السياسية:

يُعد الغزو الروسي لأوكرانيا أبرز أحداث عام 2022 الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة. ففي 24 من فبراير/شباط الماضي، أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عملية عسكرية ضد أوكرانيا المجاورة التي تسعى إلى الانضمام إلى حلف الناتو، بذريعة أن خطط الأخيرة تشكل تهديدا مستمرا على أمن روسيا.

وقال بوتين للشعب الروسي حينئذ إن هدفه هو “نزع السلاح من أوكرانيا واجتثاث النازية منها”، لحماية أولئك الذين تعرضوا لما وصفه بـ 8 سنوات من التنمر والإبادة الجماعية من قبل الحكومة الأوكرانية.

وألحقت هذه الحرب المستمرة حتى الآن خسائر كبيرة بالبلدين، لكنها ليست مجرد شأن إقليمي يدور بين بلدين متجاورين، بل امتد تأثيرها إلى معظم دول أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا لما لها من تداعيات اقتصادية كبيرة على هذه البلدان، مسببة أزمة اقتصادية كبيرة بسبب توقف صادرات روسيا وأوكرانيا من إمدادات الطاقة والوقود والمواد الغذائية حيث تحتلان مركزا هاما في سوق المنتجات الزراعية في العالم، وتمثل صادراتهما من القمح 23 في المئة من السوق العالمية.

وأدت الحرب الأوكرانية إلى ارتفاع أسعار الطاقة والوقود في الدول التي كانت تعتمد على صادرات هاتين الدولتين، وتراجع مستوى معيشة سكان هذه الدول التي لا تزال تعاني من نقص في المنتجات وغلاء في الأسعار وارتفاع في أسعار الوقود.

مؤشرات السلام
شهدت الفترة الأخيرة تصريحات من مختلف الأطراف عن إمكانية التوجه للتفاوض لتسوية الأزمة. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أعرب مؤخرا عن استعداد بلاده للاتفاق مع جميع أطراف النزاع في أوكرانيا على حلول مقبولة، مشيرا إلى أن تلك الأطراف ترفض ذلك.

وتسعى روسيا إلى التفاوض على أساس الأمر الواقع حيث أنها تعتبر المناطق التي سيطرت عليها منذ فبراير/شباط الماضي أراض روسية.

وعلى الجانب الآخر، تطالب كييف بالانسحاب الكامل للقوات الروسية من الأراضي الأوكرانية كشرط مسبق للتفاوض. وفي هذا الإطار، قال دميترو كوليبا وزير الخارجية الأوكراني إنه “لإنهاء الحرب في أوكرانيا، يجب على روسيا سحب قواتها من كامل أراضي أوكرانيا”، مشيرا إلى رغبة بلاده في عقد “قمة سلام” بحلول نهاية فبراير/شباط المقبل، ويُفضل أن تكون على منصة الأمم المتحدة مع الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش كوسيط محتمل”.

وأكد كوليبا على الشروط العشرة التي أعلنها الرئيس فولوديمير زيلينسكي، في خطاب مسجل في قمة مجموعة العشرين التي عقدت في إندونيسيا منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، كصيغة للسلام والتي تشمل الخطوة الأخيرة منها “توقيع اتفاق سلام”. وقد رد المتحدث باسم الرئاسة الروسية على تلك التصريحات، قائلا” نرفض إجراء مفاوضات سلام بشروط أوكرانيا”.

الموقف الدولي
شهدت الفترة الماضية محاولات تفاوض بين موسكو وكل من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي “ناتو” ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وقد أعلنت روسيا فشل تلك المحاولات، وقال المتحدث باسم الكرملين إن الرئيس الأمريكي اشترط انسحاب روسيا من أوكرانيا، وهذا غير ممكن.

وعلى الجانب الآخر، قال البيت الأبيض إن بوتين لم يظهر أي مؤشرات على استعداده لإنهاء الحرب في أوكرانيا. كما حذرت بريطانيا من استغلال بوتين مفاوضات السلام لإعادة بناء الجيش الروسي. وقال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي إن بوتين قد يستغل محادثات السلام في أوكرانيا لإعادة تجهيز قواته قبل شن هجوم آخر.

وفي غضون ذلك، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك على ضرورة الإسراع بوضع أساس للتفاوض بين روسيا وأوكرانيا.

وكان أردوغان قد أعرب في وقت سابق عن أمله في تأسيس طريق سلام بين البلدين على غرار ممر الحبوب. وأوضح أردوغان: “يمكن تأسيس طريق سلام من ممر الحبوب، والطريق الأفضل هو العابر من الحوار إلى السلام”.

يذكر أنه في 22 يوليو/ تموز الماضي، شهدت إسطنبول توقيع “وثيقة مبادرة الشحن الآمن للحبوب والمواد الغذائية من الموانئ الأوكرانية”، بين تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة. وتضمنت الاتفاقية تأمين صادرات الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود إلى العالم، لمعالجة أزمة نقص الغذاء العالمي التي هددت بكارثة إنسانية.

* المصدر: بي بي سي
* المادة الصحفية: تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع