خليل نصرالله*

 

صحيح أن العدو الإسرائيلي يمتلك إمكانات جوية واستخبارية عالية، تمكنه من الوصول إلى أهداف متوسطة المدى، لكن السؤال هو حول جدوى أي عدوان يقوم به، وما يتضمنه من اشتباك استخباري أيضًا. ليست المرة الأولى التي يُغير فيها طيران العدو الإسرائيلي على مطار حلب، مستخدمًا صواريخ موجهة من فوق البحر، ضربة فجر الثلاثاء هي الرابعة منذ سنوات كحد أدنى. لكن ما جدواها؟

يتذرع الإسرائيليون من خلال اعتداءاتهم بمنع وصول سلاح كاسر للتوازن للمقاومة في لبنان، كذلك تعطيل الشراكة الإيرانية – السورية في مجال الدفاع، والمنظومات الصاروخية. لكن في واقع الأمر هم يعترفون بأن هذه المعركة المكلفة، لا تعطي درجات عالية من المراد، بالتالي هم يؤخرون عملية “تموضع” أو تعاون، ولا ينهونها.

في السادس من شباط، ضرب زلزال جنوب تركيا وشمال سوريا، وأصاب المنطقة بأضرار بشرية ومادية بالغة، ما استدعى فتح الأجواء لتدفق المساعدات الطبية والإغاثية. مُدَّت سوريا بجسور جوية من حلفاء وأشقاء وشركاء. وحطت طائرات من دول أوروبية في مطاراتها.

في هذه المرحلة، من المؤكد وفق معطيات أن التركيز هو على جهود المساعدات وعلى مطار حلب الدولي الذي يعتبر الجسر الجوي الوحيد إلى الشمال السوري، والذي يختصر مسافات ويقلل وقتًا لوصول المساعدات، وبالتالي من البديهي تحييده عن أي عمل آخر، وإن كان في الأيام العادية الأمر ليس كما يصوره العدو الإسرائيلي.

ضرب المطار وإخراجه من الخدمة يعد عملًا عدوانيًا وقحًا، في ذروة حاجة الشمال السوري إلى المساعدات. وتشير معطيات إلى أن الإسرائيليين تقصدوا توجيه الضربة العدائية في هذا الوقت، مع عدم استبعاد إمكانية تنسيقهم مع الأميركيين، إذ تسمح واشنطن للكيان بفعل ما يريد في سوريا، كنوع من مراعاة المتطلبات الأمنية الإسرائيلية.

والأهم أن مطار حلب الدولي لا تحط فيه طائرات إيرانية فقط – ان كانت هذه هي الذريعة – إنما طائرات مساعدات من الإمارات والعراق وروسيا والجزائر ودول عربية أجنبية أخرى، بالتالي إن التعرض له في ظل عمله الحالي يعزز من فرضية “الوقاحة” في الاستهداف.

في المحصلة، إن أحد أبرز أهداف استهداف مطار حلب وإخراجه من الخدمة، في هذه المرحلة، هو عرقلة تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية، وهو ما سيكون له تأثير سيئ على واقع السوريين. كما يعد الأمر رفضًا إسرائيليًا لتخفيف الحصار عن دمشق.

لكن في البعد الأمني، تشير التقديرات إلى أن الهدف الإسرائيلي من الضربات المتتالية، ومنها استهداف مطار حلب، لا تحقق الأهداف المرجوة. خاصة أن الإسرائيليين أنفسهم يعترفون بإخفاق في تحقيق أهداف معركتهم بين الحروب، وأن ما تحققه الضربات في سوريا متواضع أمام ما رسم. وعليه يمكن مراجعة التقارير التي تصدر عن مجلس الأمن القومي الإسرائيلي سنويًا، وتدعو إلى ابتداع أساليب أخرى للمعركة، إلى جانب الضربات لتحقيق الأهداف، منها عملية تشديد الحصار على سوريا وخنقها اقتصاديًا.

* المصدر: موقع العهد الاخباري

* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع