ريما فرح*

حزب الله كان على دراية بأجواء اللقاء الثلاثي الذي حصل برعاية صينية بين السعودية وإيران وعلى يقين أن عودة العلاقات بين البلدين من شأنها حلحلة الكثير من الملفات العالقة في المنطقة.

بدأت الإحاطة حول طرح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وتبنّيه رئيساً للجمهورية من قبل حزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري تتكشّف.

في التفسير الأول والأخير الداخلي لهذه الخطوة سليمان فرنجيه هو مرشح الثنائي الوحيد الموجود على الساحة المسيحية الحليف التاريخي والدائم والذي أُعطيت له الكلمة الفصل قبل انتخاب الرئيس ميشال عون. فبكل المقاييس السياسية والاستراتيجية هو الشخصية التي تنطبق عليه “الرئيس الوطني الذي لا يطعن المقاومة” والرئيس الذي تربطه مع الرئيس بري علاقة فيها “كيمياء” متكاملة.

صحيح أنّ الخيار في تبنّي ترشيح فرنجية هو بحت لبناني، إلا أن السيد نصر الله وبري يدركان تماماً أن تحقيق انتخاب رئيس للجمهورية يتطلّب توافقاً إقليمياً يسهّل المخرج الدستوري لعملية الانتخاب، يبدأ بانضمام عدد من الكتل والأحزاب للترشيح وينتهي بتأمين الممتنعين عن التصويت لفرنجية بتأمين نصاب جلسة الانتخاب في المجلس النيابي. فهل كان طرح تبني فرنجية مجرد توقيت داخلي أم أن العلم بالاتفاق السعودي الإيراني حفّز من الخطوة؟

يمازح أحد المعنيين في جلسة سياسية رداً على ما سبق، بالقول “اطلب العلم لو كان في الصين، ولتحضير الحاجيات وللوصول إلى الصين يكون الأهل والأقرباء والأصدقاء قد علموا بالخبر المفرح…”

ما يعنيه هذا الكلام أن حزب الله كان على دراية بأجواء اللقاء الثلاثي الذي حصل برعاية صينية بين المملكة العربية السعودية وإيران وعلى يقين بأن عودة العلاقات بين الرياض وطهران من شأنها حلحلة الكثير من الملفات العالقة في المنطقة أولى ترجماتها زيارة وزير الخارجية السعودية إلى سوريا.

لبنانياً حتى هذه الساعة لا يزال الترويج للفيتو السعودي على سليمان فرنجية نشطاً، انطلاقاً من الموقف “الأوّلي” لسفيرها في لبنان، وليد البخاري، ولرغبات سياسية معينة، إلا أنه في الحسابات السياسية للدول تسقط كل تلك الفيتوات مع استدارة مبرّرة.

فالمملكة ليس لديها أيّ مرشح رئاسي، وليس لديها أي تيار سياسي تطلب له مكتسبات، وكل من عوّلت عليه لم يحقّق لها أي رغبة أو هدف. تريد السعودية لبنان الصديق وهي تتعاون مع أي طرح يحمي وجوده المعنوي والسياسي شريطة أن تمنح هذه المساحة مقابل مكتسبات تدور في فلكها مع إيران. وأوضح ترجمة للاتفاق الذي حصل جاء من جون كيربي الذي “رحّب بأي جهود تساعد في إنهاء الحرب في اليمن وخفض التوتر في الشرق الأوسط”.

ما تريده الرياض من إيران هو حل المسألة اليمنية من دون خسائر، فهو الملف الأهم الذي يقلقها خصوصاً أنها ترغب في إقفال باب التوتر على حدودها في ظل حركة الإنماء والتطوّر التي تتقدّم وتتطوّر في بلادها يومياً. هذا الباب الأساسي لا يعني أن السعودية ستعطي لحلفاء إيران كل الأوراق اللبنانية لكنها بالطبع ستسهّل ما يمكن تسهيله كرئاسة الجمهورية ويكون لها رأي وازن في الشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة. وهو ما لن يرفضه حزب الله ولا فرنجيه بل سيكون الاتفاق سلة واحدة، وهو أمر حتى الآن لم يبدأ البحث فيه.

لا شكّ أن الاتفاق الإيراني السعودي بداية إيجابية تخفّف من التوترات في المنطقة وواضح أنه يحظى بمتابعة أميركية. فالولايات المتحدة كما قال المتحدث باسم البيت الأبيض كانت على علم بتقارير استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين. كما أن البيانات السريعة المتلاحقة من الدول المرحّبة والمباركة تشير إلى مدى أهمية هذا التقارب، الذي ستليه خطوة تقارب أخرى بين سوريا وتركيا باجتماع سيجمعهما بموسكو بحضور إيراني، فالمنطقة تشهد تحوّلات كبيرة ولكل ذلك إيجابياته الكبيرة على لبنان، لكن يبقى التوقيت غير معروف.

* المصدر: الميادين نت
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع