السياسية- متابعات

في خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمام الجمعية الفيدرالية في 21 فبراير من الشهر الجاري كان أهم ماجاء فيه ” أن روسيا تتعرض لخطر وجودي في ⁧ أوكرانيا ⁩”. هذه الجملة هي أحدى حالات العقيدة النووية الروسية التي تجيز استخدام النووي حال تعرض ⁧ روسيا ⁩ لخطر وجودي، ‏وهذا يعني اقتراب استخدام النووي التكتيكي،

الرهان الغربي على تدمير روسيا

أقول احتمال إذا ما شكل الدعم الغربي تهديدا لروسيا. وثانيا، فإن الأهم في خطاب بوتين إعلانه تعليق موسكو العمل بإتفاقية “ستارت 3” للأسلحة النووية الاستراتيجية، وهو هنا يضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد. أولاً، في حال تمت مفاوضات جديدة للإتفاقية يجب أن تشمل بريطانيا وفرنسا، للدخول بالاتفاقية، ويشملهم التفتيش السنوي، وهذا ما أزعج فرنسا كثيراً، إذ لا يعقل أن توازي الأسلحة النووية الروسية الأسلحة الأمريكية دون أن يشمل ذلك حلفاءها، باعتبار هؤلاء جزءا من حلف الناتو، وثانيا أن هاتين الدلتين تشكلان تبعية سياسية وعسكرية لواشنطن.
وثالثا، إن بوتين سيعمل على تغير العقيدة النووية الروسية وتحويلها إلى ضربة وقائية استباقية.

ورابعا، أن ⁧ روسيا ⁩ ستحرك مجموعاتها النووية لأماكن مجهولة، وتستبدل بعضها ولاترغب أن يكون ذلك تحت أعين ⁧ الناتو، ⁩ وليكن ذلك رسالة تصعيد قوية تجاه واشنطن
ليس ذلك فحسب، بل جاءت تصريحات مجلس الأمن القومي الروسي بخصوص حق روسيا ⁩ في استخدام السلاح النووي والإعلان عن تجربة نووية روسية في القطب الشمالي لتحمل رسالتين نووية بخصوص الناتو في أوكرانيا والثانية للناتو أيضا، بخصوص القطب الشمالي كمنطقة ذات سيادة روسية.

 

دعم الجيش السوري

اليوم المعادلة أن أمريكا تدعم أوكرانيا تقريبا بمختلف أنواع الأسلحة لقتل الجنود الروس في مستنقع الوحل الأوكراني . ما لم يلتفت له الجيش الروسي حتى الآن، إذ أن قواعد هذه اللعبة تتطلب تغيير استراتيجيتها من طرف روسيا باتجاه :
دعم سوريا بكافة أنواع الأسلحة الاستراتيجية، وتغيير قواعد الاشتباك في سوريا، بحيث لا تتوفر بيئة آمنة لاستيطان الجنود الأمريكيين في جنة سوريا الرغداء، ونهب النفط السوري، وتحويلها إلى مستنقع وحل سوري للأمريكيين.
روسيا خسرت الكثير من الضحايا آلاف الجنود حتى الآن بينما أمريكا صفر من خسارة جنودها .. ناهيك عن عشرات المعدات والآليات الخفيفة والثقيلة البرية والجوية، وحتى البحرية. أي أن الاستنزاف الأمريكي لروسيا عبر الوكيل الأوكراني – إن لم يقابله استنزاف روسي للأمريكي عبر الجيش السوري والقوات الرديفة السورية والمقاومة الشعبية السورية – سيستمر هذا الاستنزاف لروسيا حتى إنهاكها طالما بقي دعم دول حلف الأطلسي لكييف، إذ لا يبدو مع هذا التصعيد الغربي نهاية قريبة للمعركة، في ظل المواقف الضعيفة لحلفاء روسيا من تحت الطاولة، ولا هناك مواقف قوية حتى من باب المساندة المعنوية. فالصين مثلا – حتى الآن- تتصرف كتاجر لا يهمها إلا مصالحها، وكأن الأمر لا يعنيها بشيء، وتقف في المنتصف على مسافة واحدة من الجميع، وتحاول أن تتغاضى التهديدات الأمريكية بردود ضعيفة رغم الزجر الأمريكي لها، وتشخيصها بالعدو رقم واحد.
في سوريا كان يتطلب من روسيا العمل بالمثل في معادلة القوة، ومد الجيش السوري بالأسلحة الهجومية التكتيكية وغيرها. وهذا سيتحول تدريجياً إلى معادلة” ردع ” استراتيجي عندما يبدأ الجنود الأمريكيون بالعودة إلى أمريكا بالتوابيت والنعوش .
منذ الحرب العالمية الأولى لم تُقصف الأراضي الأمريكية بسبب البعد الجغرافي، بينما تدمرت أوروبا مرتين. واذا استمر الدعم الغربي بالأسلحة لكييف على هذا المنوال، فهذا يعني أن العالم سيكون على أعتاب حرب عالمية ثالثة، خصوصا مع تحفز بولندا للدخول في الحرب، ودول أخرى لا استثني منها دول البلطيق وأخرى غيرها، وهذا التوسع سيفتح مجالا أوسع لاستخدام السلاح النووي لتصبح حربا شاملة مع دخول أطراف نووية عديدة في الحرب.
لذا تفاديأً لأي صراع نووي قد يفني البشرية جمعاء الحل بسيط جداً، هو امتناع دول الاتحاد الأوروبي عن دعم أوكرانيا لعدة أسباب، أولا هي ليست حليفا وعضوا في حلف الناتو، وثانيا، ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي، وثالثا تمدد حلف الناتو في أوكرانيا يعني تشكيل أخطار قاتلة على روسيا.
ومن هذا المنطلق تأتي مخاوف موسكو في الدفاع عن نفسها في مواجهة حلف الأطلسي الذي يبيت في خططه لتدميرها سواء بطريقة الوكيل الإقليمي، أو بدخول وكلاء جدد في الصراع والانجرار إلى مواجهة مباشرة مع روسيا.

عامل الحسم هو الأنجع

واضح أن أمريكا تشعر بالغبطة والسعادة، لانهاك روسيا، في حين استمرار هذا المناخ لن يكون مريحا لروسيا، أن يمضي على هذه الشاكلة حتى في حالة سيطرتها على كامل جغرافية إقليم دنباس والقرم، فلن تنتهي الحرب، سيكون من الأفضل عامل الحسم هو الكي النافع في مواجهة الأطلسي وإسقاط كييف والسيطرة على كامل أوكرانيا، هذا هو الشرط الرئيس لإنهاء الحرب والجلوس على مائدة

المفاوضات، إلا إذا كانت روسيا تنظر بغير ذلك، في الأخير هي قادمة على مواجهة مباشرة مع دول حلف الناتو، ويبدو استعدادات بولندا للدخول في الحرب أصبحت وشيكة، وهناك تبادل للزيارات المكثفة على مستوى عال لهذا الغرض.

الخلاصة هناك مخطط أمريكي- غربي لمواجهة مباشرة مع روسيا تتحضر وتستعد له دولا عديدة في الناتو ستكون بولندا على رأس هذه الجبهة. ويبدو أن بوتين يدرك ذلك جيدا، ومن هنا ورد في خطابه التاريخي، تعليق معاهدة “ستارت 3” الخاصة بالحد من الأسلحة متوسطة وقصيرة المدى، ومن ثم إعلان بوتين للجيش الروسي في البدء باستخدام التجارب النووية، والاهتمام بتطوير الأسلحة الفرط صوتية، أي هناك احتمال كبير في حال دخول أطراف في حلف الناتو أن تستخدم روسيا السلاح النووي التكتيكي في أوكرانيا، وعلى مستوى أعلى سيصبح من المؤكد استخدامها لأسلحة الدمار الشامل. هذه هي رسالة موسكو في فحوى خطاب بوتين، وذلك لمنع تحقيق أهداف الناتو، وأوهام هزيمة ⁧ روسيا ⁩ وسحقها في ⁧ أوكرانيا ،⁩ وهو ما يعني أن رهان أمريكا، وحلف الأطلسي على تدمير روسيا رهان خاسر…..!

  • أروى حنيش
  • عرب جورنال
  • المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع