السياسية:

– كشف مونديال قطر 2022 حقائق كثيرة تتعارض مع الدعاية الإعلامية للصهاينة وداعميهم الغربيين. ومن بين هذه الحقائق، سخرية وإهانة العرب ومسلمي العالم للصحفيين والمراسلين الصهاينة الموجودين في قطر.

بعد نقل هذه الرسالة الواضحة من مسلمي العالم في قطر، كتبت صحيفة “رأي اليوم” في مقال للكاتب والمحلل العربي الشهير “عبد الباري عطوان”: “في الحقيقة العرب الحاضرون في المونديال، يريدون أن يوجهوا رسالةً للصهاينة بأنكم العدو المجرم، وفيما يتعلق بارتكاب جرائم حرب موثقة على المستوى الدولي لديكم ملف أسود وثقيل، ونحن نكرهكم ونعاملكم كعدو ولا نتسامح مع وجودكم في دولة عربية”.

والآن، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو، “هل المسلمون والعرب فقط هم الذين سئموا من جرائم الکيان الصهيوني ويتفاعلون معها، أم إن شعوب أوروبا وأمريكا يكرهون الصهاينة أيضًا؟”

الصهيونية في طريقها إلى النازية من منظور أوروبا

على الرغم من دعم الأنظمة السياسية الغربية لسياسات الکيان الصهيوني والدعاية الإعلامية له، إلا أن هذا الکيان لا مكان له في الرأي العام الأوروبي.

منذ فترة، كتب مركز بيغن والسادات للدراسات الاستراتيجية، والمعروف بـ BESA اختصاراً، في تقرير للدكتور مانفريد غيرستنفيلد، أحد الباحثين في المركز والرئيس السابق للجنة التوجيهية لمركز أبحاث “مركز القدس للشؤون العامة”: “إن عشرات الملايين من المواطنين الأوروبيين لديهم نظرة سلبية تجاه كيان إسرائيل، ويتجلى ذلك بطرق مختلفة، أخطرها مقارنة تصرفات الكيان الصهيوني ضد فلسطين بأفعال النازيين الألمان.”

تشير العديد من استطلاعات الرأي التي أجريت على مدى العقد الماضي، إلى التدني الشديد لشعبية الصهاينة. على سبيل المثال، نشر تقرير في عام 2011 من قبل جامعة بيليفيلد نيابةً عن المؤسسة الديمقراطية الاجتماعية الألمانية فريدريش أوبرت، أظهر أنه في سبع دول أوروبية، ليس لدى الناس نظرة إيجابية عن الصهاينة.

بناءً على هذا التقرير، أجرى المحاورون في كل دولة استطلاعًا على ألف شخص فوق سن 16 عامًا. وكان أحد الأسئلة في هذا الاستطلاع هو ما إذا كان الناس يتفقون مع القول بأن “الكيان الصهيوني يشن حرب إبادة ضد فلسطين أم لا؟”.

لوحظت أقل نسبة من الأشخاص الذين وافقوا على هذا البيان في إيطاليا وهولندا، بنسبة 38 و 39 في المئة على التوالي. وجاءت الأرقام الأخرى على النحو التالي: المجر 41٪، بريطانيا 42٪، ألمانيا 48٪، البرتغال 49٪؛ لكن هذا الرقم في بولندا كان مختلفًا ومفاجئًا جدًا، حيث جاء بنسبة 63٪.

إضافة إلى ذلك، في تقرير نشرته شركة “بيرتلسمان” كشركة إعلامية وصحفية تقع في مدينة غوترسلوه بألمانيا في عام 2013، تبين أن 41٪ من سكان ألمانيا يوافقون على القول بأن سلوك الكيان الصهيوني تجاه الفلسطينيين يشبه سلوك النازيين. وفي عام 2007، كان هذا الرقم 30 في المئة.

الموقف المعادي للصهيونية في أمريكا رغم تأثير “إيباك”

موقف الأمريكيين من الكيان الصهيوني، هو نفس الموقف الموجود في القارة الخضراء.

قبل نحو شهرين(تشرين الأول)، نُشر تقرير حول انتشار الكراهية ضد الکيان والصهيونية في الجامعات الأمريكية؛ وهي قضية يعترف بها الصهاينة أنفسهم، مثل اعترافاتهم الحالية بسوء المعاملة والإهانات من قبل المسلمين في قطر.

وكتب موقع “عربي 21” الإخباري، نقلاً عن صحيفة كيان “إسرائيل اليوم” الصهيونية، حول تزايد الكراهية للکيان الإسرائيلي في الجامعات الأمريكية البارزة: “إن توسع الجو المعادي لإسرائيل في الجامعات الأمريكية ووصف كيان إسرائيل بأنها حكومة فصل عنصري، قد أثار قلق المجتمعات الصهيونية.”

وحسب هذا الموقع، فقد ازدادت الأنشطة ضد الکيان الصهيوني في الجامعات الأمريكية لدرجة أنها أصبحت قضيةً شائعةً، لكنها تجاوزت مؤخرًا خطاً أحمر جديدًا؛ حيث ستعلن العديد من المنظمات الطلابية في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، مقاطعةً واسعةً ضد أي متحدث يعبر عن دعمه لـ كيان “إسرائيل” أو الصهيونية.

وهناك ثماني منظمات طلابية أخرى في كلية بيركلي للحقوق اتخذت القرار، وبدأت في تنفيذ سياسة تحظر التعبير عن وجهات النظر لمصلحة كيان”إسرائيل” أو الصهيونية بشكل عام. والوضع أسوأ في نيويورك، ولا سيما في جامعتي كولومبيا وكاني، لدرجة أن مقاطعة الطلاب تُنفذ ضد أولئك الذين يعربون عن تضامنهم مع الکيان الإسرائيلي.

وقبل أربع سنوات، نشر المعهد الأمريكي “بيو” نتائج استطلاع أظهر شعبية “كيان إسرائيل” في أمريكا بنسبة 41٪ فقط؛ وهو الدعم الذي كان الأدنى في السنوات العشر الماضية، والسبب الرئيسي يعود إلی انخفاض دعم الديمقراطيين للحكومة الصهيونية.

ويأتي الانخفاض المستمر في شعبية الکيان الصهيوني وقبوله في المجتمع الأمريكي، بينما تتمتع “لجنة العلاقات العامة الأمريكية الصهيونية”(أيباك) بتأثير كبير في هذا البلد.

أيباك هو أكبر لوبي يستخدمه اليهود الأمريكيون للتأثير على السياسة العامة الأمريكية، بهدف دعم مصالح الکيان الصهيوني. وفي وقت سابق، خلال عهد بنيامين نتنياهو، تلقى أيباك انتقادات شديدة من أصوات بارزة في الحزب الديمقراطي، مثل بيرني ساندرز والسناتور إليزابيث وارين.

وتجدر الإشارة إلى أن أيباك ليس منظمةً يهوديةً ظاهريًا، ولكن معظم أعضائها من الجالية اليهودية الأمريكية، المجهزة بشبكة من العلاقات، بما في ذلك مئات المؤسسات التأسيسية، وعدد كبير من المتبرعين الأثرياء اليهود وغير اليهود.

يضم هذا اللوبي حوالي 100 ألف عضو و 17 مكتبًا في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ولديه إمكانات عالية لجذب الأموال واستخدامها سياسيًا في الولايات المتحدة.

إضافة إلى تأثير أيباك على الرأي العام الأمريكي، يدفع هذا اللوبي الصهيوني أموالاً ضخمةً للتأثير على صنع القرار والتدخل في الانتخابات الأمريكية.

وفي هذا الصدد، في شهر يوليو من العام الجاري، أعلنت صحيفة “الغارديان” في تقرير عن إنفاق عدة ملايين من الدولارات من قبل متطرفين موالين للکيان الإسرائيلي لتغيير أولوية الحزب الحاكم في أمريكا، وذکرت: “يقول المنتقدون إن لجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية وحلفاءها، يحاولون استخدام أموال المليارديرات الجمهوريين للتأثير على سياسات الحزب الديمقراطي.”

وأشارت هذه الصحيفة البريطانية إلى أن “جماعات الضغط الصهيونية أنفقت ملايين الدولارات في ولاية ماريلاند لمنع فوز مرشحة تدعم الفلسطينيين”، وقالت: أنفق أيباك 6 ملايين دولار لمنع فوز دونا إدواردز، أول امرأة سوداء في الكونغرس الأمريكي من ولاية ماريلاند.

واعتبرت هذه الصحيفة الناطقة باللغة الإنجليزية، أن عدم دعم إدواردز لقرارات إدارة أوباما الداعمة لإسرائيل خلال حرب غزة 2011، إلى جانب دعمها للاتفاق النووي مع إيران، هو سبب عداوة أيباك لهذه النائبة في الكونغرس الأمريكي.

کما ذكرت صحيفة الغارديان تشكيل لجنة في أيباك في ديسمبر/كانون الأول، مكلفة بإنفاق مبالغ غير محدودة من التمويل للتدخل المباشر في الانتخابات، ومواجهة الاتجاه المتزايد لانتقاد الکيان الصهيوني في الحزب الديمقراطي.

وأضافت الصحيفة: “أطلق أيباك هذه اللجنة بتمويل وتبرعات بقيمة 8.5 ملايين دولار من أنصار كيان إسرائيل الأثرياء. من المليارديرات من رجال الأعمال الجمهوريين إلى أعضاء الحملات الانتخابية لدونالد ترامب وبعض الديمقراطيين الأثرياء الذين يدعمون كيان إسرائيل، هم من بين الرعاة الماليين لهذه اللجنة.”

على الرغم من أن مونديال 2022 في قطر أظهر بوضوح أن شعوب العالم العربي والإسلامي لن تقبل أبدًا تطبيع بعض الأنظمة السياسية مع الکيان الصهيوني، إلا أن الإحصائيات واستطلاعات الرأي المختلفة تظهر أيضًا النظرة السلبية لشعوب أوروبا وأمريكا تجاه هذا الکيان.

إن الحكومات والأنظمة السياسية في أوروبا وأمريكا تظهر نفسها على أنها داعمة لحقوق الإنسان في الظاهر، ولكن في الحقيقة تعتبر المصالح السياسية والاقتصادية حاسمةً بالنسبة لها.

کما استندت السياسة الخارجية الأمريكية في العقود الماضية على الدعم الشامل والالتزام المطلق بمصالح كيان “إسرائيل” في منطقة الشرق الأوسط وعلى مستوى النظام الدولي، وكان أبرزها انسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لدعم الکيان الصهيوني.

إضافة إلى الفوائد التي حصل عليها للولايات المتحدة، فقد فرض هذا الدعم الشامل أيضًا تكاليف على هذا البلد؛ مثل التكاليف المالية بسبب المساعدات السنوية، تشويه علاقة أمريكا بالعالم الإسلامي، والتكاليف المتعلقة بالعديد من الحروب في الشرق الأوسط – التي بدأت بحجة تأمين أمن الکيان – مثل حربي 33 و 22 يومًا في لبنان وغزة، واحتلال العراق. کما أن زيادة المشاعر المعادية للولايات المتحدة والغرب في العالم، من بين تكاليف هذا الدعم الأعمى.

لذلك، من وجهة نظر المراقبين، فإن الدعم غير المشروط من الدول الأوروبية والولايات المتحدة للکيان الصهيوني، يضر هذه الأنظمة السياسية أكثر مما يفيدها.

المصدر : الوقت التحليلي
المادة الصحفية : تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع