ميادة العواضي

تُطوى الليالي والأيام، وتنصرم الشهور والأعوام، ويأتي رمضان محملاً بكل خير وبركة, تسعى النفوس قبل الأبدان لاستقباله، ذكره يداعب القلوب والأفئدة، هو الفرحة الوحيـدة التي تتجدد ، بُمجرد ما نتذكّر إن رمضان على الأبواب تغشانا السكينة والطمأنينة، ونحس بُخشوع ورغبة في بلوغه.
رمضان قادم، ماذا لو فتحنا له قلوبنا قبل أن تفتح جيوبنا وبطوننا، ماذا لو لم نفرط في مواسم الطاعات، ماذا لو كانت بداية لسكينة أرواحنا ونتعلم التسامح ليكون مبدأ في رمضان وما بعده، كن ممن ينشر السعادة بطلاقة وجهه، واستقبال الناس بالخير، ومبادرتهم بالتحايا الطيبة الصادقة.

ماذا لو تحلينا بخلق كظم الغيظ، في كل حياتنا ونجعله منهاج حياة، فقال جل وعزّ: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، درب نفسك في رمضان وسائر الأيام بقهر الغضب بالحلم، واجتناب بواعث الغضب وأسبابَه.

رمضان يقترب، ماذا لو تقربنا الى الله عز وجل وننال رضاه ونفوز بالجنة بوصلنا للرحم، والإحسان للأهل والأقارب، ورسم البسمة على وجوه أحبتنا وأقاربنا، وبناء الكثير من جسور الودّ والمحبة، فتتيسر لنا الكثير من المصالح التي بها تتقدّم عجلة الحياة نحو الخير والسعادة، والنجاة من العديد من المصاعب، وزيادة في بركة العمر وتوفيقًا للطاعات.
ماذا لو جعلنا تقوى الله أمام أعيننا دائماً ويكون رمضان بداية لجعل بيننا وبين الله ما نتقي به عذابه، وندرب النفس على صلاح للروح وزكاة للنفس ومفازة في الآخرة، وقد كانت التقوى هي العلة الأولى للصيام، حيث ذكرت التقوى في الآية التي فرض فيها الصيام، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.

ها نحن نستقبله، ماذا لو تعلمنا وجاهدنا أنفسنا على عدم الإسراف، فقد قال الله عز وجل: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ﴾، فالجوع في رمضان لا يبرر كثرة الإنفاق والتبذير، فالمبذر أخ للشياطين، دعونا نهذب أنفسنا بان إهدار المال بغير وجه حق لا يجوز في رمضان وسواه، فالإسراف والتبذير يخرج رمضان من شهر للعبادة إلى شهر للإنفاق على الملذات لا أن يكون شهر الطاعات.

ماذا لو تجنبنا النار بتفقد المحتاجين في شهر رمضان وجعلناها من عاداتنا التي لا تفارقنا ابدا وربينا عليها ابنائنا، وقد أوجب الإسلام على المسلم أن يتفقد إخوانه، وحذر النبي-صلى الله عليه وسلم- من أن يجوع أحد الجيران, فقد قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى﴾، نحن حاجه لتعاون المجتمع الإسلامي ليكون المسلمون كالجسد الواحد في تفقد المحتاجين.

ها هو رمضان على الأبواب، يتم استقباله بالزينة وما لذ من المأكل والمشرب فننسى أنه شهر تهذيب للنفس ومن ذلك التهذيب ترك الفحش في الكلام، وترك قول الزور والغيبة والنميمة.