نصر القريطي (السياسية):
بدخول عقارب الساعة باحة اليوم السادس والعشرين من شهر مارس فإن تقويم العام التاسع من هذا العدوان يفتح صفحته الأولى..
بعد ثلاثة آلاف يومٍ من الحرب العبثية والتخبط السعودي الاماراتي والجري وراء الزيف الأمريكي الصهيوني لا تزال الرياض وابوظبي تلهثان وراء الوهم ولا تزال حربهم المجرمة علينا قائمة على قدمٍ وساق..
حتى الهدنة الزجاجية الطويلة التي تغلّف الحقيقة البشعة لهذه الحرب فإنها وفقاً لمن يريدون ان يروا الحقيقة المجردة ليست اكثر من صورةٍ أخرى من صور إطالة امد العدوان..
نعم ان هذه الهدنة ليس من في ثقافة هؤلاء اكثر من استمرارٍ للامساك بخيوط معاقبة هذا الشعب بصورةٍ جماعية على ذنب لم يقترفه.. وصورةً أخرى لاستمرار العالم المنافق في التفرّج على هذه الكارثة انسانية التي صنعتها أيدي امراء الحرب السعوديين والاماراتيين في بلادنا..
اللافت هو أنه وبالتزامن مع الذكرى الثامنة لهذا العدوان كشفت وكالة “ستاندرد أند بورز” عن أن السعودية تمضي قدماً في خطة ما قالت الوكالة الامريكية أنه بناء سياج فاصلٍ بطول 900 كيلو مترٍ بهدف إغلاق حدود المملكة مع اليمن..
قبل الخوض في تفاصيل هذه المهزلة التي خلّفت كارثة إنسانية صنعتها أيدي البشر علينا ان نسأل أنفسنا هل حقاً تعرض امن المملكة يوماً للتهديد من اليمن..!
هل كان الحفاظ على امن المملكة أحد أسباب قيام هذه الحرب العبثية واستمرارها طيلة ثمان سنوات ولا بارقة أملٍ لتعقل من اشعل نيرانها..!
يحق لنا اليوم وقد وضعنا اقدامنا على أولى صفحات العام التاسع من هذا العدوان أن نسأل قاتلينا ومحاصرينا والمعتدين ومن يقف خلفهم ومن يغطيّ على جرائم حربهم “ما الذي أردتموه حقاً من وراء هذا العدوان..!”
هل مخاوفكم منَّ هذا الوطن حقيقيةٌ ومبررةٌ أم انكم فقط تتخذون منها ذرائع لتنقضوا على هذا البلد الذي لطالما اعتبرتموه وأنتم الطامعون فيه دوماً من أيام مؤسس مملكتكم الشريرة..!
للإجابة على هذه التساؤلات علينا ان نضع انفسنا مكان قاتلينا بصورةٍ افتراضية ونسأل أنفسنا هل المخاوف السعودية من هذا البلد حقيقيةٌ ومبررةٌ أم أن تَرِكَةَ المؤسس وعقليات قطّاع الطرق هي من تحكم أسرة قرن الشيطان وهي ما توارثوه وتعاهدوا على المضي فيه جيلاً بعد جيل..
دعونا من أكاذيب الشرعية وزيف نصرتها وفزاعات الدنابيع التي كنتم أنتم أول من أسقطها وبالضربة القاضية وقضيتم على كل ذرة شرعيةٍ لمرتزقتكم ان كانت موجودةً أصلاً..
دعونا من هذا الدجل الماسخ واجيبونا بحقّ الى أين أردتم ان تذهبوا وما الذي توقعتموه من هذه الأمة العظيمة التي سطّرت في كتب التاريخ رفضها للغزاة والمحتلين في كل العصور..
الإجابة على هذا التساؤل معروفةٌ سلفاً فاليمن لم ولن يكون يوماً مصدراً لتهديد المملكة بل هو بوابة الخير لها والكتف الذي يفترض ان يستند عليه حكام مملكة الرمال لو كانوا يعقلون..
تقول الوكالة الأمريكية المتخصصة انها أطلعت على وثائق سعوديةٍ رسمية تؤكد مضي المملكة في البحث عن شركة عملاقة تتبنى هذا المشروع الضخم الذي لا يقتصر على إقامة سياجٍ عازلٍ بين السعودية واليمن بل يتضمن ايضاً إقامة مهابط للطائرات العمودية وابراجاً عملاقة للأمن وشبكة طرقٍ عنكبوتيةٍ واسعة..
يضيف التقرير أن ما يسمى بخطة حماية الحدود الجنوبية ستغلق في نهاية المطاف حدود المملكة مع اليمن تماماً..
وفقاً لهذا التقرير ايضاً فهذه الفكرة ليست وليدة اللحظة وليست ايضاً أحد أسباب هذا العدوان كما أدعى امراء الحرب فقد خرجت هذه الفكرة الشيطانية من قرني آل سعود لأول مرةٍ في العام 2003..
إذن لا علاقة لحماية أمن المملكة بالعدوان على بلادنا وليس هناك ما يمكن ان يدفع المملكة للتفكير بهذا القرار فحتى لو اخذنا مسألة التهرّب الى داخل المملكة بالحسبان فإن من يذهبون الى هناك من اليمنيين لا يشكلون في نهاية المطاف اي تهديدٍ للسعودية وأمنها لأنهم يذهبون للبحث عن فرص للعمل وإعالة ذويهم في الداخل اليمني وذاك يتم دائماً تحت أضواء الحكومة والأمن وكل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية السعودية..
من وجهة نظرنا فإن المشكلة ليست في الحدود الجغرافية الشاسعة بيننا وبين هؤلاء بل هي في عقلية الشيطان الساكنة في رؤوس حكامهم والتي توارثوها أباً عن جد..
ان كنتم حقاً تريدون أن تضمنوا أمنكم وتأمنوا حدودكم وتتجنبوا مسيراتنا وصواريخنا وبأسنا فما عليكم إلا إيقاف الحرب ورفع الحصار وترك اليمنيين يقرروا مصيرهم بأنفسهم..
عليكم ترك اليمن وشأنه وعدم التدخل في شئونه الداخلية والتعامل معه وفق المعايير الدولية التي تجرم التدخل في شئون الدول والارتباط بجماعاتها الداخلية وأحزابها ومكوناتها السياسية والاجتماعية والشخصيات الفاعلة فيها..
عدا ذلك فإن امن السعودية هو من أمن اليمن كدولة جوارٍ ناهيك عن حرص اليمنيين على أمن المملكة قبل أمنهم بالدرجة الأولى لأنها ارض الحرمين الشريفين..
كل يمني يعتبر نفسه جنديّاً لحماية أقدس مقدسات المسلمين الذين شاءت الأقدار ان يحكمهما آخر من يمتلك حق الوصاية عليها الذين ينشرون الدمار في كل بلدٍ عربيٍّ اسلامي بدل ان يكونوا عمود خيمة العرب والمسلمين..
في نهاية المطاف فإن ما تحتاجون اليه ليس سياجاً يفصلكم عن اليمن الذي صورته لكم أوهام الامريكان والصهاينة بانه يمثل تهديداً وجودياً لكم..
ما تحتاج اليه السعودية اليوم هو سياجٌ منيعٌ من الإنسانية والقيم والأخلاق والدين والتوبة ومراجعة الذات والخروج من تحت عباءة الامريكان والصهاينة الذين جعوا منكم خنجراً مسموماً في خاصرة العرب والمسلمين..!