السياسية - تقرير: مرزاح العسل*


وسط مُعاناة لا مثيل لها منذ الحرب العالمية الثانية.. يُحيي أحرار العالم غداً الجمعة، يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، للتذكير بحقوقه غير القابلة للتصرف ولإبراز المعاناة المستمرة بسبب الاحتلال الصهيوني وتأكيد الدعم الدولي لنضاله العادل من أجل الحرية والاستقلال.

ويُعد إحياء هذا اليوم مناسبة لتذكير المجتمع الدولي ولفت انتباهه مرة أخرى بأن القضية الفلسطينية لم تجد بعد طريقها للحل ولاتزال تراوح مكانها، على الرغم من صدور العديد من القرارات الدولية التي تؤكد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعلى ضرورة إنهاء الكيان الصهيوني لاحتلاله "غير القانوني" و" الانسحاب" من الأراضي الفلسطينية.

ففي الـ29 من شهر نوفمبر من كل عام يحتفل العالم بـيوم التضامن مع الشعب الفلسطيني وهو يوم خصصته الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عام 1977، ويحل هذا العام في وقت يتعرض فيه المدنيون في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023م، لحرب ابادة جماعية واستهداف صهيوني ممنهج ومتعمد من خلال سياسة التهجير القسري والتطهير العرقي والقتل والتجويع والحرمان من المساعدات واستهداف المستشفيات، في مخطط يهدف للقضاء على الوجود الفلسطيني وعلى الغزاويين الذين استشهد منهم، حتى الآن ما يقارب الـ45 ألف فلسطيني أغلبهم من النساء والأطفال والشيوخ، فضلاً عن عشرات الآلاف من الجرحى وتدمير شبه كلي للبنية التحتية لغزة.

وفي رسالته بالمناسبة أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أنه في هذا اليوم من كل عام، يقف المجتمع الدولي متضامناً مع كرامة الشعب الفلسطيني وحقوقه وعدالة قضيته وتقرير مصيره.. مشيراً إلى أن إحياء الذكرى هذا العام مؤلم على نحو خاص لأن تلك الأهداف الأساسية بعيدة المنال عما كانت عليه في أي وقت مضى.

وشدد غوتيريش على أنه آن الأوان لوقف فوري لإطلاق النار والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن؛ وإنهاء الاحتلال غير القانوني للأرض الفلسطينية، بحسب ما أكدته محكمة العدل الدولية والجمعية العامة.. مُناشداً بتقديم الدعم الكامل للإغاثة الإنسانية المنقذة للحياة إلى الشعب الفلسطيني، وتحديدا من خلال عمل الأونروا، الوكالة التي تمثل شريان حياة لا يمكن الاستغناء عنه لملايين الفلسطينيين.

وجدد تأكيده على أن الأمم المتحدة ستواصل تضامنها مع الشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف في العيش بسلام وأمن وكرامة.

بدورها دعت لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، في فعالية خاصة بالمناسبة أقامتها الثلاثاء، المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لإنهاء الاحتلال الصهيوني، وضمان محاسبة مرتكبي الانتهاكات، وتحقيق العدالة للضحايا، ودعم الحقوق التي طال انتظارها للشعب الفلسطيني.

وأكد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة فيليمون يانغ في كلمته خلال الفعالية الخاصة أن الصراع الصهيوني الفلسطيني لا يمكن حله بالقوة من أي من الجانبين، ولا من خلال الاحتلال أو المفاوضات التي لا نهاية لها.. محذراً من أن حرمان أجيال من الشباب الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية، لن يؤدي سوى إلى تأجيج اليأس والصدمة والتطرف.

وقال المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور في كلمته بالفعالية: "نحيي اليوم ذكرى اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.. وشعبنا الفلسطيني يتعرض لحرب إبادة جماعية مستمرة منذ أكثر من 400 يوم".. مشيراً إلى أن المجتمع الدولي اعتمد هذا اليوم الدولي "لمساندة حقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وفي استقلال دولته".

وأكد أن "تجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني على مدار الـ76 عاماً الماضية، والتعاون مع كيان الاحتلال بأنه دولة فوق القانون الدولي، وتوفير الحماية له للإفلات من المساءلة والمحاسبة، وعليه من العقاب على جرائمه، بل وتقديم الدعم المالي والعسكري لها، شجعه على تحدي الشرعية الدولية والقانون الدولي والتمادي في عدوانيته على كافة المستويات".

فلسطينياً.. ثمنت حركة المقاومة الإسلامية حماس في بيانا لها اليوم بالمناسبة، المواقف والجهود المؤيّدة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.. داعية الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، القدس، والداخل المحتل إلى تصعيد المقاومة بكافة أشكالها، والتصدي لمخططات الاحتلال التي تستهدف الأرض والمقدسات، كما طالبت بتحويل الأيام المقبلة، من الجمعة 29 نوفمبر إلى الأحد الأول من ديسمبر، إلى أيام غضب عالمي، يتم فيها تنظيم مسيرات وفعاليات تضامنية في كافة العواصم والمدن الكبرى، للتنديد بالعدوان على غزة والمطالبة بوقف فوري للجرائم الصهيونية.

بدوره قال حزب الشعب الفلسطيني في بيان له: إن "توسيع وحسن استثمار حالة التضامن الدولي الواسعة مع شعبنا وقضيته العادلة، والعمل على تعزيز صموده ومقاومته للاحتلال الصهيوني ومشاريعه الاستعمارية، هي مسؤولية وطنية موحدة."

من جهتها رحبت قيادة حركة "فتح" ببيان لها في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، بقرار "وقف العدوان على الشعب اللبناني الشقيق".. آملة أن "تسهم هذه الخطوة في وقف العدوان على قطاع غزة".

ومن المقرر أن تنظم الفصائل والمؤسسات عدة فعاليات إحياءً لهذا اليوم، في إطار حشد الدعم والمناصرة للقضية الفلسطينية.

وتتعدد أشكال الدعم لغزة استعدادًا للاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع فلسطين، والمقرر غداً الجمعة، والتي شملت إقامة معارض صور وعرض أفلام وثائقية تفضح الجرائم الصهيونية.

وتقيم في هذا اليوم، حركات تضامن ولجان سياسية، إضافة إلى سفارات فلسطين، والمؤمنين بعدالة القضية الفلسطينية، فعاليات ثقافية ومهرجانات سياسية وجماهيرية تضامنية.. واستجابة لدعوة موجهة من الأمم المتحدة، تقوم الحكومات والمجتمعات المدنية سنويا بأنشطة شتى إحياءً لهذا اليوم.

وفي اليمن شهدت جامعة صنعاء، الأربعاء، مظاهرة حاشدة تنديدا بالإبادة الصهيونية المستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من عام.. شارك في المظاهرة مئات الطلبة وكوادر جامعية، بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي أقرته الأمم المتحدة في 29 نوفمبر من كل عام.

أما عربياً.. فقد أعلنت كتلة الحوار في مصر، عن شراكتها مع السفارة الفلسطينية بالقاهرة لتنظيم فعالية للاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع فلسطين، الأربعاء، وذلك في إطار الاهتمام بالقضية الفلسطينية.

وفي المغرب تستعد هيئات مدنية في المغرب لتخليد اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي يوافق هذا العام يوم الجمعة 29 نونبر 2024، من خلال مظاهرات تضامنية، من أبرزها مسيرة شعبية ستُقام في الدار البيضاء يوم الأحد القادم.

وجددت سوريا في رسالة للأمم المتحدة، تأكيدها على موقفها الثابت الداعم للشعب الفلسطيني وحقوقه في تقرير مصيره والعودة إلى وطنه، وإقامة دولته المستقلة على كامل أراضيه المحتلة وعاصمتها القدس.. معربة في الوقت ذاته عن استيائها الشديد لعجز الأمم المتحدة عن وقف العدوان الصهيوني عليه، وذلك جراء الموقف المشين لبعض الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة.

فيما أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أن بلاده ترفض وتدين بشدة أي محاولة يائسة لتصفية القضية الفلسطينية.. مُجدداً دعم الجزائر الثابت والراسخ للشعب الفلسطيني في كفاحه المشروع لتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، كما أهاب بالمجتمع الدولي القيام بانتفاضة حاسمة لإحقاق الحق والعدل في فلسطين.

ونظمت الأمم المتحدة بالتعاون مع سفارة دولة فلسطين لدى الجزائر، فعالية خاصة لمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، بحضور وزير المجاهدين وذوي الحقوق العيد ربيقة ممثلا عن رئيس الجمهورية الجزائرية عبد المجيد تبون.

وأكد المنسق العام للهيئة الجزائرية الشعبية للتضامن مع فلسطين محمد الطاهر ديلمي أن الجزائر أعطت زخما قويا للقضية الفلسطينية في مجلس الأمن وعرت الدول التي تتاجر بمآسي الشعب الفلسطيني.

وبدأت مجموعات تضامنية في عدد من الدول الأوروبية فعاليات شعبية داعمة للقضية الفلسطينية بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وللمطالبة بوقف حرب الإبادة التي تشنها قوات العدو الصهيوني ضد قطاع غزة، منذ أكتوبر 2023.

وفي إطار هذه الفعاليات، شهدت العاصمة البريطانية، لندن، اليوم الخميس، مظاهرات واسعة، تطالب بوقف الحرب، والتزام الحكومة البريطانية بقرارات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ضد رئيس وزراء الكيان المُحتل بنيامين نتنياهو، ووزير حربه السابق يوآف غالانت.

ودعا اتحاد نقابات العمال في بريطانيا، إلى وقف إطلاق نار فوري ودائم، وإطلاق سراح جميع الأسرى، وطالب حكومة المملكة المتحدة بممارسة الضغط الدولي للمساعدة في ضمان الوصول إلى المواد الأساسية مثل الغذاء والأدوية في غزة، وإنهاء جميع تراخيص الأسلحة المتداولة مع "إسرائيل"، تنفيذًا للقانون الدولي، والاعتراف فوراً بدولة فلسطين.

من جانبه قال الرئيس الصينى شى جين بينج، في تصريحات له خلال تهانيه التي قدمها لاجتماع أممى، الثلاثاء: إن قضية فلسطين هي جوهر قضية الشرق الأوسط، وتتعلق بالعدالة والإنصاف الدوليين.. مُضيفاً: إن المهمة الملحة تكمن في التنفيذ الشامل والفعال لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة لإنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن وتخفيف حدة الوضع الإقليمي.

وفي إطار مظاهر التضامن، حققت القضية الفلسطينية منذ بدء حرب الإبادة الصهيونية انتصارات دبلوماسية ملموسة تجسدت بشكل خاص في إعلان عدد من الدول على غرار اسبانيا وايرلندا والنرويج وسلوفينيا، اعترافها رسمياً بالدولة الفلسطينية ليرتفع بذلك عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين الى 147 دولة.

كما تعزز الدعم والتضامن الدوليين مع الشعب الفلسطيني وقضيته بإصدار المحكمة الجنائية الدولية في نوفمبر الجاري، مذكرتي اعتقال بحق من يسمى "رئيس الوزراء الصهيوني" بنيامين نتنياهو، و"وزير" حربه السابق المدعو يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وهو الإجراء الذي لقي ترحيباً دولياً واسعاً كونه "يُعيد الأمل والثقة في القانون الدولي ومؤسساته وفي أهمية ملاحقة مجرمي الحرب" الصهاينة.

ويكتسب هذا اليوم أهمية إذ يُعتبر فرصة لإعادة تسليط الضوء على القضية الفلسطينية التي تُعد واحدة من أقدم القضايا العالقة في التاريخ الحديث إنه ليس مجرد مناسبة رمزية بل دعوة متجددة للمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني والعمل الجاد لإنهاء الاحتلال وتمكين الفلسطينيين من تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.


سبأ