دبي مقابل التصعيد في الساحل الغربي
السياسية || محمد محسن الجوهري*
لم يعد خافياً على أحد بأن أبوظبي وتل أبيب وجهان لعملةٍ واحدة، وأن أي تصعيد لمرتزقة أبوظبي في اليمن هو في جوهره تصعيدٌ إسرائيلي رداً على مواقف الشعب اليمني المناهضة للعدوان على غزة ولبنان، وعندئذٍ لا يُلام اليمن على ضرب مصالح الإمارات التي هي أيضاً مصالح الكيان نفسه، خاصة دبي التي هي درة الرأسمالية الغربية في العالم العربي.
ورغم أن الإمارات تتحاشى من أي تدخلٍ علني في اليمن، إلا أن أي تحرك لتشكيلاتها المسلحة في اليمن، لا سيما في الساحل الغربي، يجعل أبوظبي ومن خلفها شقيقتها تل أبيب الجاني، فالمرتزقة أصغر وأوهن من فرض أي تصعيدٍ مسلح على الشعب اليمني، لولا دفعات الأموال والسلاح المقدمة من آل نهيان ومَن خلفهم، وبالتالي فإن الرد لن يقتصر على مواجهة التصعيد على الأرض، بل سيمتد ليشمل مكامن الوجع في الإمارات نفسها، حيث تتمركز إحدى أهم الإمبراطوريات المالية والمصالح المشتركة لمعسكر التطبيع والصهينة.
ومن المعروف أن مصلحة الكيان تقتضي السيطرة على الساحل الغربي، وهو طموح صهيوني قديم نفذه عفاش من قبل، واليوم تسعى لتنفيذه أدوات رخيصة تابعة للنظام السابق، والهدف من ذلك كله ضمان أمن السفن التجارية والعسكرية القادمة من وإلى الموانئ المحتلة، وقد نجح اليمنيون منذ عام تقريباً في قطع ذلك الشريان الحيوي، نصرةً لأهل غزة، مما ألحق أضراراً واسعة بالاقتصاد الإسرائيلي، وزاد من حدة الوضع المتفاقم أصلاً جراء مقاومة الشعب الفلسطيني قبل أن يتعقد الوضع في الشمال ويزداد كارثيةً على يد رجال حزب الله.
ولأن الوجع كبير، يسعى الصهاينة للرد على الموقف اليمني، وقد وجدوا في مرتزقة الإمارات أدوات رخيصة لتحقيق طموحهم بأقل التكاليف، ودون أن يخسروا جندياً واحداً من جيش الكيان، حتى لو سقط الآلاف يومياً من مرتزقة الجنوب وطارق عفاش، ولذلك فإن ميدان المعركة سيمتد من ساحل الحديدة وحتى ساحل دبي، وستكون الأخيرة عرضة للهجمات الصاروخية والطيران المسير، لفرض معادلة توازن الردع مع أعداء اليمن وغزة.
وبما أن صواريخ اليمن وصلت إلى أم الرشراش المحتلة التي يسميها الكيان (إيلات) وما بعدها، فإن دبي ومصالح الإمارات بشكلٍ عام، أقرب وأسهل للقصف والدمار، ومن المستحيلات أن تصمد دبي في مواجهة بعض ما تعرضت له الحديدة عام 2018، فالمدينة الإماراتية مكتظة بالعمالة الوافدة، وفي حال مغادرتهم لها، ستصبح أثراً بعد عين، ومدينة أشباح، تماماً كما تنبأت "سبك أوبس: ذي لاين" عام 2010.
ومهما كان حجم العدوان على اليمن، فإننا بفضل الله قادرون على التعافي منه، ولنا أن نتذكر سنوات العدوان التي مرت وكأنها لم تسعى لفرض أي احتلال على البلاد، لكن الحال ليس نفسه في الإمارات حيث تعيش طفرة اقتصادية مؤقتة، وستنتهي بمجرد أن تفقد المدينة أمنها واستقرارها، ومن سابع المستحيلات أن تستعيد عافيتها لاحقاً، والأسباب معروفة.
ولا ننسى أن أوراق صنعاء لا تتوقف عن الحسم من الجو، فهناك خيارات أخرى على الأرض أشد مضاضة على آل نهيان وآل مكتوم، ويكفي أن عشرة مسلحين بأسلحة خفيفة ومتوسطة قادرون على جعل دبي أو أبو ظبي خاليةً من سكانها خلال ساعات، فالمدينتان مهيأتان لحرب شوارع من الدرجة الأولى، وقد تمت دراسة الأمر جدياً على الأرض من قبل رجال الرجال، وما حدث للحاخام كوغان إلا عينة على أحداث أخرى جسام في المستقبل القريب بإذن الله.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب