السياسية – أمل باحكيم :

لليمن تاريخ عريق هو نتاج حضارات مجيدة تعاقبت على البلاد عبر تاريخها السحيق امتدت مما قبل الميلاد الى العصر الحديث، حيث كانت الحضارة اليمنية ومازالت بمثابة شاهد حي على ما قدمته البلاد من اسهامات في مسيرة الحضارة الإنسانية خلدها التاريخ بمدن تاريخية منتشرة في العديد من محافظات اليمن وما تحتويه تلك المدن من مواقع أثرية وتماثيل شامخة شموخ حضارة اليمن عبر العصور المختلفة.
وبحسب مركز الهدهد للدراسات الأثرية فقد تعرضت الآثار اليمنية للنهب والسرقة والتدمير وأصبحت تباع في المزادات الدولية.

وكشف المركز في تقرير له أن أكثر من 4265 قطعة أثرية مهربة بيعت في 16 مزاد في 6 دول هي أمريكا 5 مزادات، بريطانيا 4 مزادات، فرنسا 3 مزادات، ومزادان في الكيان الصهيوني ومزاد لكل من ألمانيا وهولندا.

وبلغ عدد القطع المباعة والمعروضة خلال فترة العدوان 2610 قطعة، احتلت أمريكا المركز الأول بـ 2167 قطعة أثرية، ثم هولندا وفي المركز الثالث الكيان الصهيوني بما يقارب الـ 450 قطعة أثرية.

وأشار المركز إلى ان عدد القطع الأثرية المباعة خلال فترة العدوان 2523 قطعة بلغت قيمتها التقديرية 12 مليون دولار.

ومن ضمن القطع التي رصدها التقرير قطع وصل سعرها إلى أكثر من 800 ألف دولار مثل مخطوطة تعود إلى القرن الخامس عشر الميلادي.

وكشفت الاحصائيات الأولية – وفق المركز- النماذج القطع الأثرية شملت 7 متاحف عالمية تضم 1384 قطعة أثرية.

وأشار المدير التنفيذي لمركز الهدهد للدراسات الأثرية فهمي الأغبري إلى أن القائمة التي أصدرها المركز هي بداية تستند إليها الجهات الرسمية قضائيا في ملاحقة عمليات سرقة الآثار.

وأوضح أن تسريب الآثار اليمنية نشط منذ العام 2011 وتزايد في عام 2015 مع بداية العدوان والقرارات الأممية الجائرة.

وقال الاغبري أن تحالف العدوان استهدف مواقع أثرية لا يمكن أن يكون فيها قوات عسكرية مثل متحف ذمار التاريخي

وأتهم مدير مركز الهدهد للدراسات الأثرية الإمارات بلعب دورا كبيرا في نهب الآثار اليمنية لتعرضها بمسرحيات هزيلة على أنها قطع أثرية إماراتية ولإيصالها لكيان العدو.

وأكد الاغبري أنه تم التواصل مع اليونيسكو قبل عامين لكنهم طلبوا منا تقديم توثيق لهوية القطع المهربة في الوقت الذي لم نستطع فيه الخروج من اليمن وكان بإمكانهم التأكد من هوية القطع المهربة.

 تهريب الاثار اليمنية إلى أوروبا

في حين كشفت تقارير إخبارية عن اختفاء العديد من أثمن القطع التي يعتقد بأنها عبرت الحدود لتصل إلى تجار آثار دوليين، وكانت السلطات الأمنية السويسرية قد أعلنت مؤخرًا عن ضبط قطع أثرية مسروقة من اليمن وليبيا وسوريا في جنيف.

فقد نشرت منصة (العربية فيلكس AF)، تقريرا متعلقا بتهريب نحو مليون قطعة أثرية يمنية في مزاد علني في أوروبا لبيع آثار يمنية مسروقة والتي بدأ المزاد الأول في 16 سبتمبرالماضي، والثاني في 27 من الشهر ذاته، فيما المزاد الثالث في التاسع من أكتوبر الماضي”.

وبحسب موقع «بركات غاليري»، فإن التُّحف تضم تماثيل ورؤوساً وأشكالاً مختلفة، معظمها مصنوعة من المرمر، تعود للحقبة السبئية والتي يبلغ عددها 28 قطعة على الأقل، ما بين تماثيل ومنحوتات، وألواح عليها كتابات مسمارية بخط المسند.

وأوضح الباحث الأمريكي ألكسندر أن عدد قطع الآثار اليمنية التي تم نهبها وتهريبها من اليمن وصل إلى أكثر من مليون قطعة، وأكد أن تهريب الآثار من اليمن يتم عبر دول مثل الإمارات والكيان الصهيوني قبل وصولها إلى أمريكا. 

اما الباحث اليمني عبد الله محسن المختص في الآثار فقد كشف عن مزاد عالمي لبيع قطعة أثرية “ذهبية وبرونزية” ستعرض في 30 نوفمبر الحالي في “دار مزادات تايم لاين في لندن سيعرض ما يزيد عن ستة آلاف قطعة أثرية من أنحاء العالم منها (110) قطعة أثرية مصرية، وأكثر من (40) قطعة ذهبية وبرونزية من آثار اليمن القديم.

حيث أكد عبد الله محسن أن قطع أثرية يمنية بيعت بـ1.27 مليون دولار منها تمثال لامرأة من مملكة قتبان بيع في “دار سوني” للمزادات في نيويورك بمبلغ وقدره مليون ومئتان وسبعون ألف دولارا أمريكي، وكذلك بيع أكثر من 60 قطعة ذهبية أثرية في مزاد علني أقيم بالعاصمة البريطانية لندن.

وأشار أيضا ان هناك مزاد عالمي بالولايات المتحدة الأمريكية سيقام في “روبن وريتشي للفنون الجميلة ” في مدينة تفاريس بولاية فلوريدا تعرض في التاسع عشر من نوفمبر 2022م وسيتم فيه بيع قطعة أثرية حجرية قديمة نادرة تعود للقرن الأول أو الثاني الميلادي.

وتمارس عصابات من جنسيات عربية وأجنبية وخبراء إضافة إلى يمنيين عملية تهريب الآثار من اليمن.

 حماية الأثار

وأوكل القانون رقم (8) لسنة 1997م الهيئة العامة للآثار والمتحف مهمة حماية الآثار وصيانتها وترميمها.

ويحظر القانون اليمني الاتجار بالآثار المنقولة دون حصول على إذن رسمي من السلطة الأثرية ولا يجوز الاتجار إلاَّ في أضيق نطاق ويقتصر الاتجار بالآثار على المنقول منها والمسجل لدى السلطة الأثرية التي تجيز هذه السلطة التصرف فيها ويصدر الإذن بالاتجار وفقاً للقواعد والشروط التي يصدر بها قرار من الوزير.

عقوبات تهريب الآثار

وبحسب المادة (37) من القانون رقم (8) لسنة 1997م يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن خمس سنوات أو بغرامة لا تقـل عن (000ر50) ريال أو بالعقوبتين معا  كل من هـرب أو اشترك في تهريب أثر إلى خارج الجمهورية مع الحكم بمصادرة الأثر محل الجريمة وكذلك الأشياء المستخدمة في تنفيذ الجريمة.

 الدولة وحماية الاثار

على الدولة سن قوانين تعاقب مهربي الآثار بعقوبات رادعة، وتنفيذ هذه العقوبات بصرامة ومن غير تهاون، أضافة إلى وضع السياسيات والاستراتيجيات العامة للثقافة الوطنية وحماية التراث الثقافي والحضاري والتاريخي وجمع وحماية الموروث الشعبي وإبراز دور ومساهمة اليمن في التراث الإنساني وتشجيع الابداع في مجال الثقافة والادب والفنون.

وهناك اتفاقيات دولية لحماية الاثار منها اتفاقية “يونيسكو” عام 1972، المتعلقة بحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة.

 العدوان وتدمير الآثار

شهدت الاثار والمخطوطات اليمنية تدميرا ونهبا كبيرا، وشكل العدوان الغاشم على اليمن من قبل التحالف السعودي الأمريكي من عام 2015م الى الان السبب الرئيسي في تدمير وتهريب الآثار اليمنية.

حيث تعرضت “قلعة القاهرة” التاريخية وفي محافظة تعز للتدمير بسبب القصف الجوي لتحالف العدوان.

كما حظيت “قلعة صيرة” التاريخية في عدن التي بنيت في القرن الحادي عشر الميلادي نصيبا من صواريخ هذا العدوان.

وفي محافظة صعدة تعرضت “المدينة القديمة” إلى القصف الجوي، كما تعرض مسجد “الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم” للتدميره ويعتبر أحد أقدم وأهم جوامع المدينة، والذي تم بناؤه في عام 290 هجرية.

اما في محافظة مأرب التاريخية تعرض سور “معبد أوعال صرواح” نتيجة القصف الصاروخي من قبل العدوان إلى التشقق ويعود تاريخه إلى الدولة السبئية.

 الأنترنت الأسود وتهريب الاثار

أدى انتشار منصات التواصل الاجتماعي إلى تسهيل انتشار ظاهرة تهريب الآثار عن طريق “الأنترنت الأسود” وهي مواقع ينشط عبرها المهربون، يستخدمونها بغرض الترويج للنشاطات المشبوهة مثل تجارة السلاح والمخدرات وتبييض الأموال وغيرها ومنها تجارة تهريب الاثار حيث يمتلك هؤلاء معلومات بالآثار والتحف التي توجد في المواقع المستهدفة وصارت تلعب دور الوسيط بين البائع والمشتري.

وتبقى مسؤولية حماية الاثار والحفاظ عليها مسؤولية كل مواطن وليس فقط الجهات المعنية وخصوصا في ظل ما تتعرض له اليمن من عدوان سعودي امريكي صهيوني قضى على الأخضر واليابس ودمر كل شيء وطمس كل معالم الحياة.