ثلاثة أعوام وفجر ما انقضى…
ليلى عماشا
تقول الأرقام أنّنا على عتبة انقضاء ثلاثة أعوام على النّبأ.. لكن بدا أن ظهر الزمان انكسر، وأنّ لهول المصاب تلعثم انسياب الوقت في مجرى الأيّام.
“مطار بغداد”
يشير الاسم إلى أرض حبيبة، إلى مطار ترصده عيون اللّئام.. إلى طريق شاء الله أن تصبح منذ ذلك الفجر محلّ إقامة حريق قلوبنا..
يا أهل العالم، وُلد في فجر الثالث من الشهر الأوّل من العام 2020 م. لنا حزنٌ عزيز في كلّ بيت…
حزن ككلّ وليد، يجمع حوله قلوب أهله، ويرتّب مواقيت نبضاتها على إيقاع وصوله.
حزنٌ ككلّ وليد، تلتفُّ حول مهده لهفات العوائل، تدللـه، تستقبله، تهديه أحلى ما عندها وتسقيه ضيّ العيون..
حزنٌ ككلّ وليد، يكبر في كلّ ثانية وينمو في حمى الضلوع العاشقة، ويكبر مع كلّ رفّة جفن فيزداد عزّة وحضورًا..
ها وليدنا يتمّ الآن عامه الثالث.. ما أجمله! له وجه قاسمنا ذي الهيبة الأحنّ، وفيه من الشايب الوقار الألطف… ها حزننا يجيد السير وحده، ويجيد التكلّم والولاء.. وقف في حشود “السلام يا مهدي” منشدًا بالدمع، مناديًا بكل لغات الحبّ، خاشعًا، عاشقًا.. كمريد في حضرة النور..
يا أهل العالم، مضت سنين ثلاث والبرد يحفر في ضلوعنا له كهفًا.. في البدء، حلّ الخبر رصاصة في عين القلب، أو طعنة في خاصرة الرّوح، أو قل صفعةً وشمت الوجوه بغضب لا يسكن.. ثمّ استحال الأمر بردًا؛ أجل، هو البرد. بردٌ لا يتوارى خلف ما تراكم الأيّام فوقه من صوفها، ولا يغمض جفنيه كي يستريح برهة.. تراه أبدًا يحدّق صوب الحريق.. يدمع حينًا من حرّ الفقد وحينًا يبتسم للضوء السماويّ الذي ومض في لحظة الإرتحال العظيم.. يلوّح تارة لوجه عزيز ارتقى قاسميًا، وطورًا يرتمي في الكفّ التي بقيت، كيتيم يرجوها مسحة أخيرة على جبين لوعته.
ألا يا أهل العالم، مرّت سنوات ثلاث على الجرح المعظّم، والدمع دمٌ من وريد متصل بقلب السماء، لا يجفّ..
وجهه ما زال هنا، هيبة تذلّل الصعاب باليقين.. إنّا نراه كلّما اشتدّ علينا الضّيم، نناجيه أيا السّند.. ويردّ السّند أن “كلّه خير”..
دمعه ما زال يملأ النّبض عشقًا، وهل الدمع في ليلات الفاطمية سوى عشق زلال؟! ما زال هنا، يشق في وجنات القلوب دروبه، ويحفر في المحاجر سبل عبور الضوء إلى عتمات الصدور..
- المصدر: موقع العهد الاخباري
- المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع