السياسية: مجيب حفظ الله

مرّت ثمانية أعوامٍ على هذا العدوان وكان الصمت الدولي المخزي والموقف الأممي المتخاذل بل والشريك في كل مراحل هذا العدوان وتفاصيله هو ابرز الإنجازات الأممية في بلادنا.
لطالما كانت الأمم المتحدة محلَّ شكٍّ في كل تحركاتها طيلة هذه الحرب ليس فقط لأننا نشك في أن من يدير هذه المنظمة الدولية هم ذاتهم من يقف خلف هذا العدوان ولكن ايضاً لأن أدوارها باتت مفضوحةً وتبدو كل قراراتها وكأنها خرجت من مركز تحكمٍ مشتركٍ مع غرف عمليات العدوان.
لا نبالغ حين نتهم الأمم المتحدة بالشراكة في العدوان على بلادنا انطلاقاً من القرار 2216 الذي اتخذت منه الرياض وابوظبي غطاءً لارتكاب كل جرائم الحرب في هذه العدوان مروراً بالتقارير الصادرة عن المنظمات التابعة لها التي ساوت بين القاتل والضحية وعملت على إظهار امراء الحرب وكأنهم حمائم سلام وصولاً الى العمل بشكلٍ دؤوب على تبييض صفحات قوى العدوان في تقارير مبعوثيها المتعاقبين وفي دهاليز مجلس الامن.

على هذا الصعيد طالبت “منظمة العفو الدولية” الأمم المتحدة بالتحرك لإنشاء آلية مساءلة بديلة لجمع الأدلة وحفظها والابلاغ العلني عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان وخرق القانون الدولي وقوانين الحرب في بلادنا.
لا نزال نتذكر كيف ان هذه المنظمة الأممية تنصّلت من مسئوليتها وأوقفت عمل لجنة المراقبة الأممية التابعة لها على الرغم من ان تقاريرها لم تكن منصفةً ومحايدةً بالأساس لكنها على الأقل كانت توجه أصابع الاتهام بين الفينة والأخرى لقوى العدوان وتلمّح على استحياء لضرورة إيقاف جرائم النظامين السعودي والإماراتي.
من المفارقات اللا أخلاقية في هذه الحرب ان الأمم المتحدة سمحت لنفسها ان تجعل من المعتدين على هذا البلد هم الخصم والحكم في ذات الوقت فهل يعقل ان تترك الساحة للمجرم ليحقق مع نفسه.
أليست هذه قمة السخرية من الضمير الإنساني العالمي ووصمة عارٍ في جبين الإنسانية.

لقد تخلت الأمم المتحدة عن مسئولياتها في التحقيق في جرائم الحرب المرتكبة في بلادنا وتركت المجال للجنة تحقيق سعودية لتقوم بذلك في مهزلةٍ لم يسبق لها مثيلٌ سوى على يد أمريكيين في أفغانستان والعراق والصهاينة في فلسطين المحتلة.
لقد تنصلت الأمم المتحدة من واجباتها التي لم تكن تؤديها بالشكل المطلوب من الأساس لكن ان تترك الساحة للقاتل ليحقق مع نفسه ويبرأها على العلن فتلك هي المهزلة التي اسقطت آخر أوراق التوت التي تغطي سوءة منظمة العار الأممي.
في البداية ظننا ان تلك حركةٌ افتعلتها الأمم المتحدة لابتزاز السعوديين والاماراتيين وسرعان ما ستعود عنها حالما تحقق مبتغاها لكن مرت أعوامٌ والأمم المتحدة مجمدة لعمل لجنة التحقيق الدولية ولم تسلم هذا الملف لأي منظمة مستقلة لتمضي فيه ولو بصورة شكلية.
حينما نضع الأمم المتحدة في هذه الزاوية فمن الصعب علينا ان نعتبرها منظمة غير منحازةٍ أو حيادية بل في الحقيقة هي شريكٌ رئيسيٌ في هذا العدوان.
تقول منظمة العفو الدولية في بيانها أن عدم اضطلاع أي هيئة مستقلة وموثوقة بالتوثيق وجمع الأدلة حول الانتهاكات التي تحصل في هذه الحرب سيحرم الضحايا من حقهم في العدالة والانصاف ويخلق بيئة يسودها الإفلات من العقاب وتسهم في استمرار الانتهاكات بحق اليمنيين.
وتضيف المنظمة المعروفة بانتقادها للدور الاممي في كل الصراعات في المنطقة ان الشعب اليمني يستحق ان تتحقق له العدالة وأن تتاح له سبل الانتصاف ممن يرتكب هذه الجرائم بحقه.
لا نتحدث هنا عن قدرة هذه المنظمة الأممية العاجزة على معاقبة مجرمي الحرب السعوديين والإماراتيين ولكن على الأقل عليها ان يكون لها دورٌ فاعلٌ في رصد وتوثيق جرائم الحرب التي ترتكبها قوى العدوان.
الأدوار الأممية المشبوهة في بلادنا لا تقتصر على التنسيق مع قوى العدوان والعمل تحت اشرافها وبتوجيهٍ من داعميها لكنها ايضاً تتجاوز ذلك لما هو اخطر منه.
تتولى الأمم المتحدة ومنظماتها العاملة في بلادنا دوراً رئيسياً في التغطية على جرائم العدوان ومساعدة مجرمي الحرب في الإفلات من العقاب وهي للأسف سياسةٌ امميةٌ ممنهجةٌ ومدروسةٌ وثابتة.
لا يستطيع المرء على الإطلاق تبرأة ساحة الأمم المتحدة التي يفترض بها أن تكون غير منحازة على الأقل تجاه جرائم الحرب المكشوفة التي يرتكبها هذا العدوان.
قد يكون من المبرر عجز هذه المنظمة الدولية عن فرض الحق ونصرة المظلومين لكن ما هو غير مبررٍ وغير أخلاقيٍّ ولا انساني هو شراكتها المفضوحة في جرائم الحرب التي ترتكب بحق الشعوب واسهامها في زيادة معاناة المدنيين فقط لإرضاء واشنطن وتل ابيب وعواصم النفط وامراء الحروب.
سيكتب التاريخ بأن ثمانية أعوامٍ من العدوان انقضت ودخل العام التاسع والأمم المتحدة لم تكتفي بالتفرج على اليمنيين وهم يقتلون ويحاصرون وتنتهك كل حقوقهم في العيش الكريم بل ايضاً شاركت في كل هذه الجرائم بصورٍ مختلفة وفي اكثر من مناسبة ولا تزال.

المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع