مجيب حفظ الله

 

القت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية حجراً في بركة العلاقات السعودية الإماراتية الراكدة في بلادنا ثم تركت المشهد للصحافة الغربية والمراكز البحثية الدولية لاستقراء مستقبل هذه العلاقة غير المشروعة..

يقول “موقع موند فريك” أن الجدل العنيف بين الحليفين السعودي والإماراتي لا يقتصر على التوتر والخلافات داخل منظمة أوبك بل يبدو اكثر جلاءً في مستقبل العلاقة بينهما في الحرب اليمنية..
وينقل الموقع الفرنسي عن محللين سياسيين أنه على الرغم من مواصلة الطرفين الحديث عن شراكتهما في اليمن إلاّ ان العصر الذهبي لمواءمتهما قد ولّى وانتهى..

في الحقيقة فإن السعوديين والاماراتيين لم يكونوا يوماً حلفاء لأن ممالكهم تأسست على فكرة الانقضاض على كل حليف عندما تحين الفرصة المناسبة لذلك..
لذا فإن التحالف القائم بين الرياض وابوظبي في بلادنا لم يكن سوى مرحلةً من مراحل هذه العقلية المريضة التي تأسس عليها هذين النظامين..
ان استقراء مستقبل العلاقات السعودية الإماراتية في بلادنا يعتمد على فكرة من سيسدد الطعنة القاتلة لحليفه قبل الآخر على الرغم من كثرة الطعنات الجانبية التي تبادلها الطرفان طيلة أمد هذه الحرب التي توشك على فتح صفحة عامها التاسع..

في الحقيقة ان عبارة ان زمن الشراكة بين هذين الحليفين اللدودين قد ولّى في اليمن هي الأكثر تعبيراً وتصويراً لحقيقة هذه الشراكة بين الرياض وابوظبي..

لطالما انكر الحليفين وجود صراع بينهما في بلادنا ولربما ساعدت الأهداف المشتركة في احتلال بلادنا واستغلالها على إخفاء هذا الشرخ بينهما لكن الصورة اليوم تختلف كثيراً فالأمر يتجاوز الصراع بينهما الى حد سعي كلٍّ منهما للقفز من مركب العدوان وترك حليفه ليغرق عليه وحده..
نعم تسعى الرياض وابوظبي لتقديم الأخرى ككبش فداءٍ للخروج من عنق الزجاجة اليمني الذي حشرتا دولتيهما فيه..
الأمر ليس بهذه السهولة لكن الصورة العامة تؤكد ان الغدر الذي هو طابع هاذين النظامين صار السمة الأبرز في العلاقة بينهما في اليمن..

وفقاً لـ”موند فريك” الفرنسي فإن حليفي الأمس لم يعد يجمعهما الشأن اليمني حيث تتجه السعودية للتفرد بالمحادثات مع أنصار الله في حين تتجه الامارات لمحاولة تثبيت أقدامها في مواقع استراتيجية في بعض مدن وجزر الساحل الجنوبي لليمن..

من وجهة النظر السعودية فإن المساعي الإماراتية لا تفعل شيئاً لمساعدة الرياض على ضمان أمنها وتأمين حدودها في مواجهة اسراب الطائرات المسيرة التي باتت تحج الى المملكة مع ثبوت عدم القدرة على التصدي لمعظمها..

بدوره يرى العدو الاماراتي انه ساعد  الرياض في الاستيلاء على مدن الجنوب وانتزاعها من يد الحوثيين لكن الرياض اليوم تسعى لتسليم مقاليد السلطة هناك للميليشيات التي تتبعها وتتجاهل حلفاء الإمارات..

يقول الموقع الاستقصائي الفرنسي ان الطعنات المتبادلة بين الطرفين في اليمن لا تقتصر على المحددات العامة بل ان الميليشيات التابعة لكل طرف تسعى للقضاء على ميليشيات الطرف الآخر الأمر الذي حال دون استتباب الأمور لأي منهما طيلة سنين الحرب المنصرمة..

ان الصراع السعودي الاماراتي في بلادنا هو صراع المستعمرين الذين لطالما كانت اطماعهم ومصالحهم تتقاطع مهما كانت درجة التحالف بينهم فهؤلاء ليسوا اكثر من محتلين سعوا في البداية لتقاسم الكعكة اليمنية ثم وجدوا انفسهم غارقين في مستنقعات مطامعهم..

تذهب الصحيفة الفرنسية الى التأكيد على ان مستقبل الصراع بين هذين الحليفين لن يقتصر على مجرد تبادل الاتهامات والتفرد بدعم الميليشيات المحلية التابعة لكل منهما بل ان الامر يتطور لمحاولة كل منهما القاء تبعة واثار هذه الحرب بمجملها على الطرف الآخر..
هذا يفسر اذن المساعي السعودي المحمومة لإزاحة حلفاء الامارات من المشهد اليمني في الجنوب بدءاً بتعيين مجلس رئاسي بقيادة العليمي وتهميش جميع نوابه وصولاً الى التفرد بتسليم مناطق السيطرة والنفود في عدن وبقية المدن المحتلة لقوات ما بات يعرف بدرع الوطن التي تتبع السعودية مباشرة.