سابق كشفت العديد من التقارير أن منطقة البحر الأحمر تواجه خطر تسرب أو انفجار خزان النفط العائم “صافر” التابع لليمن والواقع على بعد خمسة أميال من سواحلها والذي يحتوي على أكثر من مليون برميل نفط. ولفتت تلك التقارير إلى أن التحذيرات الدولية قد زادت من مخاطر انفجار هذا الخزان العائم، مع استمرار توجيه الاتهامات لحكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء برفض وصول خبراء الأمم المتحدة لإصلاح الخزان أو افراغه.
ولكن التقارير أكدت أن حكومة الإنقاذ والقادة في حركة “أنصار الله” برروا هذا الرفض بسبب وعود الأمم المتحدة الزائفة وعدم امتثالها لجميع البنود التي تم الاتفاق عليها مسبقاً وفك الحصار على ميناء الحديدة.
واشترطت حكومة صنعاء وحركة “أنصار الله” أيضاً إيجاد آلية لضخ النفط الخام من الناقلة صافر، وتخصيص عائداته لدفع رواتب الموظفين، عسكريين ومدنيين، وفق قاعدة بيانات العام 2014، من أجل السماح بنزول فريق التقييم إليها. الجدير بالذكر أنه منذ سنة 2014 وسفينة “صافر” ترسو على السواحل اليمنية ممثلة قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة لتدمر الحياة البحرية اليمنية في البحر الأحمر، وصولاً إلى خليج عدن وبحر العرب.
وفي هذا السياق، أعلنت حكومة صنعاء في السابق، أن وضع خزان “صافر” العائم يستدعي التحرك العاجل، والجدية لتجنب الكارثة المحتملة بالبحر الأحمر، معتبرة أن الوقت لم يعد يسمح بالمماطلة والتسويف. وحثت اللجنة الإشراقية لتنفيذ اتفاق صافر التابعة لحكومة صنعاء، على التعامل مع اتفاقية صيانة وتقييم خزان صافر العائم بمسؤولية واستجابة سريعة تعيد الاتفاق إلى مساره الصحيح، كما دعتها إلى مراجعة نص الاتفاق والخطة التي قدمها مكتبها لخدمات المشاريع وإلا فإنها تتحمل المسؤولية الكاملة عن حدوث كارثة وشيكة لبيئة البحر الأحمر، وما يترتب عليها من أضرار كبيرة على اليمن والدول المجاورة. وأكدت اللجنة أن وضع خزان صافر العائم بات سيئا بشكل أكبر مما كان عليه عند توقيع الاتفاق، وارتفعت معه احتمالات حدوث كارثة بيئية في البحر الأحمر، مجددة أسفها جراء عدم التزام مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع بالاتفاق الموقع في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وإصراره على إضاعة الوقت، وهدر الأموال المخصصة للمشروع في اجتماعات ونقاشات عقيمة.
هل تفي الأمم المتحدة بوعودها الزائفة ؟
مؤخرا أعلنت الأمم المتحدة أنها مستعدة لبدء عمليات إنقاذ ناقلة النفط “صافر” العالقة قبالة سواحل اليمن والمحمّلة بأكثر من مليون برميل من الخام ما يشكل خطرا كبيرا على البيئة.
وأفاد منسّق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن ديفيد غريسلي في مؤتمر صحفي عبر الفيديو من على متن مركب دعم وصل إلى الناقلة “نشعر بسعادة بالغة لوصولنا إلى الموقع حيث يمكننا بدء العمل”.وقال غريسلي إنّ عمليات الضخ ستبدأ في غضون عشرة أيام إلى أسبوعين.
وفي آذار/مارس، اشترت الأمم المتحدة ناقلة “صافر” الضخمة للنفط، المهجورة في البحر الأحمر والراسية قبالة ميناء الحديدة الاستراتيجي (غرب اليمن)، وذلك لتجنّب تسرّب نفطي في البحر الأحمر، الأمر الذي يمثّل خطراً كبيراً، وفق الخبراء.
وعُهد بعملية الإنقاذ غير المسبوقة، والتي بلغت تكلفتها الإجمالية 148 مليون دولار، إلى شركة “اس ام آي تي سالفادج” (SMIT Salvage) المتخصّصة، التابعة لشركة “بوكاليس” الهولندية، والتي يجب أن تقوم بنقل النفط من “صافر” إلى “نوتيكا” وتعمل على سحب الناقلة بمجرّد إفراغها.
وصلت سفينة “إنديفور” (Ndeavour) التابعة لـ”إس ام اي تي”، والمحمّلة بمعدّات خاصّة من بينها مضخّات ومولدات، إلى مكان قريب من الناقلة “صافر” الثلاثاء، وستبدأ الأربعاء بتأمين الناقلة التي توقّفت أنظمتها عن العمل.وقال أخيم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، المسؤول عن هذا الملف، “اليوم هو يوم خاص. الكثير منكم تابع قصّة صافر، وسترَون أنّه مع وصول إنديفور بالقرب من صافر في البحر الأحمر، وصلنا حقّاً إلى مرحلة حاسمة”.
تحذيرات يمنية سابقة
وفي وقت سابق، اتهم عضو المجلس السياسي الأعلى اليمني، “محمد علي الحوثي”، الأمم المتحدة بوضع عوائق أمام البدء في صيانة “صافر”. وقال الحوثي، عبر “تويتر”، إن “الأمم المتحدة تبحث عن عوائق أمام المضي بإصلاح ناقلة صافر النفطية بحجج وضع الترتيبات اللوجستية، وإن الأمم المتحدة بحاجة إلى وقت لحجز السفن وتأكيد الطواقم ونشر المعدات واتخاذ جميع الترتيبات الضرورية الأخرى”.
وتابع إن “مثل هذه الإجراءات تؤكد عدم الاهتمام والشعور بالأهمية القصوى لتجنيب البحر الأحمر كارثة التسريب”. وفي الـ 24 مارس الماضي، حمّلت حكومة صنعاء وحركة “أنصار الله”، الأمم المتحدة مسؤولية التأجيلات المتكررة لوصول فريق الخبراء الأممي إلى الناقلة صافر لتقييم وضعها واجراء صيانة عاجلة لها هي الأولى منذ سنوات، مشيرةً إلى أن الأمم المتحدة طلبت إنشاء منطقة منزوعة السلاح حول الناقلة، وهو ما اعتبرته الجماعة خارج الاتفاق الموقع مع الأمم المتحدة.
رسالة رسمية من حكومة صنعاء إلى الأمم المتحدة
أعلنت الأمم المتحدة، ، تلقيها رسالة رسمية من حكومة صنعاء وحركة “أنصار الله”، أكدت فيها موافقتها على اقتراح الأمم المتحدة بشأن إرسال بعثة خبراء لتقييم وضع ناقلة النفط “صافر”. جاء ذلك على لسان المتحدث باسم الأمم المتحدة “ستيفان دوجاريك” الذي قال للصحفيين يوم أمس عبر تقنية التواصل عن بعد إن الأمم المتحدة تلقت رسالة رسمية من سلطات الأمر الواقع في صنعاء، “أنصار الله”، يوم أمس ، تشير فيها إلى موافقتها على اقتراح الأمم المتحدة بشأن إرسال بعثة خبراء إلى ناقلة النفط “صافر”.
وتأتي هذه الرسالة بعد عدة أسابيع من التبادلات الفنية البناءة بشأن الأنشطة التي سيضطلع بها فريق الخبراء، وقال دوجاريك إن ذلك “يمثل خطوة مهمة إلى الأمام في هذا العمل الحاسم.” وأوضح المتحدث باسم الأمم المتحدة أن الهدف من بعثة الخبراء التي تقودها الأمم المتحدة هو “تقييم وضع السفينة وإجراء الصيانة الأولية، إضافة إلى صياغة توصيات بشأن الإجراءات الإضافية المطلوبة لتحييد مخاطر الانسكاب النفطي”.
الجدير بالذكر أن حكومة الإنقاذ الوطنية وحركة “أنصار الله” قدمت وثيقة حل شامل للأمم المتحدة، في 8 نيسان الماضي، تتضمن، نشر بعثة فنية بقيادة الأمم المتحدة لتقييم أوضاع الناقلة “صافر” وإجراء الإصلاحات المبدئية، وتقديم التوصيات الفنية اللازمة وإجراء الإصلاح والصيانة، والاتفاق على ضوء توصيات الفريق الفني على خطة لاستخراج النفط من الناقلة بطريقة آمنة وبما فيها عودة ضخ النفط إلى الناقلة عبر أنبوب صافر – رأس عيسى. وتضمنت تلك الوثيقة أيضا أن تقوم الأمم المتحدة بفك الحصار عن ميناء الحديدة للسماح بدخول المشتقات النفطية والمواد الطبية والغذائية للمناطق المحررة ولكن الأمم المتحدة لم تمض قُدما في إجراء وتنفيذ هذه التوصيات وإنما بدأت بالمراوغة واختلاق الكثير من الأعذار.
تجاهل الأمم المتحدة لالتزاماتها تجاه خزان صافر.. ما هي التداعيات؟
بموجب القانون الإنساني الدولي، لا يجوز لأطراف النزاع المسلح منع دخول السلع مثل الأغذية والوقود والأدوية المتوجهة إلى المدنيين، ولا حتى تأخيرها بعد تفتيشها ولكن التحالف السعودي يعمل العكس تماماً، حيث يقوم بحصار عسكري غير قانوني وأعمال بلطجة واضحة مقابل الموانئ والشواطئ اليمنية، ويحتجز سفن المشتقات النفطية المتجهة لليمن بشكل تعسفي وهذا بدوره يزيد بشكل كبير في زيادة الأزمة الإنسانية ويفاقم النقص وأيضا ندرة الأغذية لأن الوقود ضروري للزراعة والنقل، كما أن المستشفيات التي تعاني من ضائقة مالية لا تستطيع في الغالب تحمّل تكاليف الوقود لتشغيل المولدات الكهربائية.
في هذا السياق فإن تداعيات الاحتجازات المتكررة من قبل تحالف العدوان للسفن التي تحمل المشتقات النفطية لها أضرار كبيرة ومن المعلوم أنه كلما طالت فترة احتجاز السفن, كلما زادت الأعباء على المستهلكين, وبالتالي زيادة معاناتهم, فتبعات احتجاز التحالف تزيد من معاناة المواطن ويترتب على ذلك زيادة أسعار مختلف السلع التموينية والغذائية الأساسية ويدمر الاقتصاد الوطني، فمشاكل النقص في الوقود والارتفاع الحاد في الأسعار في جميع أنحاء اليمن، أعاقت وبشدّة الحصول على المياه النظيفة والخدمات الحيوية الأخرى، بما فيها الرعاية الصحية والصرف الصحي، إضافة إلى ذلك فإن أزمات انعدام الوقود التي تسبب بها التحالف تشكل خطراً على أطفال اليمن الذين يعانون من سوء التغذية وانتشار الأمراض في ظل انعدام الدواء، فنفاد مخزون الوقود نتيجة الحصار الجائر والاحتجاز المتكرر لسفن الوقود تسبب لليمنيين بالكثير من الكوارث الإنسانية، وعلى سبيل المثال وقف أكثر من نصف المصانع الحيوية بسبب نفاد مخزون المشتقات النفطية لدى القطاع الصناعي والتجاري، ما تسبب في اتساع دائرة الفقر والمرض والبطالة والأوبئة ومضاعفة معاناة المرضى وزيادة نسبة الوفيات وتفشي الأمراض والأوبئة والتأثير على القطاع السمكي ونقل وحفظ وتخزين الأسماك والأحياء البحرية.
في النهاية من الواضح أن استمرار التحالف في السعي لتنفيذ مخططه في اليمن سيضاعف المحنة السعودية والخسائر، وسيضاعف اضطراب سوق الطاقة، وسوف تنزلق دول التحالف في منزلق الفشل المزمن والانهزام الفاضح الذي لا تخفّف من أثره السياسي والميداني شتى المحاولات الخائبة والمكابرة المهزوزة. ومن الواضح أن استمرار التحالف السعودي الإماراتي في السعي نحو التمادي والاجرام بحق الشعب اليمني سوف يؤدي إلى تبعات كبيرة وخسائر اقتصادية كبيرة لدول التحالف حيث إن ضرب المنشآت النفطية والأماكن الحساسة في العمقين السعودي والإماراتي أصبح ضمن أهداف الجيش اليمني في سبيل حق الدفاع المشروع عن الوطن وهنا تطرح التساؤلات بعد التصريحات الأخيرة لوزير الدفاع اليمني هل تدرك دول العدوان خطورة الصلف الذي تمارسه في اليمن وما سيترتب عليه من ضربات موجعة للعمقين السعودي والإماراتي وضرب للمنشآت والمواقع الحساسة ؟
* المصدر: الوقت التحليلي
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر وبتصرف ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع