السياسية/ مجيب حفظ الله

قالت صحيفة “رأي اليوم اللندنية” أن هُناك جهات عديدة مُتضرّرة من التّفاهمات السعوديّة مع حُكومة صنعاء وبالتالي فإنها ستعمل على عرقلتها.. لكن الصحيفة استدركت في افتتاحيتها أن قطار التّسوية قد انطلق بسُرعة وباتَ من الصّعب وضْع العُصي في عجلاته لأنّ البدائل مُرعبة ومرفوضة وفق تعبير الصحيفة اللندنية..
بالمقابل فإن الولايات المتحدة قد استبقت الإعلان المرتقب للاتفاق بين صنعاء والرياض بإيفاد مدير استخباراتها لوضع كومة من التحذيرات على طاولة ولي العهد السعودي في محاولة لعرقلة مساعي التقدم في عملية السلام في اليمن..
ونقلت “صحيفة رأي اليوم” عن مصادر دبلوماسية ووسائل اعلام أمريكية بأن وليام بيرنز مدير السي اي ايه الذي التقى نهاية الاسبوع الماضي بابن سلمان ابلغه رسميا استياء واشنطن من قرار بلاده التقارب مع خصومها في المنطقة ورفضها هرولة السعودية للتطبيع مع طهران ودمشق وصنعاء..
كما اكدت تلك المصادر ان بيرنز نقل لابن سلمان تحذير الإدارة الامريكية للرياض من مغبة السير في اتفاق سلام شامل في اليمن..

محاولة الامريكان اظهار قلّة اهتمامهم برعاية الصين لاتفاقية تقاربٍ بين ايران والسعودية وعدم تفاجئهم بل ومحاولة الإيحاء بأنهم لعبوا دوراً في ذاك التقارب ليس فيه من الحقيقة شيء على الاطلاق..
الحقيقة التي لا يستطيع ان ينكرها الامريكان ان إدارة البيت الأبيض في عهد بايدن فقدت الكثير من خيوط اللعبة في منطقة الشرق الأوسط..
حينما نقول ان التنين الصيني يبدو قادراً تماماً على سحب البساط من تحت اقدام أمريكا ” فإن ذاك ليس سرّاً نفشيه كما ان واشنطن هي اكثر من تعرف ان ذاك الامر بات واقعاً ملموساً ولم يعد مجرد مخاوف أمريكية..
يظهر الامريكان مخاوفهم الحقيقية من ان يتم تجاهل واشنطن في معادلة المنطقة الجديدة لذا فإن من المتوقع جداً ان يسعوا الى عرقلة كل مساراتها بما في ذلك مسار السلام في اليمن..

اثبت العجز الأمريكي في الرد على السعودية حينما تمردت على واشنطن في منظمة “أوبك بلس” ان العصا الامريكية الغليظة لم يعد لها ذات الأثر الذي كان سحرياً على كل من تتعامل معه وفق مصالح واشنطن وواشنطن فقط أما الحقائق على الأرض اليوم فإنها تثبت ان الفزاعة الامريكية لم تعد تخيف سوى الغربان..
ليس بإمكان السعودية الخروج بسهولة من تحت الجناح الأمريكي لكن بالمقابل فإن ذاك ليس مستحيلاً طالما والمتغيرات الدولية والإقليمية تؤكد بان واحدية القطب في العلاقات الدولية لم يعد لها وجودٌ رغم أنف الامريكان..
يمتلك السعوديون كل مقومات إقامة التحالفات الإقليمية والدولية المتعددة ومع ذلك فإنهم يرتضون لأنفسهم أن يكونوا مجرد ادواتٍ بيد الأمريكي والصهيوني..
حاول الامريكان اظهار تجاهلهم للتطورات المتسارعة في المنطقة بعد الاتفاق الإيراني السعودي برعاية صينية لكن حينما وصل الامر الى إمكانية وصول صنعاء والرياض الى تفاهمات مشتركة بشأن انهاء الحرب تحركت واشنطن وبعثت مدير مخابراتها للقاء ابن سلمان..

تجاوزت واشنطن محاولة اظهار عدم مبالاتها بالتفاهمات بين الخصوم التقليديين في المنطقة وسارعت لإرسال أحد اهم مسئوليها الأمنيين الى الرياض لضمان بقاء الولايات المتحدة ضمن اطار الصورة التي يتم التقاطها للمشهد المعقد حالياً في المنطقة..
على هذا الصعيد نقلت وكالة “رويترز” عن مسئولٍ امريكيٍّ وصفته بالكبير بان مدير الـ”سي آي إيه” زار السعودية لتأكيد التزام واشنطن تجاه التعاون المخابراتي بين البلدين وفقاً لتوصيف المسئول الأمريكي..
هذا التوصيف الفضفاض لا معنى له في قاموس الواقع فالحقيقة ان واشنطن خشيت ان يتم استبعادها تماماً من خارطة معادلة المنطقة التي يتم رسم بياناتها الأولية اليوم بين حلفاء الولايات المتحدة وأعداءها..
بمعنى ادق أرسل الامريكان “رئيس استخباراتهم” ليرفع العصا الغليظة في وجه السعوديين وليذكرهم بأن واشنطن لا تزال تملك كل ملفات المملكة بما فيها جرائم ملفات جرائم الحرب التي ارتكبتها السعودية في اليمن وسوريا وغيرها..
حينما نقول انه ليس من السهل على السعودية تجاهل الامريكان في معادلة الشرق الأوسط الجديد الذي يتشكل بعيداً عن الرغبات الامريكية فإن ذاك لا يعني على الاطلاق ان السعودية تضع عجلتها في السكة الصحيحة فلا يزال هؤلاء أداة أمريكية صهيونية خالصة..
ان أرادت الرياض حقاً ان تتخلص من عبئ التبعية والاستنزاف والابتزاز الذي تتعرض له من الامريكان فالاختبار الحقيقي لذلك يبدأ من اليمن فعليها ان تنهي فوراً هذا العدوان وان تنسحب من بلادنا بلا شروط وان تشرع في إعادة اعمار ما دمرته خلال ثمان سنين من العدوان العبثي المجرم على اليمن..
عدا ذلك فإن الرياض ستستمر في التخبط هنا وهناك وستجد نفسها مجبرةً على الانصياع رغماً عن أنفها في التعامل مع هذه الاستحقاقات بدلاً من تنفيذها طواعية وبرضاها.