منى المؤيد

 

الحديث عن الهوية الإيمانية لا يكفي التحدث عنه لأيام وأسابيع وأشهر، لأن فهمة عميق ومتشعب، ولكن سنحاول ان نتحدث في هذا المقال عن اهم النقاط لفهم هذا المعنى وارتباطه بأهداف قوى الشر وإخراج الناس من النور الى الظلمات.

قبل الحديث،، لنأتي الى هنا ونسأل أنفسنا… لماذا الشعب اليمني هو المستهدف الأول لطمس هويته عن باقي الشعوب العربية والإسلامية؟ سنجد عدة أجوبة تحول بيننا وبين واقعنا المعاش ولعل أهمها وأخطرها: أن الشعب اليمني متمسك بدينه الإسلامي ما يعني هذا ان هويته الإيمانية راسخة كرسوخ الجبال وإن شعبه عزيزا حراً كريماً، وهذا ما لا يتمناه أعداء الإسلام والمسلمين لهذا الشعب العزيز.

وها هو الشعب اليمني اليوم يخوض معركه العزة والكرامة، وقد أصبح في عامه الثامن من العدوان الظالم عليه، وقوى الشر المتمثلة بأمريكا والعدو الاسرائيلي تحاول جاهدة لتركيع وإذلال شعب الإيمان ولكن دون جدوى، بل ان اليمانيون يزدادون قوة وإباء يوماً بعد يوم وهذا ما سبب لتحالف العدوان على اليمن بعدم توازن في ضرباتهم العدوانية سواءً كانت عسكرية او اقتصادية حتى لجأوا بعدها الى الحرب الناعمة لعلها تفيض بانهيار وخلخلة المجتمع اليمني وتجعله ينهار مستسلماً.

فلولا تمسُك اليمنيون بهويتهم الإيمانية بكل ما فيها من قيم وأخلاق ومبادئ لما استطاعوا ان يصمدوا في وجه العدوان الغاشم ولا ليوم واحد، لذلك فقد حاولت كثيرا قوى الاستكبار أن تسلب اليمنيين هويتهم الإيمانية بشتى الطرق والأساليب لأنها تعلم جيدا أن سلب اليمنيين هويتهم يعني سلب كرامتهم وعزتهم وعدم الدفاع عن انفسهم، مما سيسهل على المعتدي بضربهم وتمزيقهم دون مقاومة منهم، وكما قالها الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي- إيمان لا يبدأ من الله وينتهي بالمواجهة مع أعدائه ليس هو إيمان.

يرى أبناء الإسلام بأم اعينهم السعي الحثيث والمتواصل، كيف إن أعداء الأمة الإسلامية تحاول بكل طاقاتها لطمس وتلاشي الهوية الإيمانية من نفوس المسلمين وإضعاف عبوديتهم لله سبحانه وتعالى وولائهم لأولياء الله، ولهذا يسعى أولياء الشيطان وأولياء الطاغوت لمحاربة الهوية الإيمانية من نفوس الشعوب الإسلامية لا سيما الشعب اليمني ولم يكلوا ولم يملوا ذلك.
لهذا وجب علينا الحذر وأخذ الحيطة وتثقيف أجيالنا من هذه المخاطر والعمل على مواجهتها بالوعي والثقافة القرآنية، ولاشك فيه إن دستور ومرجعية الهوية الإيمانية لمن لا يعلم الإسلام والقرآن والرسول محمد صلى الله وعليه وآله وسلم.

ما يزيد أهل اليمن رسوخاً وثباتاً في مواجهة المعتدين هو تمسكهم بهويتهم الإيمانية وغيرها كما ذكرنا سابقاً، واذا لم نطبق هذه المعايير على مسار حياتنا، فإننا سنجد المعتدي ومن ورائهم ومن في فلكهم يتمكنون منا ومن أرضنا وعرضنا دون أي مقاومة أو جهد… لذا فليكن المنطلقون الى الله ورسوله والمتمسكون بهويتهم على ثقة أن مسلكهم مسلك هاد وراشد، وأن منهجهم هو المنهج الذي مضى عليه من قبلهم أولياء الله والمؤمنين.

منذ خلق الله آدم عليه السلام كخليفة في الأرض ونحن البشر نملك الإحساس والمشاعر، كما جعل نفسية الإنسان تنجذب وتنسجم مع الهوية الإيمانية، وما يحدث اليوم من عدوان من قبل دول الاستكبار وأدواتها السعودية والامارات ضد الشعب اليمني ليست حرب هيمنة وسرق ثروات وابتزاز فحسب فقد تعددت أهدافها ومنها:
أن يسلب هذا الشعب هويته الإيمانية، وهذا ما يجب أن ينتبه له كل يمني ويمنية ومسلم ومسلمة، ويعاهد نفسيته الإيمانية بالحفاظ على المدد الروحي الإيماني من خلال القرآن الكريم والبرنامج اليومي لرجال الله والحفاظ على الصلاة في أوقاتها والإكثار من التسبيح، وبهذا لا يمكن للعدو أن يتخلل فينا ويغير ثقافاتنا الإيمانية والقرآنية مهما حاول.

الهوية الإيمانية في شعب الإيمان والحكمة مثلت أهمية كبرى في تجديد ماضي هذا الشعب وحاضره ومستقبله، والتي كدنا أن نفقدها ونخسرها لولا رحمة الله بنا أولا وثانياً في أعطاء الله لنا السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي ذاك الرجل العظيم الذي يملك من الوعي والحكمة والقوة ما تكفي لهزيمة قوى الشر والحفاظ على ثقافاتنا الدينية والرجوع الحقيقي لها.

يرى الكثيرون من المنظرين لماذا يثير اليمانيون مثل هذه المواضيع ويعطونها أهمية كبرى، ومنها الهوية الإيمانية، وكأنها خصت لشعب الإيمان والحكمة- ما يعكس هذا على أن الشعب اليمني بفطرته يملك الهوية الإيمانية كما يملكها غيره من المسلمين بمختلف مذاهبهم وأعراقهم وجنسياتهم، إلا أن الهوية حاضرة ومتباينة في قلوب اليمنيين بشكل ملحوظ وإلى يومنا هذا بعكس الشعوب الأخرى فقد غيبت عنهم كثيراً.

ما هو سبب في أننا نرى ممالك ودول وأنظمة وأحزاب سياسية وإسلامية في ليلة وضحاها تبيع دينها وتتاجر به وتدور في فلك اليهود والنصارى، ما يعود هذا إلى ضعف هويتهم الإيمانية في نفوسهم، وإذا كان العالم الإسلامي اليوم يرزح تحت هوية غوغائية فاسدة مظلة تحت وطأة قوى الشر، فإن عليه أن يحذوا حذو اليمنيين في تمسكهم بهويتهم والعمل عليها في مسار حياتهم.

التطرق العميق لفهم الهوية الإيمانية لها جوانب ودلالات عدة ستجد أنها تحمل إرادة الخير للغير والمسؤولية تجاه الآخرين والإحساس بالأخوة الإيمانية بكل ترجمتها ومعانيها، كما أنها تجعلك مستشعراً لإقامة الحق والعدل ومواجهة الظلم والطغيان والإجرام، وأسماها هو أن تجعلك إنساناً أخلاقياً مستشعراً قيمة نفسك، لا أحد يمكن له أن يستعبدك ولا تكن معبوداً إلا لله سبحانه وتعالى.

اليوم يجب على كل عقلاء وحكماء وأحرار الشعوب العربية والإسلامية أن يستنهضوا لإعادة تكريس وغرس وترسيخ الهوية الإيمانية في نفوسهم وأجيالهم، أما نحن كشعب يمني يخوض معركة الكرامة بتصدينا لهذا العدوان، فنحن أحوج الى ترسيخ الهوية والحفاظ عليها أكثر بكثير من السابق لكي نحافظ على تلك المكانة من شرفنا وعزتنا وقوتنا.

نختم هنا القول بأنه ليس هناك من حل سوى إعلان معادلة جديدة مفادها أن أمن وكرامة وحرية الشعوب العربية والإسلامية، وخصوصاً شعبنا اليمني تُكمن في غرس الهوية الإيمانية في أنفسنا ومشاعرنا، ومن المفيد جداً أن يعلم أعداء اليمن أنهم لم ولن يكونوا في مأمن من وعي وعداء أجيالنا لهم.