شوقي عواضة*

في تعريف جان جاك روسو للدّيمقراطية يقول إنّها إرادة الأغلبيّة التي لها حقّ السّيادة والحكم وإنّ الأمة هي من تحدّد مرجعيتها، أمّا صامويل هانتنغتون فقد اعتبر أنّ الدّيمقراطيّة تمثّل نظاماً سياسيّاً يقوم على المؤسّسات التي تؤمّن اختيار الناخبين للسّلطة ومشاركتهم في القرار.

كلتا النظريتينِ لم تجد لها مكاناً في بعض الكيانات العربيّة مثل كيان آل سعود ونظام آل خليفة في البحرين والنّظام الأردنيّ وغيرها من الكيانات التي كانت وليدة الاستعمار الغربي ولا زالت مرتهنةً له لا بل إنّ اغلبها تحوّل إلى أداةٍ لتنفيذ مصالح الغرب الاستعماري وسرقة خيرات الشّعوب.

في تلك الكيانات لا توجد الأغلبيّة التي تحدّث عنها جان جاك روسو ولا توجد أقليّةٌ بل توجد طغمةٌ حاكمةٌ بالتّوارث كحكم آل سعود وآل خليفة و(الهاشميين) في الأردن وآل نهيان. بل إنّ بعض تلك الكيانات لا يوجد لديها دستورٌ تحكم بموجبه أو تدير البلاد وفقا لمواده.

في تلك الممالك لا توجد وفقاً لنظريّة هانتنغتون مؤسّسات تؤمّن الانتخابات والعمليّات الدّيموقراطيّة بل يوجد حكّام يختصرون المؤسّسات والدّستور والأنظمة والقوانين بأنفسهم وما على الشّعوب إلّا تقديم الولاء والطّاعة وهي أقصى درجات الدّيموقراطيّة.

اللّافت في تلك الأنظمة والكيانات التي ولدت من رحم الاستعمار إنّها كلّها أنظمةٌ مطبّعةٌ مع كيان العدوّ الصّهيوني المؤقّت بل إنّ بعضها تجاوز التّطبيع ومضى نحو الأسرلة والتّهويد الذي لم تجنِ منه سوى الويلات لشعوبها وتنامي ثرواتها على أنقاض شعوبها ومن الشّواهد على ذلك مصر والأردن حيث لم يشفع لتلك الأنظمة ارتباطها العضويّ والمباشر بالولايات المتحدة الأمريكيّة ولا التّطبيع مع كيان العدوّ الإسرائيلي.

وفي ظلّ تنامي الدّعوات لتعميم (الدّيموقراطيّة الأمريكيّة) في عالمنا العربي والتي بدأت بما يسمّى (بالربيع العربيّ) الذي دعمته الإدارة الأمريكيّة في سوريا ولبنان والعراق بينما اعتبرت خروج الجماهير في اليمن للمطالبة بالإصلاح السّياسي هو خروج على الشّرعية في حين اعتبرت خروج الشّعب البحريني في حركته المطلبيّة هو انقلاب على حاكم البحرين.

أمّا في فلسطين فإنّ انتفاضة الشّعب الفلسطينيّ لاستعادة أرضه المغتصبة منذ أكثر من سبعين عاماً تعتبر إرهاباً مروراً بسوريا التي لا زالت إدارة البيت الإرهابيّ في واشنطن تصعّد من حملة العقوبات عليها وعلى لبنان وصولاً إلى إيران التي شهدت منذ فترةٍ اعتداءاتٍ مسلّحةً ومنظّمةً مدعومةً سعوديّاً وأمريكيّاً وصولاً إلى احتجاجات الأردن المطلبيّة على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها البلاد، منذ مطلع الشّهر الجاري، للمطالبة بتخفيض أسعار المحروقات.

في الأردن يخرج الملك عبد الله الجانح للسّلم مع الصّهاينة مستأسداً مستشرساً ببزته العسكريّة مهدّداً ومتوعّداً للشّعب بأيّة حركةٍ مطلبيّةٍ وعلى وسائل الإعلام وأمام مرأى العالم أجمع. في الأردن تداس الدّيموقراطيّة بحذاء الملك حليف أمريكا والكيان الصّهيوني كما تداس في السعوديّة والمنامة واليمن وفلسطين. في الأردن تسقط أوجاع النّاس وتداس جموعهم الكبيرة لأنّهم لا يشكّلون أغلبية امام جلالته وكذلك الحال عند بن سلمان وآل خليفة.

في الأردن يخرج ملك (العروبة) المطبّع الأشوس بالتّهديد والرّدّ بالرّصاص على كلّ من يحاول أن يصرخ من وجعه كما يطلّ أمير (العروبة) وراعي صفقة القرن في الرّياض ليبشّرنا بدفعةٍ جديدةٍ من الإعدامات لسجناء الرأي بتهمة الإرهاب ويتبعه ذاك المتأسرل والمتهوّد في البحرين.

أمّا في إيران التي كان شعار ثورتها اليوم إيران وغداً فلسطين يثور الغرب بإعلامه وأدواته وسياسييه للتّضامن مع مجموعاتٍ إرهابيّةٍ مدعومةٍ من الإدارة الأميركيّة والرّياض وكيان الاحتلال الصّهيوني نفّذوا عمليّاتٍ إرهابيّةٍ وقتلوا عناصر من الشّرطة والحرس الثّوري بالرّصاص من أجل الدّيموقراطيّة ولا يحقّ للسّلطات أن تحاكمهم لأنّهم يعبّرون عن رأيهم بينما في الأردن شكّلت الحركة المطلبيّة تهديداً للدولة وكذلك الأمر ينطبق على الكيانات من ممالكَ وإماراتٍ.

تلك هي ديموقراطيّة المطبّعين والمتأسرلين الذين سيتهاوون مع سقوط الكيان الصّهيونيّ أمّا ديموقراطيّتنا فقد خطّتها جحافل المقاومين والشّهداء والجرحى بالبنادق والتّضحيات والصّمود والإباء فديموقراطيّتكم هي ديموقراطيّة ذاك المستبدّ في البيت الأبيض الذي سخّركم عبيداً له. أمّا ديموقراطيّتنا فهي الحريّة بمعناها الحقيقي الذي يقول نحن أسياد عند الولي الفقيه.

كاتب وإعلامي لبناني

المصدر: موقع 26 سبتمبر نت