السياسية:

 

عبد العزيز الحزي

مع مرور أكثر من أسبوع على الزلزال القاتل الذي ضرب تركيا وسوريا، فيما تواصل حصيلة القتلى في الارتفاع والتي تجاوزت 41 ألف شخص يصنف الزلزال القوي الذي ضرب البلدين كسابع أكثر كارثة طبيعية تتسبب في قتلى هذا القرن.

وفي ظل الارتفاع المهول لضحايا هذه الكارثة الطبيعية التي تشهدها المنطقة لأول مرة منذ 1939 يبدو أن الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة تتعامل “بتمييز وصم” مع سوريا حيث غلبت الجانب السياسي على الجانب الإنساني فلا زالت تعتمد التعامل مع الكارثة المقاطعة تحت ما يسمى “قانون قيصر”، فالعقوبات سارية وما زالت تجعل الأوضاع أكثر صعوبة في البلاد.

وتحظر الدول الغربية عملياً استيراد أي مواد إلى سوريا أو إرسال مساعدات لها في حين يبدو أن ارتفاع أعداد الضحايا تحت الأنقاض والكارثة الإنسانية لن يجعل الغرب يحد من سياساته وممارساته الهادفة إلى التدخل في شؤون الدول الداخلية، فهو لا يهتم للحالات الإنسانية التي تسببت ضحايا من أطفال ونساء ورجال تحت الأنقاض وهذا الخراب.

وأوقفت دول غربية إلى حد كبير التعامل مع سوريا منذ الحرب التي بدأت عام 2011.

وفي السياق ،أعلن وزير الصحة السوري حسن الغباش أن حصيلة ضحايا الزلزال الذي ضرب سوريا بلغت حتى الآن 1414 وفاة و2357 إصابة.

ونقلت وكالة الأنباء السورية “سانا” الغباش في تصريح قوله: “إن فرق الاستجابة الإسعافية والطبية عملت بأقصى طاقتها للوصول وعلى مدار الـ 24 ساعة إلى جميع الضحايا، وانتشالهم من تحت الأنقاض، ونقل المصابين إلى المشافي، وتقديم جميع الخدمات الإسعافية والطبية لهم، وذلك بالتنسيق مع جميع الجهات المعنية”.

فيما قالت الأمم المتحدة في بيان لها أمس الثلاثاء: إن ما يقرب من تسعة ملايين شخص في سوريا تضرروا من الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا الأسبوع الماضي، مضيفة أنها أطلقت نداء لجمع قرابة 400 مليون دولار لتلبية الاحتياجات هناك.

وأضاف البيان: “ستحتاج الوكالات الإنسانية إلى 397.6 مليون دولار للاستجابة للاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً خلال الأشهر الثلاثة المقبلة”.

وبالرغم من أن الغرب وكثيرا من الدول والمنظمات هبت لمساعدة تركيا بعد كارثة الزلزال المدمر إلا أنه في الوقت نفسه لم تتعامل مع الجانب السوري سواء في المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة أو المناطق التي تحت سيطرة الدولة بنفس القدر والسرعة.

وارتفع عدد ضحايا كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا فجر السادس من الشهر الجاري إلى أكثر من 41 ألفاً شخصاً.

وعقدت الأمم المتحدة اجتماعاً طارئاً، الإثنين، حول كيفية زيادة المساعدات للمناطق الخارجة عن سيطرة الدولة شمال غربي سوريا.

وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الإثنين، أن الرئيس السوري بشار الأسد وافق على فتح معبرين حدوديين إضافيين بين تركيا وشمال غربي سوريا لإدخال مساعدات إنسانية للمتضررين من الزلزال.

وقبل الزلزال كانت المساعدات الإنسانية لشمال غربي سوريا تدخل من تركيا عبر باب الهوى، نقطة العبور الوحيدة التي يضمنها قرار صادر عن مجلس الأمن في شأن المساعدات العابرة للحدود.

في الأيام الأخيرة تكثفت الدعوات لفتح معابر جديدة بين تركيا وشمال غربي سوريا.. وأشاد غوتيريش بقرار الأسد معتبراً أن “من شأنه أن يسمح بدخول مزيد من المساعدات بشكل أسرع”.

وجدد سفير سوريا لدى الأمم المتحدة بسام الصباغ أمام الصحافة بعد اجتماع مجلس الأمن تأكيد أن دمشق ملتزمة “إيصال المساعدات الإنسانية إلى السوريين أينما كانوا على الأراضي السورية”.

وشدد على أن شمال غربي البلاد هو “جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية”، ولذلك فإن دمشق “تدعم دخول المساعدات الإنسانية إلى المنطقة، عبر جميع المعابر الممكنة أينما كانت داخل سوريا، أو عبر الحدود، لمدة ثلاثة أشهر”.

وفي الأيام الأولى للكارثة، وصف منسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة مارتن غريفيث الزلزال بأنه “أسوأ حدث منذ 100 عام في هذه المنطقة”. وقال إنه “متأكد من أن عدد القتلى سيزيد إلى المثلين أو أكثر”.

وبرز الأثر السياسي الأولي للكارثة في إعلان مسؤول في منظمة الصحة العالمية بأن “العالم نسي سوريا… بصراحة، وأعاد الزلزال تسليط الضوء عليها”.

وقال إن “الملايين في سوريا يعانون منذ سنوات في ظل ما بات أزمة منسية”.

بدروها، قالت بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري بشار الأسد:” إنه لو رفعت العقوبات فإن سوريا تستطيع وحدها أن تتكفل بمواجهة نتائج الزلزال من طريق المغتربين السوريين وإمكاناتها، لكن المساعدات الأوروبية والأمريكية أبقت على قاعدة رفض التطبيع مع الأسد وتوجيهها نحو المجتمعات المنكوبة”.

وهكذا يظهر للعيان أن تسييس “المأساة” بدأ في التعاطي مع المساعدات مثلما أدت في المقابل إلى تجاوز الموقف السياسي.

وتعاملت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية مع الكارثة في سوريا بموجب ما يسمى “قانون قيصر” فما زالت العقوبات المفروضة تجعل الأوضاع أكثر صعوبة في البلاد حيث تحظر عملياً استيراد أي مواد إليها أو إرسال مساعدات لها.

ويبدو أن ارتفاع أعداد الضحايا تحت الأنقاض والخراب التي سببها الزلزال العنيف لن يجعل الغرب يحد من سياساته وممارساته الهادفة إلى التدخل في شؤون الدول الداخلية، حتى لو عانى الكثير تحت الأنقاض وفقد أيضا الكثير منازلهم وقوتهم فهو لا يهتم للحالات الإنسانية ،بحسب المراقبين.

ومن المعروف أنه خلال الكوارث الطبيعية، من المهم على وجه الخصوص وقف جميع أشكال “التمييز والصم” والتعامل مع الجوانب الإنسانية بإيجابية ودون تسييس للكارثة .

وبحسب النقاد فإن الأرقام الهائلة في النكبة التي ضربت جنوب تركيا وشمال غربي سوريا ،وتداعيات الكارثة الإنسانية تنبىء بمشكلة ذات بعد عالمي في التعاطي مع الكوارث الطبيعية والإنسانية بإيجابية دون تسييس ودون تمييز.

كما تفرض رؤية دولية للتعاطي معها، فالوضع المأساوي يتطلب خطة دولية لإعادة الإعمار في البلدين،وبحسب المراقبين، ستكون لها انعكاسات سياسية مهمة، نظراً إلى التوافقات الدولية الضرورية لتحقيقها .

سبأ