نتائج تولي الفاشيّ سموتريتس مسؤولية إدارة شؤون الفلسطينيين بالضفّة الغربيّة
السياسية:
في إطار الأهداف القذرة للحكومة الصهيونية المقبلة برئاسة بنيامين نتنياهو، تحدثت مواقع إخباريّة، مؤخراً، أنّ بتسلئيل سموتريتش، زعيم حزب (الصهيونية الدينيّة) المتطرف، سيحظى بسلطات واسعة على المستوطنات التابعة للعدو والبناء الفلسطينيّ في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، ضمن اتفاق ائتلاف تمّ توقيعه مع حزب الليكود بزعامة نتنياهو، ما يعني بشكل مباشر أن سموتريتش الواضح بشخصيّته العنصريّة كعين الشمس وذو التاريخ القذر حتى بالنسبة لبعض الصهانية، سيكون عبئاً على “استقرار الضفة الغربيّة” التي تعيش أساساً أوضاعاً مقلقة، ويخل بالتوازنات على الساحة الفلسطينيّة، ويعمد على تقويض العلاقات مع دول المنطقة.
خطأ إسرائيليّ كارثيّ
خطأ كارثيّ سيدهور الأمور في فلسطين كافة، فالعنصريون باتوا ينهون مستقبل دولتهم القوميّة المزعومة، حيث تتحدث المعلومات الصهيونية أنّ الاتفاق بين الحزبين –المتطرفين- نص على تسليم السلطة على وحدتيْ الاستيطان والأراضي المفتوحة التابعتان للإدارة المدنية ووحدة منسق أنشطة الحكومة في المناطق (المنسق) إلى وزير من حزب (الصهيونية الدينية) في وزارة الأمن، أيّ “حاميها حراميها” كما يقول المثل العربيّ، لأنّ الفاشيّ سموتريتش هو مستوطِن وبالتالي حاقد بطبيعته على الفلسطينيين الذين لا ينفكون عن المطالبة بحقوقهم وأراضيهم، ولا يؤمن –كغيره من المتشددين الصهاينة- بوجود شعبٍ فلسطينيٍّ، وبالتالي فإنّ هذا التعيين الخطير سيؤجج نار الوضع الأمنيّ أكثر في الضفّة الغربيّة ويزيد طين التوترات بلة.
وبحسب القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ، فإنّ الوزير سيكون غالباً سموتريتش نفسه، والذي سيتولى كذلك وزارة الخزانة بموجب الاتفاقية مع الليكود، على الرغم من زعم الحزب أنّه لم يتم تحقيق اتفاق نهائيّ بهذا الشأن بعد، فيما تُعتبر ما يطلق عليها العدو بالإدارة المدنيّة في وزارة الأمن الصهيونية، المسؤولة عن “ترتيب” أوضاع السُكّان الفلسطينيين في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، إضافة إلى إدارة الحياة اليوميّة للقابعين تحت نير الاحتلال العسكريّ للصهاينة، المُستمِّر على تلك المنطقة بالتحديد منذ عدوان حزيران/ يونيو عام 1967.
وتخشى دول كثيرة من نتائج الاتفاق الائتلافي بين حزبي الليكود والصهيونية الدينية حتى من بعض حلفاء تل أبيب، حيث إنّ الحكومة الصهيونية السادسة الجاري تشكيلها برئاسة بنيامين نتنياهو، لا تأبه بأيّ تحذيرات فلسطينيّة أو عربيّة أو أجنبيّة، في ظل اتجاه الأوضاع نحو التصعيد الكبير، ومن شأن التعينات التي تقوم فيها الحكومة المتطرفة القادمة في الكيان أن تضع مستقبل كيان”إسرائيل” على كف عفريت، خاصة من ناحية تدهور الأوضاع وعلاقات الحكومة التي يتوقع أن يشكلها نتنياهو مع دول المنطقة والمجتمع الدولي وحتى واشنطن والاتحاد الأوروبي الداعمان بشدّة للعدو.
إدارة مدنيّة ظاهريّة
بالاستناد إلى أنّ ما تسمى “الإدارة المدنيّة” للعدو، هي المسؤولة الأولى والمُباشرة عن إصدار تصريحات خروج ودخول الفلسطينيين من وإلى أراضيهم في الضفّة الغربيّة، يشير البعض إلى أنّ سموتريتش الذي يعد أحد أبرز عناصر اليمين الإسرائيلي المتطرف ويمثل المستوطنين ويدافع بقوّة عن مصالحهم في توسيع الاستيطان والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، سيزيد من قوّة الضغط على المواطنين الفلسطينيين، حيث إن تلك الإدارة مسؤولة أيضاً عن المعابر الحدوديّة بالضفّة الغربيّة وقطاع غزّة، وهذا لا يبشر بالخير أبداً من ناحية سير الأمور في فلسطين ومستقبل الأوضاع في المنطقة.
كذلك، إنّ “الإدارة المدنية” هي هيئة حكم صهيونيّة تعمل في الضفة المحتلة، أنشأتها حكومة العدو عام 1981، وتعتبر الوجه الآخر للحكم العسكريّ الذي أدار –وما يزال- الأراضي التي احتلتها العصابات الصهيونية في العام 1967، وهي الضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان، بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع القاهرة، حيث فكك الاحتلال العسكري في جزيرة سيناء وسُلّم للمصريين، بينما قامت تل أبيب بضمّ مرتفعات الجولان واستبدل الحكم العسكري بالإدارة المدنية في الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما يُزعم أنّ الإدارة المدنية جسمًا منفصلاً عن الحكم الاستعماريّ، إلّا أنّها تابعة لقوات العدو الإسرائيليّ والاستخبارات الداخلية (الشاباك).
وفي هذا الشأن، تعد الإدارة المدنية جزءًا من كيان أبرز يعرف صهيونياً بـ “مكتب تنسيق الحكومة” في المناطق، ووحدة في وزارة الأمن التابعة للعدو، وبعد توقيع اتفاقية “أوسلو” تولت السلطة الفلسطينية مهامها إلى حد يُدعى أنّه كبير في عام 1994، ولكنها لا تزال تعمل بشكل محدود للغاية في إدارة شؤون السكان الفلسطينيين في المنطقة (ج) من الضفة المحتلة، بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية التي تتهم بخنوعها الشديد لتل أبيب وتنفيذها كل ما يطلب منها دون قيد أو شرط.
وفي الأساس، قام مشروع الإدارة المدنية التابع للعدو بهدف مزعوم ينطوي تحت كذبة “تحسين صورة الاحتلال أمام العالم”، ولتعمل تلك الإدارة على تقديم انطباع بأن هناك ما يمكن وصفه بحالة سياسية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبشكل لا يشير إلى وجود احتلال عسكري مرفوض ومدان من قبل السكان الفلسطينيين، ومتعارض في ذات الوقت مع القانون الدوليّ، كما هو في طبيعة الحال، لكن يتضح من خلال أداء الإدارة المدنيّة التابعة للجهات العسكرية والأمنية، أنّها أُوجدت في الأساس لتغليف الحكم العسكري للاحتلال الغاصب، ولم تكن في يوم من الأيام بديلاً عنه، وذلك عبر تقديم خدمات تبدو على أنّها إنسانية، تعمل سلطات الاحتلال على محاولة تطويع الفلسطينيّ وتكييفه مع القوة الاحتلاليّة بعيداً عن مسمى الحكم العسكريّ الذي يبعث على القلق.
وفي الوقت الذي تؤكّد فيه الإحصائيات الصهيونية الرسميّة أنّ عدد المستوطنات بالضفّة الغربيّة هو 237 مستوطنة، ويسكن هناك حوالي 600 ألف يهوديّ، انتقلوا للعيش هناك بدوافع تلموديّةٍ – توراتيّةٍ، وبطبيعة الحال احتلاليّة وعدوانيّة، باعتبار أنّ الصهاينة يحاولون لصق فلسطين التاريخيّة بعبارات واهية مثل “أرض الميعاد لـ”شعب الله المُختار” على سبيل المثال لا الحصر، في حين يبلغ عدد الفلسطينيين بالضفّة الغربيّة أكثر من 3.2 مليون.
نتيجة لكل ما ذُكر، لا شك أنّ سموتريتش سيسعى لإعادة ألق الحكم العسكريّ الصهيونيّ الذي يوصف بالدمويّة الشديدّة والعنف المفرط، من خلال محاربة الفلسطينيين وتنفيذ مصالح المستوطنين وزيادة عددهم وتوسيع المستوطنات، في موازاة قطع الطريق أمام عمليات البناء في القرى والبلدات الفلسطينية في المناطق “ج”، كما يتوقع أن ينفذ العنصريّ في الحكومة الفاشيّة عمليات هدم واسعة بالاستناد إلى ترهات صهيونية باتت مكشوفة للجميع، ناهيك عن تعزيز سياسة الامتناع عن إصدار تصاريح البناء، وستكون لديه صلاحيات لدفع مشاريع كثيرة في المستوطنات، ظلت طي النسيات لسنوات إثر ضغوط دولية، وأخيرا وليس آخراً تنفيذ ضم فعلي لمناطق في الضفة الغربية إلى الاحتلال، مايشي بتدهور كبير للأوضاع على الساحة الفلسطينية.
المصدر : الوقت التحليلي
المادة الصحفية تعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع