السياسية- متابعات:

منذُ بداية الحرب على اليمن، بلغ عدد الانتهاكات التي ارتكبتها قوى التحالف والعصابات التابعة لها في المحافظات الجنوبية، ومحافظة عدن خاصة، أكثر من 443 جريمة اغتصاب وخطف.

خلال 8 سنوات من عمر الحرب على اليمن، انعكست آثار العدوان في المحافظات المحتلة على النسيج الاجتماعي حتى فككته.

عاشت المرأة اليمنية في هذه المحافظات حالة من الرعب والخوف والقلق، ما بين اختطاف واغتصاب وانتهاك لحريتها. جرائم مجتمعية لا تأتي محض صدفة أو ظواهر عابرة، بقدر ما تأتي بتخطيط ممنهج لقوى التحالف.

لم تكن الشابّة العشرينية “أمل” وحدها من تعرضت لتلك الجريمة البشعة من قبل أحد الجنود التابعين لقوات التحالف السعودي، بقدر ما كانت واحدة من القصص الأكثر بشاعة.

ففي صباح يوم 21 نوفمبر 2022، وتحديداً في عصيفره، في مديرية تعز، اعترض “أمل” جندي تابع لقوات الأمن بسيارته العسكرية، ليحاول إجبارها على صعود سيارته أثناء مرورها في الشارع العام، رفضت أمل الصعود، وسرعان ما صرخت منادية المارة من أجل إنقاذها، إلا أن الجندي قطع الطريق أمامها ونزل من سيارته ليجرجرها بطريقه مهينة. لكن الفتاة قاومت الرجل وتعاركت معه، ما أجبره على إشهار سلاحه “الكلاشنكوف”، والاعتداء عليها بالضرب المبرح حتى أدماها، وسرعان ما شرع في تمزيق ملابسها أمام الناس، مستخدماً بزّته العسكرية وسيارته في ترويع العامة.

 

عدن وخوّاتها.. بين الانتهاك والاختطاف

منذُ بداية الحرب، بلغ عدد الانتهاكات التي ارتكبتها قوى التحالف والعصابات التابعة لها في المحافظات الجنوبية، ومحافظة عدن خاصة، أكثر من 443 جريمة اغتصاب وخطف، حسب بيان منظمة انتصاف لحقوق المرأة والطفل الصادر مؤخراً بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، كما تقدر جرائم الانتهاكات في الساحل الغربي بـ695 انتهاكاً، منها 132 جريمة اغتصاب و56 جريمة اختطاف.

عمليات الخطف جنوب اليمن، شبّهها المواطنون بإعادة لمسلسل “سفّاح طالبات” جامعة صنعاء السوداني محمد آدم، التي هزت قضيته الوطن العربي بأكمله. لكن جرائم الانتهاكات والاختطافات اليوم تطورت وأصبحت من خلال عصابات بالزي العسكري والمدني وعصابات نسوية منظّمة.

ومن بين هذه النماذج، قصّة الطفلة نجاة ياسر محمد في محافظة عدن، البالغة من العمر 8 سنوات، والتي اختُطفت في 5 مايو 2016 من مديرية المنصورة، فيما اختطفت فاطمة سمير محمد (26 عاماً)، بتاريخ 9 يوليو 2017، أما فاطمة شكيب (30 عاماً)، فقد اختطفت بتاريخ 31 يوليو 2017، من مديرية دار سعد، فيما تعرضت حنان ياسين للاختطاف بتاريخ 25 سبتمبر 2017، ومثلها علياء السلال محمد (18 عاماً)، اختطفت من مديرية خور مكسر، بتاريخ 14 مايو 2018.

وعلى هذا المنوال اختطفت الطالبة منار إبراهيم (15 عاماً)، وآيات علي سعيد (18 عاماً)، والشابه حياة وصي الدين، من مديرية صيرة، والشابه بثية خالد اختطفت من المديرية ذاتها في 2018، أما العشرينية عبير بدر والعشرينية ولاء بديع فقد اختطفتا من حي القاهرة بمديرية المنصورة عدن في العام 2020.. وما زالت قصص الاختطاف تتكرر في عدن والمحافظات المحتلة بشكل شبه يومي.

يقول الخبير الأمني الرائد عيسى الشعيبي في تصريح للميادين نت إنّ “عصابات الانتهاكات وجرائم الاغتصاب دائماً تأتي متخصصة، فيما تتنوع غاياتها بين الاعتداء الجنسي والمتاجرة بأجساد النساء للعمل في الرذيلة في الدول الخليجية مثل الإمارات”.

ويضيف الشعيبي: “الصعوبات التي تواجه الأمن أهمها انتقال تلك العصابات من المناطق التي تسيطر عليها وزارة الداخلية إلى مناطق تتبع المجلس الإنتقالي التابع للإمارات والمناطق التي تتبع جماعة الإخوان، حيث أثرت بشكل كبير على عمليات القبض على المجرمين”.

 

مسببات جرائم الاختطاف

كان للفوضى الأمنية والتدخل الخارجي القوي تبعات أطلقت بسببها العنان للعصابات الإجرامية لارتكاب أشنع الجرائم المجتمعية في عدن والمحافظات المحتلة.

الباحث الاجتماعي مراد خالد يقول للميادين نت إنّ “قوات الأمن لا تتحرك إلا بعد 48 ساعة من تقديم البلاغ، في حين أن أغلب حالات القتل تتم بعد ساعات قليلة بعد الاختطاف، وخاصة عـندما يتعلّـق بجرائم الاعتداء الجنسي، هذا الاستهتار يعتبر أهم المسببات لارتفاع نسبة الجرائم”.

وللعصابات الدولية دور كبير بحسب المختص الاجتماعي أحمد فاضل، أحد أبناء محافظة لحج، إذ يقول إن “هناك جماعات إرهابية تتبع الإمارات والسعودية تقف وراء ذلك، وتتعامل مع مافيا دولية، حيث تقوم باستقطاب الفتيات والدفع بهم لأعمال غير شرعية أو استخدامهن كأدوات لتنفيذ أهدافهم، في استقطاب قيادات معارضة أو تصوير فضائح للمسؤولين من أجل الضغط عليهم والتحكم بتوجهاتهم، ولا تكتفي هذه الجماعات بمثل هذه الأعمال، حيث تستخدم الصغار للتسوّل والرصد، فيما تختفي فتيات من دون التعرف إلى مصيرهن من قبل الأسرة والشرطة”.

ويضيف خالد أن عمليات الاختطاف جعلت عدد كبير من الأهالي يكتمون خبر اختفاء بناتهم ويفضلون مواراة الحادثة، خوفاً من “العار” والفضيحة التي تمس الأسرة كاملة، الأمر الذي يجبر أهالي المختطفات عن تقديم الكثير من التنازلات، حتى في أقسام الشرطة والنيابات، خوفاً من تهديد الخاطفين بنشر “الفضيحة” الملفقة وسط الرأي العام، وهي أنه تم اختطاف فتياتهم في “بيوت دعارة”.

 

83 يوماً من التعذيب الوحشي

قد يكون الابتزاز المالي هو الهدف الأول الذي يسعى له المختطف، لكن أن يجتمع الابتزاز المالي والدوافع السياسية أيضاً فهذه جريمة متكاملة.

في ديسمبر 2018، تم اختطاف مهى عادل (اسم مستعار) – 18 عاماً، من أبناء محافظة عدن، واليوم تحكي قصتها للميادين نت بغصّة: “وجدت نفسي مقيده الأيدي والقدمين في غرفة مظلمة ورائحتها أشبه برائحة الحمام، بعد أن تم اختطافي في سيارة أثناء ذهابي إلى المدرسة، في المعتقل تناوب عليّ رجلان، أحدهما يقدم لي الطعام المقزز الذي لا تأكله الحيوانات، والآخر يتناوب عليّ بالضرب المبرح، تارة بالسوط وتارة بالسلك الكهربائي، وهكذا استمر الحال معي طوال 83 يوماً وأنا رهن الاختطاف”.

وتضيف: “استخدموا كل أساليب التعذيب النفسي والجسدي وحتى الألفاظ القبيحة، كانوا يتصلون بوالدي ويهددوه باغتصابي فيما كان أحدهم يضربني، طالبوا من والدي الفدية والتي وصلت إلى 20 مليون ريال يمني، كما طالبوه بالتوقف عن كتاباته وانتقاداته لسياسة المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات في مواقع التواصل الاجتماعي. إضافة إلى ذلك، لقد أجبروا والدي على بيع كل ممتلكاته لدفع المبلغ المطلوب لهم، بعدها هددوني بعدم كشف ما حدث معي، ثم أجبروا والدي على التوقف عن الكتابة، الأمر الذي دفعه لمغادرة اليمن”.

  • المصدر: الميادين نت
  • المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع