رشاد أبو شاور *

تتواصل اعتداءات العدو الصهيوني، بتواتر لا يتوقف، على القطر العربي السوري، وقد يقع عدوان جديد بينما أنا أكتب هذه المقالة، أو وأنتم تقرأُنها.

لا عجب، فالكيان الصهيوني يعرف جيداً، وبغيظ، أن سوريا العروبة تقف في حَلْقِه، وأنها تواصل وضعها كغصّة، وكتهديد دائم لوجوده، وهي لم تتوقف يوماً عن دورها هذا. وهي، أي سوريا العروبة، ستبقى هكذا، تهديداً دائماً لهذا الكيان الدخيل، إلى أن يكنسه عرب فلسطين وأمتهم، ويعيدون إلى فلسطين وجهها العربي المتألق، ويطل عرب كثيرون من فوق قمة جبل الكرمل المطل على بحر حيفا وعكا ويافا، وكل بحر فلسطين الممتد إلى اللاذقية وبيروت العروس، عاصمة المقاومة، التي كنست الاحتلال وطاردته حتى آخر الجنوب، فهرب ذليلاً خزيانَ بجيشه الذي قُهر، وسبق جنرالاتُه جنودَه في الهرب بقيادة باراك، مجرم فردان في بيروت، ومقترف جريمة اغتيال أبي يوسف وكمال عدوان والشاعر والإعلامي كمال ناصر، الذي عمد باراك إلى صلبه بعد اغتياله، وإطلاق الرصاص على فمه، كأنما يُريد التذكير، مباهياً كيهودي، بصَلب السيد المسيح!

الجنرال الدعيّ، المنتفخ غروراً، هو الذي قاد انسحاب جيشه الذي لا يُقهر، فكان قائد الجيش المقهور في الهرولة، بحيث ترك مدافع جيشه ودباباته، والعملاءَ في الجنوب الذين بُهتوا، وبَهُت الذي كفر، وهم يرون الجيش الذي ركنوا إلى قوته التي لا تُقهر، فإذْ هو هامل جداً، وجبان، ويُقهَر أمام مقاومة قهرته، وهرول إلى أوكاره حيث يتحصن في الأرض الفلسطينية المحتلة، والتي ستلفظه في يوم غير بعيد.

في أثناء الحصار في بيروت عام 1982، تم إسقاط طائرة وأسر طيّارها، فتوسّل إلى الفلسطينيين ألّا يسلّموه إلى السوريين! وهذا يدلّل على الرعب المستوطن في نفوس كل قطاعات جيش الصهاينة من سوريا وما تمثله. والأيام آتية لا ريب فيها.

في الحرب على سوريا، في المؤامرة الكونية على سوريا، والتي فشلت، كان، ولا يزال، للكيان الصهيوني دور بارز فيها، لأن سوريا هي التي تُفشل التطبيع، ولأن سوريا تَعِد، ما دامت صامدة وقوية، بأن كيان “إسرائيل” لن تبقى آمنة، وبأن قلب العروبة النابض سيظل ينبض بحب فلسطين العربية، وبالوفاء لها، وبدوام العهد والوعد بتحريرها، بهمّة شعب فلسطين وكل أحرار الأمة، وفي مقدّمتهم سوريا الصامدة. لذلك، يواصل الكيان اللقيط التحرّش بسوريا واستفزازها وتوجيه صواريخه إليها، فلقد سكنت الجبهات، وطمأن المطبّعون “صديقتهم”، وبقيت سوريا، التي يرفرف في سمائها علم العروبة عالياً، وفيةً لتاريخها المُشرّف.

هناك متآمرون يشمتون بسوريا لأنها تتلقى صواريخ العدو، مع أنها تُسقط كثيراً منها، وهم، مع الكيان الصهيوني، مغتاظون من انتصارات سوريا وجيشها وكل تشكيلات مقاتليها، التي فكّت الحصار عن عاصمة العروبة دمشق، وطاردت قطعان الإرهابيين، فهربوا في قوافل الباصات الخضراء، ولحاهم منكّسة على صدورهم. وتحررت حلب وحمص وحماة، ووقف الجيش العربي السوري على ضفة نهر الفرات قبالة – ولقد زرنا بلدة السبخة قبل ثلاثة أعوام على الرغم من خطورة الطريق، ومكثنا 3 أيام فيها – مدينة الرقّة التي يحتلها كُرد تضللهم قياداتهم المحتمية بالأميركيين؛ تلك القيادات التي لم تتعلم من دروس تبعيتها وخذلانها ممن استتبعوها وباعوهما مراراً وتكراراً.

تعيد سوريا البناء، والإعمار، وهي تخوض معاركها بوعي وصبر، وتواجه تركيا إردوغان، وكُرد أميركا، والمرتزقة الذين دفعتهم ومولتهم دويلات النفط والغاز، التي خسرت المعركة، لكنها لن تتخلى عن دور مرسوم لها، تُدفع إليه، لكنها ستخسر مع الخزي والعار اللذين سيلحقان بها أبدَ الدهر.

سوريا، التي تخوض معركة وجودها، ووحدة أرضها التي استعادت أغلبيتها بالدم العربي السوري الزكّي، وببطولة الجيش العربي السوري المذهلة، وبطولة رفاق السلاح، من المقاومين اللبنانيين والفلسطينيين، ودعم جمهورية إيران الإسلامية، ووحدات الجيش الروسي الصديق؛ سوريا تعرف أن الكيان الصهيوني يستفزها ليستدرجها إلى معركة ليس هذا أوانها، فهي لن تقرر خوض المعركة على مسؤوليتها، فلها شركاء بالدم والأهداف في جبهة المقاومة، الممتدة من فلسطين، إلى بيروت، إلى طهران، إلى صنعاء، ولها أصدقاء لهم قواعد في أرضها. وهؤلاء الأصدقاء تكشَّفت لهم حقائق لم تكن واضحة من قبلُ، منها دور الكيان الصهيوني المتآمر، والذي يخوض الحرب مع جيش أوكرانيا في مواجهة روسيا وجيشها، علناً، بالسلاح والخبراء والمرتزقة!

معركة سوريا مع الكيان الصهيوني آتية لا ريب فيها، وهي معركة فلسطين، ومعركة حُريّة ملايين العرب الشرفاء؛ معركة اليمن، ومعركة تحجيم دويلات اعتادت أن تخرّب وتُفسد في بلاد العرب. وها هي تطبّع مع كيان يقتل عرب فلسطين يومياً. وعلى الرغم من بطشه، فإنه يعجز عن إلحاق الهزيمة بعرب فلسطين. ولعله، بسبب هذا، يُمعن في وحشيته تعبيراً عن يأسه من مواجهة الجيل الشاب من ثوّار فلسطين، الذين يفشل في تخمين أين سيضربون بسبب ما يملكونه من خبرات متطورة تتلاءم مع الشجاعة المبهرة التي تحبط جيشه، نتيجة جسارة شبّان فلسطين وبراعتهم وقدراتهم على مفاجأته، حيث لا يتوقع.

لا، سوريا لا تسكت عن جرائم الكيان الصهيوني، بل تردّ عليها بصمودها وإدانتها وتصديها للتطبيع، وبدعمها للمقاومين بالسلاح، وبوصول الكورنيت السوري إلى المقاومة في لبنان وغزة.

سوريا تقاتل في كل مناحي الحياة السورية، وجيشها البطل قاتل ويقاتل، وشعبها العربي يقاتل في مواجهة الظروف الاقتصادية المفروضة عليه. وهو يعرف أن دولته لم تكن مرهونة القرار المستقل بسبب المديونية. فسوريا، عندما وقعت المؤامرة الدولية عليها، كانت بلا مديونية، ونفطها وغازها لها، وزراعتها مزدهرة ومتقدمة، وقمحها يُصَدَّر، ويفيض في مخازنها. فهي تأكل وتلبس من قمحها وقطنها، وتعلن عروبتها المقاومة والمنحازة إلى فلسطين، وإلى كل عربي مقاوم.

سوريا، بقيادتها وشعبها وجيشها، لن تهزمها رشقات صواريخ الكيان الصهيوني، وستُجْهِز على مَن تبقّى من العملاء ورعاتهم الأميركيين والإردوغانيين. وأيام اكتمال مجد سوريا العروبة آتية، نراها رَأْيَ العين، وسيدفع الصهاينة ثمن اعتداءاتهم. والأيام قادمة لا ريب فيها.

* المصدر: الميادين نت
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع