لماذا استبعدت الأمم المتحدة من تفاهمات صنعاء..!
نصر القريطي*
لعبت الأمم المتحدة أدواراً غير مشرفةٍ في بلادنا كان ابرزها ترك المعتدين المجرمين وتوجيه أصابع الاتهام لمن وقع عليهم العدوان أو في أحسن أحوالها فقد ساوت الأمم المتحدة بين القاتل والضحية..
ذاك ليس بالأمر الهيّن فلولا الغطاء الاممي ما امتلكت قوى العدوان أي شرعيةٍ لهذه الحرب ولكانت اعتبرت دولاً مارقة على القانون الإنساني الدولي وهي كذلك ولا تزال..
اليوم تتوج منظمة العجز الاممي فشلها في بلادنا بالتباكي على استبعادها من المفاوضات التي جرت بصورةٍ مباشرةٍ بين صنعاء والسعوديين الذين ظلّت الأمم المتحدة تتعامل معهم كطرفٍ ثالث وليس الطرف الرئيسي الذي بدأ هذا العدوان وهو من استمر فيه ولا يزال طيلة تسع سنين..
تنقل وكالة “رويترز” عن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بأن المنظمة الأممية لم تشارك في المحادثات الجارية في صنعاء بشأن إيجاد حلٍّ سياسي في اليمن وفق تعبيره..
نعم الأمم المتحدة غير موجودةٍ اليوم في صنعاء لا كراعٍ لأي توافقٍ محتمل ولا حتى كمراقبٍ لأي تفاهماتٍ قد تحصل وذاك هو الوضع الطبيعي بالنسبة لهذه المنظمة الأممية التي اثبتت فشلها في لعب أي دورٍ نزيهٍ طيلة سنين هذا العدوان..
ما الذي يعنيه ان تتجاهل الرياض الأمم المتحدة حتى من استشارتها في أي محادثات سلامٍ قد تسفر عن انهاء هذه الحرب أو تهدئة سعارها عبر تمديد محتملٍ لهدنة ديكورية طويلة الأمد..
الأمر لا يحتاج الى الكثير من التحليل والتفسير فليس له سوى معنى ومدلولٍ واحد هو ان الدور الذي كانت تقوم بهذه المنظمة الأممية لم يكن اكثر من فصلٍ من فصول هذا الحرب كأحد اركان العدوان الظاهر أو الخفي..
لقد تماهت الأمم المتحدة في كل تحركاتها مع مشاريع قوى العدوان حتى ظهر لنا مراراً وتكراراً أن المبعوثين المتعاقبين في بلادنا لم يكونوا أبداً وسطاء أمميين بل كانوا رسلاً يحملون اشتراطات الرياض وابوظبي الينا..
كان يمكن للرياض ان تحضر معها “المبعوث الاممي” كعضوٍ في فريقها المفاوض الى صنعاء لاستكمال الصورة الديكورية للشرعية الدولية لهذه الحرب لكنها لم تفعل ذلك لأنها ظلت طيلة هذا العدوان تستخدم الأمم المتحدة كورقة لشرعنة هذه الحرب وليس كوسيطٍ لإنهائها..
ظهرت الأمم المتحدة كشاهدٍ زورٍ في الكثير من مراحل هذا العدوان ولطالما كانت تستخدم من قبل امراء الحرب كدرعٍ قانوني لتبرير الكثير من الجرائم المرتكبة بحق اليمنيين ولعل ابرز تلك الجرائم هي الشراكة في حصار الشعب اليمني بواجهةٍ أممية..
منذ اليوم الأول لهذا العدوان الكوني المجرم ونحن نتحدث عن فشلٍ أمميٍ مخزٍ في قيام هذه المنظمة الدولية بالدور المنوط بها والتي يفترض بها ان تكون شوكة الميزان في كل المنازعات الدولية..
ليس ذاك فحسب بل ان الأمم المتحدة عجزت عن ان تقوم بدور المتفرج وشاركت بأكثر من صورةٍ في الحرب علينا بدءاً بمحاولة شرعنة هذا العدوان عبر القرار الأممي الجائر 2216 والذي اتخذ منه القتلة أرضيةً لكل جرائمهم قبله وبعده وحمّلوه أكثر مما يحتمل..
مروراً بالشراكة المباشرة في حصارنا عبر الآليات غير الشرعية لمنع دخول سفن الغذاء وامدادات الوقود وغيرها الى الشعب اليمني والتي تحرمها كل الشرائع والدساتير والقوانين والأنظمة ومبادئ الإنسانية والانصاف..
وصولاً الى التغطية على كل جرائم الحرب المرتكبة في بلادنا ومحاولة غسل ايدي القتلة من دماءنا في كل محفلٍ دوليٍ واممي..
هذه إذن هي “الأدوار المشبوهة” التي توَّجتها هذه المنظمة الدولية بـ”الاعتراف بالفشل في بلادنا” حينما أعلنت استبعادها من هذه المفاوضات مرغمةً لا برضاها..
تنص مواثيق الأمم المتحدة على انه لا يجوز فرض الحصار على شحن الغذاء وامدادات الطاقة الى الدول اثناء الحروب فلماذا ارتضت هذه المنظمة الدولية ان تكون جزءاً رئيسياً من هذه الآلية التي استخدمتها قوى العدوان لمعاقبة الشعب اليمني بصورةٍ جماعيةٍ على ذنب لم يقترفه..
أصدرت الأمم المتحدة العديد من التقارير التي ساوت بين القاتل والضحية وتجاهلت الأمم المتحدة مئات المجازر وجرائم الحرب التي ارتكبتها قوى العدوان وعلى الملأ وأمام شاشات التلفزيون..
ليس ذاك فحسب بل قبلت الأمم المتحدة بأن يتم استبعادها من التحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبت في بلادنا وارتضت ايضاً ان يتم إنشاء لجنة تحقيق تشكلها السعودية فكيف يعقل ان تكون انت القاتل والحكم في آنٍ واحد..
وايضاً أدانت الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي باستمرار الحق المشروع للشعب اليمني في الدفاع عن نفسه وجرَّمت عمليات الردع التي قام بها الجيش اليمني بحق اهداف استراتيجية داخل العمق السعودي فيما تجاهلت قصف الأهداف المدنية والمنازل والمستشفيات ودور العبادة في بلادنا طيلة سنين هذه الحرب..
لقد لعبت الأمم المتحدة أدوراً غير مشرفةٍ في بلادنا وظهرت كشاهد زورٍ على كل جرائم الحرب التي ارتكبت بحق المدنيين وها هي اليوم تستبعد من قبل قوى العدوان كدليلٍ على انها لم ولن تكون يوماً جزءاً من أي عملية سلامٍ حقيقة تتم في هذا البلد لأنها باختصار تعمل بصورةٍ غير محايدة وغير نزيهة ومشبوهة.
* المقاله لصحفيه تعبر عن وجهه نظر الكاتب وليس بالضروره الموقع