الجنرال العابر نحو القدس ومهندس الانتصارات
شوقي عواضة *
شكّلت عمليّة اغتيال القائدين الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس وجمال جعفر التّميمي (أبو مهدي المهندس) نائب رئيس هيئة الحشد الشّعبي العراقي، مفصلاً أساسيّاً ومحوريّاً في مسار المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكيّة وحلفائها في المنطقة. وعلى قدر الدّور الذي لعبه الرجلان في مواجهة التّمدّد الأمريكي، على قدر ما أبدت وسائل إعلام الولايات المتحدة الأمريكيّة والكيان الصّهيوني وبعض الإعلام الخليجي اهتماماً بدور الرجلين وانجازاتهما التي شكّلت قلقاً كبيراً ودائماً للأمريكيّ وللكيان الصّهيوني المؤقّت، وهشّمت صورة قوّات النّخبة الأمريكيّة وصورة الجيش الذي لا يقهر لتلجأ تلك القوى الإرهابيّة للغدر مجدّداً من خلال تنفيذ عمليّة الاغتيال الإرهابيّة، بعد عجزها وهزيمتها المدويّة في المنطقة وفقاً لما حقّقه الشهيدان بما يلي:
1 – إعلان الحرب على الاحتلال الأمريكيّ في العراق بعد غزوه وانتقاله إلى محور المقاومة
2 – هزيمة المشروع الأمريكي المتمثّل بـ”داعش” وغيرها من قوى التّكفير والإرهاب في المنطقة من لبنان إلى سوريا والعراق وسحق مشروعها.
3 – إفشال أهداف العدوان الأمريكيّ السّعوديّ الإماراتيّ على اليمن وإلحاق الهزيمة به.
4– تنامي قدرات قوى محور المقاومة من إيران إلى اليمن وسوريا والعراق ولبنان
لم يحتمل (أصحاب الرّبيع العربي) ومتبنّوه وداعموه مشاهد تلك الإنجازات وتقدّم محور المقاومة وتحقيق المزيد من الانتصارات والإنجازات لتضييق خياراتهم باتخاذ قرار الاغتيال لجنرال محور المقاومة قاسم سليماني الذي تخطّت إنجازاته حدود إيران ومساحتها، ولتتسع دائرة انتصاراته وتصل إلى عمق فلسطين ولمهندس الانتصارات الحاج أبو مهدي الذي وصف إعلام العدو الصّهيوني عمليّة اغتياله بالأهميّة والإنجاز الكبير نتيجة ما أنجزه على السّاحة العراقيّة، ووفقاً لتقديرات الدّوائر الأمنيّة والعسكريّة (الصّهيونية) فإنّ أبا مهدي المهندس هو أحد الأركان المؤسّسين لكتائب حزب الله في العراق التي تصدّت للاحتلال الأمريكيّ للعراق منذ اللّحظات الأولى لغزوه وإخراجه من حضن (التّحرير الأمريكيّ) وإلحاقه بمحور المقاومة ممّا يشكّل قوّةً إضافيّةً وأساسيّةً في المواجهة مع الكيان الصّهيوني المؤقّت، والذي اعتبر وفقاً لتقديراته أنّ ذلك يشكّل خطراً استراتيجيّاً على أمن الكيان نظراً لما تشكّله فصائل المقاومة العراقيّة التي تنامت قوّتها وقدرتها بجهود الجنرال سليماني والحاج المهندس حتّى أصبحت تشكّل تهديداً أمنيّاً وعسكريّاً حقيقيّاً، وهو ما أشار إليه الكاتب والصّحفي (الصّهيوني) يوسي ميلمان في صحيفة “هَآرتس” حين كتب مقالاً تحت عنوان: “أبو مهدي المهندس من أنت؟” حيث كتب عن جمال الإبراهيمي قائد كتائب حزب الله الموالية لإيران التي خاضت حرباً شرسةً ضدّ قوّات الاحتلال الأمريكي بالرّغم من تعرضها للهجوم على بعض قواعدها من قبل الجيش الأمريكيّ في العراق وسوريا استمرّت ونمت قدراتها وعديدها بمساعدة قاسم سليماني ليصل إلى 25 ألف مقاتل تعمل برعاية فيلق القدس وهي من أولى طلائع (فصائل المقاومة العراقيّة) التي تبنّت عمليّات حرب العصابات ضدّ ( الجيش الأمريكيّ) عام 2003، حيث تبنّى مقاتلو الميليشيات تكتيكات حرب العصابات الكرّ والفرّ، وأطلقوا صواريخَ على القوّات الأمريكيّة وتخصّصوا في وضع العبوات الجانبيّة والألغام، بأوامر من سليماني والمهندس متبنّين أساليب حزب الله في قتال الجيش الصّهيوني في لبنان. ووفقًا لتقديرات البنتاغون ووزارة الخارجيّة في واشنطن، طوال السّنوات الثّماني من الحرب في العراق، كانت الميليشيات الموالية لإيران مسؤولة عن مقتل أكثر من 600 جندي أمريكيّ.
وأشار ميلمان في مقالته أنّ كتائب حزب االله العراق وعدّة فصائل من المقاومة العراقيّة لعبت دوراً أساسيّاً عام 2011 مع اندلاع الحرب الأهليّة في سوريا، نقلت كتائب حزب الله النّشاط الرّئيسي إلى جارتها من الغرب وركّزت على مساعدة نظام بشار الأسد وفقا للكاتب ضدّ (تنظيم الدّولة الإسلاميّة) وغيره من التّنظيمات المعارضة. وهذا يعني تعاظم نسبة خطر التّهديد لوجود الكيان بفضل جهود أبي مهدي المهندس وهو أمر حذّر منه بنيامين نتنياهو في مناسباتٍ عدّة بشأن ما يحدث في العراق مؤكّداً وفقاً لميلمان أنّه لن يسمح لإيران ووكلائها بترسيخ وجودها في سوريا فقط، ولكن أيضًا في العراق حيث تضع الصّواريخ.
في قواعد الحروب ثمّة قاعدة تقول أنّ أيّة حربٍ لا تحقّق أهدافها فهي حربٌ فاشلةٌ ولا تعود على أصحابها إلّا بالهزيمة النّكراء، وهي نفس القاعدة في عملية الاغتيال التي نفّذتها أمريكا والكيان الصّهيوني المؤقت بحقّ الشّهيدين، فأتت رياح محور المقاومة وعواصفه بعكس ما اشتهت سفن ترامب وإدارة البيت الأبيض وكيان العدوّ الصّهيوني، فبعد عامين من عمليّة الاغتيال للقائدين أصبح محور المقاومة أصلب عوداً وأشدّ وقوداً رغم غياب القائدين الكبيرين جسداً لكنّهما ما زالا حاضرينِ بنهجهما وفكرهما، لا زال أبو مهدي المهندس حاضراً على الثغور ومقاتلاً يجول على الجبهات كما عهدناه وما زالت بصمة الحاج قاسم سليماني هي الأكثر حضوراً في الضّفة والقدس وكلّ فلسطين وهي حقيقةٌ يدركها العدوّ قبل الصّديق.
*المصدر : العهد الاخباري
*المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع