السياسية: تقرير: مهدي البحري

 

من حي النور بمنطقة بني حوات بأمانة العاصمة، استهل تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي جرائمه الوحشية بحق الشعب اليمني بعد منتصف ليل الخميس 26 مارس 2015م، مخلفا عشرات الضحايا، جلهم من الأطفال والنساء.

جريمة حرب مكتملة أكدت وحشية وهمجية دول العدوان منذ الوهلة الأولى لعدوانها غير المبرر على اليمن، وتعمدها استهداف الأطفال والنساء والمدنيين في منازلهم، متجاوزة بذلك كل الحدود والقيم والأخلاق والأعراف وحتى القانون الدولي الإنساني الذي يجرم استهداف المدنيين أو أي أعيان مدنية.

يضم حي النور كغيره من الأحياء الشعبية بالعاصمة صنعاء، عشرات المنازل السكنية المتقاربة والتي يقطنها المئات من اليمنيين الذين فوجئوا كغيرهم من سكان العاصمة بتحليق مكثف لطيران العدوان تزامنا مع أصوات انفجارات مدوية في مناطق مختلفة أيقظت كل السكان من نومهم، قبل أن يفجع الجميع بالمجزرة المروعة بحق ثمان أسر جلهم من النساء والأطفال.

أسفرت المجزرة بحسب الإحصاءات الرسمية عن استشهاد (29) مدنيا بينهم (15) طفلاً، وخمس نساء، وإصابة (43) آخرين بينهم (13) طفلا و(10) نساء وتدمير كلي لـ (14) منزلا، و(16) سيارة، وإلحاق أضرار بالغة بأكثر من (43) منزلا.

لـم يكن يتوقع الكثير من اليمنيين أن تصل الجرأة بدول العدوان حد استهداف الأحياء السكنية، كما لم يظنوا بأن مـا حدث في بني حوات لم يكن سوى البداية لسلسلة جرائم ومجازر أبشع وأشنع وأوسع نطاقا، والتي أمعن العدوان في ارتكابها على مدى السنوات الماضية.

لم يعتد سكان صنعاء مثل هذا القصف أو الجرائم فالكارثة كانت أكبر مما يتصورها المواطن، والفاجعة أكبر مما يتخيلها عقل إنسان، فأشلاء الأطفال والنساء متناثرة والجثث مترامية والدماء تسيل والصراخ والأنين يعمان مسرح الجريمة.

فبعد أن كان الجميع ينعمون بالهدوء والسكينة خلال ساعات الليل الأولى تحول المكان فجأة وبدون سابق إنذار إلى جحيم وأشلاء ودماء، ووحشية مفرطة كشفت مدى الحقد الدفين الذي يكنه قادة العدوان ومرتزقته لليمن واليمنيين.

وفي الذكرى الثامنة لهذه الجريمة البشعة اعتبر الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة الدكتور أنيس الأصبحي قصف حي “بني حوات” جريمة حرب، وإبادة جماعية للأطفال والنساء اللواتي أزهقت الغارات أرواحهم بلا رحمة أو شفقة حتى أن إحداهن كانت تحمل جنينا في أحشائها والذي اختلطت دماؤه بدماء أمه وصعدت روحاهما معا قبل أن يرى الدنيا.

وأوضح أن حجم الخراب الذي لحق بالمنازل التي دمرت غالبيتها بشكل كامل على رؤوس ساكنيها، زاد من هول الصدمة النفسية لدى أهالي الحي وجعل من تبقى منهم على قيد الحياة يعيش حالة نفسية لا يمكن تجاوزها بسهولة.

وذكر أنه وحتى المنازل التي تبعد عن موقع القصف بأكثر من الفي متر تضررت بشكل كبير، وتهشمت واحترقت عشرات السيارات واحدى محطات الوقود، وتحولت كل المنطقة إلى خراب، بينما يتساءل الجميع عن سبب استهداف حيهم بهذه الوحشية.

وأكد الدكتور الأصبحي أنه تم توثيق تلك الجريمة البشعة من قبل منظمة “هيومن رايتس ووتش” والتي اطلعت على معطيات الجريمة ونوعية الأسلحة التي استخدمها طيران تحالف العدوان لاستهداف الحي بشكل مباشر.

وطالب بتشكيل لجنة دولية ومستقلة للتحقيق في كافة الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها وما تزال دول تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي في اليمن، وإحالة مرتكبيها إلى المحكمة الجنائية الدولية لينالوا جزاءهم.

كما دعا إلى تشكيل لجنة وطنية للتحقيق في كافة الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها دول تحالف العدوان منذ بداية العدوان في الـ 26 مارس 2015م، وكذا تفعيل الملف الحقوقي القانوني لحصر كافة الأضرار التي لحقت بكافة الأعيان المدنية والهيئات والمؤسسات والمواطنين من جراء العدوان والحصار، وإعداد ملفات كاملة وشاملة بذلك تمهيدا لتقديمها إلى القضاء الوطني والدولي.

بدورها رئيس منظمة انتصاف لحقوق المرأة والطفل سمية الطائفي أوضحت أن سكان العاصمة اليمنية صنعاء فوجئوا بعد منتصف ليل الخميس الموافق 26 مارس 2015م بتحليق مكثف لطيران العدوان بالأجواء تزامنا مع سماع أصوات انفجارات قوية دوت في مناطق مختلفة من العاصمة وأيقظت جميع السكان من نومهم.

وقالت “تبين بعدها من خلال الإعلام أن السعودية قد بدأت بشن الحرب على اليمن، واستهدفت طائراتها الحربية بعض الأحياء السكنية والمنشآت الحيوية، ومن ضمنها مطار صنعاء الدولي، كما قصفت حياً سكنياً في منطقة بني حوات الواقع بالقرب من المطار”.

وأشارت رئيسة المنظمة إلى أن حي النور بمنطقة بني حوات هو عبارة عن حي عشوائي يتكون من عشرات المنازل السكنية المتقاربة التي يقطنها المئات من المواطنين.. لافتة إلى أنه نتج عن قصف الحي سقوط العشرات من المدنيينً ما بين قتيل وجريح بينهم جنين في الشهر التاسع، كما جرح العشرات أيضا، حيث تم انتشالهم من تحت الأنقاض وكانت إصاباتهم خطرة.

مشاهد الأشلاء المتناثرة والجثث المتفحمة والأجساد الهزيلة لن تمحى من الذاكرة وستبقى وصمة عار في جبين الإنسانية والمنظمات الدولية التي غضّت الطرف عن جرائم العدوان بحق أطفال اليمن واستخدامه الأسلحة المحرمة دولياً ضد الشعب اليمني.

وعلى الرغم من مضي ثمان سنوات على جريمة تحالف العدوان بحق أهالي حي النور إلا هذه المذبحة وما لحقها من مجازر ستظل شاهدا على وحشية وإجرام قادة هذا العدوان والأنظمة المتحالفة معهم، ولا يمكن أن تسقط بالتقادم.

 

سبأ