السياسية:

توازياً مع استمرار المفاوضات في العاصمة العمانية مسقط، والتي كشف قائد حركة “أنصار الله” السيد عبد الملك الحوثي، أنها تُعرقل أميركياً، تستمر السعودية بمحاولات انعاش بعض المؤسسات في المحافظات الجنوبية، بخطوات مدورسة ومحدودة، توفر لها إبقاء الواقع على ما هو عليه دون ان تسمح له بتحسّن، -كالوديعة المالية الأخيرة التي وضعتها في بنك عدن-، رغبةً منها بعبور عنق الزجاجة ثم التوصل إلى وقف إطلاق النار، بأقل الخسائر الممكنة. اذ ان جلّ المساندات الأميركية التي كانت تقدمها واشنطن منذ بدء الصراع، باتت اليوم محلّاً للنقاش داخل الكونغرس، مع اصرار الإدارة على عدم توفير مساحة مريحة لولي العهد، ليلتقط أنفاسه بعد 8 سنوات، رداً على توتر العلاقات بين الجانبين في الفترة الأخيرة.

وتقول Annelle Sheline، زميلة باحثة في برنامج الشرق الأوسط في معهد كوينسي الأميركي، ان الولايات المتحدة لا تزال منخرطة في تمكين الأعمال العسكرية للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. حيث يقدم المقاولون العسكريون الدعم المباشر في تأمين قطع غيار وصيانة لما يقرب من ثلثي القوات الجوية الملكية السعودية. مؤكدة انه بدون هذه المساعدة، ستصبح هذه الطائرات غير صالحة للعمل.

لا تنحصر أزمة السعودية بما يتعلق في الوضع القائم داخل اليمن، بوصول علاقاتها مع واشنطن إلى أدنى مستوياتها، بل ان مراكز القرار الأميركية في تصادم أيضاً، بما سيؤثر على عدد من القرارات التي كانت قد اتخذت سابقاً، كملف التسليح. ويعتبر المعهد في هذا الصدد، إلى انه ليس للولايات المتحدة مصلحة مقنعة بما فيه الكفاية في اليمن من شأنها أن تبرر تورطها في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. مشيراً إلى ان المساعدات العسكرية أدت إلى قلب ميزان الصراع: فقد ثبت أن الحرب الجوية التي تقودها السعودية عقيمة إلى حد كبير والهدف الأصلي -هزيمة “الحوثيين” وطردهم من صنعاء وإعادة الرئيس المخلوع هادي- يبدو مستبعدًا بشكل متزايد، حيث يعزز الحوثيون سيطرتهم في شمال اليمن بينما تتطلع كل من المملكة والإمارات إلى الانسحاب من الصراع.

ويضيف المعهد انه “حتى لو هُزم الحوثيون عسكريًا، فإن ما يمسى بالمجلس القيادة الرئاسي، هو مجموعة من ثمانية رجال، سيستمر في التنافس مع بعضها البعض على الهيمنة. مع وجود عدد لا يحصى من الميليشيات التي تتنافس على السلطة، فإن هدف واشنطن في محاولة تمكين طرف متحارب على آخر غير واضح”.

ثمة من يعتقد ان الاتفاق المزمع عقده بين حركة “أنصار الله” والرياض، هو خيار سيء قد يجعل الأولى أكثر فاعلية على الأرض، نظرًا لعدم قدرة ما يمسى بالمجلس الرئاسي، على توحيد الميليشيات المسلّحة، وبالتالي، يأمل “معارضو الحوثيين”، بحسب توصيف المعهد، أن تظل السعودية والولايات المتحدة منخرطين في الصراع. و ترى شيلين، أنه “كلما طال أمد الحرب، زاد احتمال أن يصبح الحوثيون أكثر قوة، مما يثير التساؤل حول جدوى الدعم الاميركي. اذ ان التدخل سيصبح مفعوله عكسيًا، لدرجة أن الانسحاب ضروري ليس فقط من الناحية الأخلاقية ولكن أيضًا من الناحية الاستراتيجية”.

تصر السعودية من جهتها، على أمرين، هما بالنسبة إليها اليوم على رأس قائمة الاولويات، الأول، عودة العلاقات مع الولايات المتحدة، وهو أحد الشروط التي قدمها وزير الدولة للشؤون الخارجية، عادل الجبير، كمقدمة لتطبيع العلاقات مع كيان الاحتلال. والثاني، التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في اليمن، المستنقع الذي يستنزف المملكة سياسياً واقتصادياً وعلى مختلف الأصعدة، خاصة وان عودة التصعيد تعني وضع البنى التحتية، -وعلى مقدمتها النفطية- مجدداً على قائمة الاستهداف.

* المصدر: موقع عرب جورنال
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع