السياسية- متابعات:

ثبّت قائد حرس الثورة اللواء حسين سلامي، رسائل الردع والقوّة التي عكستها تصريحات قائد القوّات الجوفضائية في حرس الثورة العميد حاجي زاده في مقابلته التلفزيونيّة مساء أمس، وقال في تصريح اليوم إنّ “نطاق شعاع قدرتنا نحدّده نحن، ومعيار القوّة الردعيّة والدفاعيّة معادلة التأثير”.

ففي يوم الحرس، أظهر مقطع فيديو نشرته طهران مسيّرة “غزّة”، الحاملة برمزيّة اسمها دلالاتٍ قويّةً عن التأثير الإيراني وبُعده الجغرافيّ وصولاً الى البحر المتوسّط، بالتوازي مع اقتراب أنظمة الدفاع الجوّي الإيرانية من فلسطين المحتلّة، بعد زيارة قائد الدفاع الجوّي السوري صلاح الدين كاسر الغانم إلى طهران، وتأكيد نية الاخيرة إرسال هذه الأنظمة إلى سوريا.

من جهته، رجّح التلفزيون الإيراني تزويد سوريا براداراتٍ وصواريخ دقيقة، وتحديداً أنظمة الدفاع الصاروخي من طراز 15 خورداد وصاروخ صيّاد 2. وهنا يقرع الإعلام الإسرائيلي جرس الإنذار، محذراً الطائرات الحربيّة من أن تُسقط تلك الأنظمة كما فعلت مع المسيّرة الأميركيّة منذ أعوام.

وقد كشف سلامي أنّ القوّة تلك “لم تعد اليوم على أساس معادلات توازن القوّة، بل على أساس معادلة التأثير”. فما هي الأوراق التي تملكها إيران في هذه المعادلة؟ وأيّ صدىً لهذه التصريحات في واشنطن و”تل أبيب”؟

 

سلامي: لا يمكن أن ندافع عن أمننا القومي ونحن نقف على حدودنا

صرّح سلامي اليوم بأنّ “إيران، مثل الولايات المتحدة، لديها ساحة تأثير، وما يريده أعداء إيران هو إلغاء تأثيرنا في هذه الساحة، ونحن أيضاً نسعى الى حذف تأثيرهم، واليوم لا يمكن أن ندافع عن أمننا القومي ونحن نقف على حدودنا، لقد وسّعنا جبهتها وجزّأنا عدوّنا”.

وأضاف: “كنّا نحارب سابقاً على ضفّة شطّ العرب ونهر كارون، واليوم نحارب على أطراف البحرين المتوسّط والأحمر”.

ويُشير كلام سلامي إلى نطاق اتّساع دائرة التأثير ويتحدّث عن شعاع القدرة المنطلق من إيران، كما يفتح المجال على مصرعيه أمام نطاق تأثير يحدّده الإيرانيون.

ويتقاطع ذلك مع تصريحات قائد القوة الجوفضائية في حرس الثورة العميد علي حاجي زاده، الذي أطلق رسائل التهديد المباشرة للولايات المتّحدة، محذّراً من أنّ أسطولها البحري بأكمله في مرمى الصواريخ الإيرانية، مهما ابتعد عن حدود إيران.

 

ماذا يقصد قائد حرس الثورة من معادلة التأثير؟

وفي هذا السياق، أكّد محلّل الميادين للشؤون الإيرانية سياوش فلاح بور أنّ اللواء سلامي أنّ “معادلة التأثير، أبعد من معادلة توازن القوى، فهي تمكّن طهران من أداء أدوار رئيسيّة بارزة على نطاق واسع وفي مناطق بعيدة جداً عن حدودها الجغرافيّة”.

وأشار إلى أنه “عادةً بالنظر الى علم العلاقات الدوليّة، تُشير هذه المعطيات وتقود هذه المؤشّرات إلى ظهور قوى جديدة على الصعيد الإقليمي أو على الصعيد الدولي، وهي القوى التي تزداد مساحة تأثيرها خارج حدودها، بالرغم من إرادة القوة المسيطِرة على الأغلب، وهذا ما يُشير بالتحديد إليه اللواء سلامي في كلامه بشأن الحرب على ضفّة شط العرب سابقاً وعلى أطراف البحرين الأبيض المتوسط والأحمر اليوم.

وتابع: “بطبيعة الحال، فإنّ جزءاً من هذه القوة والمعادلة الجديدة يعود للداخل الإيراني حيث التماسك بين الشعب والنظام، والجزء الآخر بطبيعة الحال يتعلّق بعلاقات إيران مع الشعوب والأنظمة المُقاوِمة في هذه المنطقة، وبالتحديد دعم إيران للمطالب التاريخيّة لهذه الشعوب في مجال مكافحة الإرهاب ومقاومة الاحتلال”.

كيف تتلقّف العقليّة الأميركية مثل هذه التصريحات؟

بدوره، أشار محلّل الميادين للشؤون الدوليّة والاستراتيجيّة منذر سليمان إلى أنه “سيكون هناك حملة تحريضيّة على إيران كالعادة بالقول أنّ هذا دليل على أنّ إيران تسعى وتعمل للتدخّل في الشؤون الداخليّة لدول المنطقة”.

وقال: “من هذا المنطلق، فإنّ الولايات المتّحدة ستتّخذ مثل هذه التصريحات وسيلة تحريض، ولكن عملياً، يبدو أنّ هذه المعادلة تسأل كيف يحقّ للولايات المتّحدة البعيدة آلاف الأميال أن يكون لها تأثير ونحن الدولة الإقليمية المعرّضين للحصار والعقوبات والاعتداءات لا يحقّ لنا أن نعبّر عن تأثيرنا الاقليمي؟”.

ولفت سليمان إلى أنه “على المستوى الاقليمي، هناك تنافس إقليمي صحي قائم بين دول تعبر نفسها أنّها قادرة على نشر نفوذها أو تأثيرها، مثل تركيا، ولا يتمّ الاعتراض على مثل هذا الأمر، كذلك فإنّ الكيان الاسرائيلي بات يتواجد في أفريقيا وبكثافة”.

 

كيف كان صداها في تل أبيب؟

من جهته، أكّد محلّل الميادين للشؤون الاقليميّة والفلسطينية ناصر اللّحام، أنّه “في تل أبيب لم يكونوا متسرّعين للردّ عليها بسرعة، لأنهم يدركون أنّها ليست معركة إعلاميّة، فالكلام خطير جداً، والكلمة الفيصل في هذا الموضوع هي للولايات المتّحدة الأميركية”.

وقال اللحام إنه بالرغم من أنّ “الولايات المتحدة وإسرائيل تملكان سلاحاً نووياً، لكن في حال استخدمَت قنابل نووية، فإن هذا سيُجيز لروسيا استخدام النووي في أوكرانيا وليتوانيا وبولندا وحيثما يريدون، وهذا ما يضعف من أهمية هذا السلاح مقابل إيران”.

وأشار اللحام إلى أنه “قبل أربعة أيام ومن شدّة صراخ الإسرائيليين، ردّ السفير الأميركي بأنّه نحن لا نمنع إسرائيل من أن تفعل أي شيء ضد إيران، بمعنى أنّ إسرائيل ترغب بالعدوان على إيران، لكنّها لا تستطيع لوحدها من دون دعم لوجستي ومادّي وبوارج وأقمار اصطناعيّة أميركية، ومن دون قواعد أميركية في الخليج نفسه”.

وأوضح اللحام أنه “لذلك، حين قال حرس الثورة أنّ الأسطول الأميركي تحت صواريخنا، بمعنى أننا لن نجامل في هذا الموضوع، إذا ضربت إسرائيل فإنّ الولايات المتحدة ستكون شريكة في دفع الثمن”.

الحصار والعقوبات فشلت في هزيمة إيران

وقال فلاح بور إنّ “إيران صراحةً خلال السنوات الماضية واجهت جميع أنواع الضغوطات، بطبيعة الحال أبرزها الضغوط الاقتصادية، العقوبات والحصار، لكن جميع هذه العوامل فشلت في هذه السنوات في هزيمة إيران، واليوم أعداء إيران بدؤوا يتحدّثون عن الخيار العسكري، والرسالة الأساسيّة التي يحملها كلام سلامي في هذا الإطار هي رسالة ردّ على هذه التهديدات”.

ويضاف ذلك أيضاً إلى التسريبات الإعلامية بشأن تزويد إيران سوريا بأنظمة صواريخ دفاع جوي جديدة كـ “15 خورداد”، وهي التي أسقطت الطائرة المسيّرة الأميركية عام 2019، وهذه رسائل يمكن وضعها في إطار ردع إيران للتهديدات الإسرائيلية والأميركية، أكد فلاح بور.

بدوره، أشار منذر سليمان إلى أنّ “الإيرانيين استطاعوا أن يستفيدوا على كلّ الصعد من الهندسة العكسية، بما فيها الطائرة التي تمّ إسقاطها أيضاً واستخدام التقنيّة منها، وحتى الوقود الصلب الذي يُستخدَم في الصواريخ البالستيّة أيضاً تمّ إنتاجه محليّاً، وهذه القدرة الفنّية والتقنيّة التي امتلكتها إيران تساعدها على امتلاك أسلحة نوعيّة على مختلف الصعد”.

 

السيناريوهات المطروحة

أشار ناصر اللحّام إلى أنّ “إسرائيل تتحدّث عن سيناريو مكلف”، إذ تقول الصحافة العبريّة أنّ أي هجوم إيراني مضاد رداً على هجمة إسرائيلية “سيُعادِل قنبلة نووية”، وأترك ذلك للخبراء العسكريين إذا كان المقصود هو عشرات آلاف القتلى أو مئات الآلاف”.

وأضاف: “مسألة المضادات ومسألة التكنولوجيا التي يتفوّق فيها الغرب تقف حائرة أمام نقطة واحدة تملكها إيران وهي القرار، وهم يتساءلون هل إيران فعلاً قادرة وقرّرت وتخطّت الحاجز السيكولوجي بضرب الأسطول الأميركي وضرب القواعد الأميركية في المنطقة؟ وهل استفادت من تجربة العراق وسوريا وليبيا وباقي الدول التي دُمّرَت على يد الغرب بعد فترة طويلة من الحصار؟”.

 

قوّة إيران الداخليّة هي أساس معادلة التأثير

بدوره، أوضح سياوش فلاح بور أنّ “قوّة إيران الداخليّة هي التي تقوم عليها معادلة التأثير”، إذ إنّه “لو كانت إيران لا تزال بحاجة الى الدعم الأجنبي والمستشارين الأجانب لتنفيذ ولإجراء أبسط المشاريع في البنى التحتية، في الاقتصاد، في المجالات الأخرى، لما كانت اليوم قوّة ذات التأثير خارج حدودها”.

وأكّد أنه “بعد 44 عاماً من الثورة أصبحت إيران تتمتّع بقوّة ذاتيّة كبيرة جداً ولافتة وبالاعتماد على إمكانيّاتها الداخليّة، وهذه القوّة هي التي تسمح لإيران بالتقدّم في ظل جميع هذه التحدّيات والحروب الاقتصادية، العقوبات، المواجهات الأمنية”.

تزويد سوريا من قبَل إيران بمنظومات دفاع جوّي وارتداداتها

وفي ما يرتبط بالحديث عن اتفاق إيراني سوري بشأن نقل أنظمة دفاع جوي إلى سوريا، لفت سليمان إلى أنّ “الدخول في نطاق واشنطن في إمكانيّة إشعال حرب إقليميّة شاملة ستكون صعبة، وخاصّةً في ظل وضع الحرب في أوكرانيا ومخزونات الأسلحة والذخيرة التي تتلاشى في المعسكر الغربي”.

وأشار ناصر اللحّام إلى أنّ الحديث الإسرائيلي عن ضربة ضد إيران يأتي اليوم بعد موجة التطبيع مع عدة دول عربية، ما تفترض على أساسه حكومة الاحتلال أنه قد يسهل الأمر، ولكنّ المشكلة اليوم هي المحاذير بشأن الخسائر البشريّة الإسرائيلية، إذ لا يوجد حكومة في “إسرائيل” تتحمّل فكرة سقوط ألف قتيل، ولا 500 قتيل، وستنهار أيّ حكومة إسرائيلية أمام الخسائر البشريّة”.

  • المصدر: الميادين نت
  • المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع