زياد ناصر الدين*

لا يختلف اثنان في أن اتفاقية الطائف، التي كما يُقال لم تُطبّق بنودها حتى الآن، ساعدت الوكلاء السياسيين وورثتهم على تقاسم موارد الدولة وإنماء الفساد في حكم الطوائف.

لا يختلف اثنان في أنّ التطبيق السياسي للنظام اللبناني الناتج عن اتفاقية الطائف أرسى حكم الطوائف على الدولة ومؤسساتها، وقسّم لبنان شعوباً موقوتةً كالقنابل. وكان هذا النظام يحتاج دوماً إلى ضامن، يكفل استمراريّة ولاء الطوائف للخارج.

ولا يختلف اثنان أيضاً في أنّ اتفاقية الطائف، التي بقيت مداولاتها مخفيّة وسريّة، لم تُطبّق بنودها الأساسيّة، وأنّ أرباب النظام المجمعين على هذه الاتفاقية هم في مقدّم أعداء الطائف من ناحية تطبيق إلغاء الطائفية السياسية التي يعلم الجميع أنّها المدخل الأساسي والحقيقي إلى الإصلاح وكسر تحكُّم الطوائف وإلغاء الولاءات الخارجية التي تحرم الداخل اللبناني أبسط حق له، وهو الحوار.

كذلك، لا يختلف اثنان في أنّه عند إبرام اتفاقية الطائف كان الاعتقاد السائد أنّ العدو الإسرائيلي هو المنتصر في المنطقة، ولم يؤخذ بالاعتبار قطّ أنّ لبنان سينتصر على الصهاينة ويرسي معادلة سياسية مختلفة.

ولا يختلف اثنان في أن اتفاقية الطائف، التي كما يُقال لم تُطبّق بنودها حتى الآن، ساعدت الوكلاء السياسيين وورثتهم على تقاسم موارد الدولة وإنماء الفساد في حكم الطوائف، وإضعاف مؤسسات الرقابة وصولاً إلى تعطيل الدولة نفسها. هؤلاء أنفسهم مَن يدّعون الحرص على الطائف وهم أعداء الاتفاقية.

تبعات اقتصادية

كل ذلك انعكس على الاقتصاد اللبناني، الذي أظهر سلبيّات تبدّت بالتالي:

–   تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية بتكلفة مرتفعة.

–   استدانة بالدولار من دون توفير مصادر دخل.

–   تدمير الإنتاج.

– توظيف 60% من موجودات المصارف في البنك المركزي وسندات الخزينة.

 

–  تعيينات بالمحسوبية أدّت إلى تدمير القطاع العام.

–  هندسات مالية وفوائد فاحشة.

– ارتفاع الدين العام إلى 170% من الناتج المحلي.

– تمويل طويل لعجز الموازنة وعجز ميزان المدفوعات.

–  دفع 35% من الموازنة لخدمة الدين العام.

–  انهيار سعر الصرف وانهيار القطاع العام.

–  عدم إقرار استقلالية القضاء، وجعله تابعاً سياسياً.

– تعطيل لجان الموازنة، وقطع الحساب وأجهزة الرقابة.

– ارتفاع معدلات الفقر على نحو مخيف.

– وصولاً إلى الانهيار المالي والنقدي والاقتصادي والاجتماعي.

الحوار الوطني

إذا كان من المسلّم به أنّ الطائف قد أرسى السلم الأهلي في لبنان، إلا أنّ عامل الفساد في البلاد لا يزال يتمتع بالصفات نفسها منذ العام 1945 حتى اللحظة الراهنة، وذلك يعني منع الدولة من تطوير نظامها السياسي، ما يحوّلها إلى دولة فاشلة.

بالتالي أصبح لا بد من انطلاق حوار وطني جدي، يأخذ بالاعتبار انبثاق واقع اقتصادي اجتماعي سياسي من شأنه أن يُطوّر النظام، حتى لا نصل إلى الدولة الفاشلة المرتهنة التي تمنع فيها الطوائف محاسبة الفاسدين وإقالة المسؤولين عن الفساد وعدم تطبيق برامج إصلاحيّة.

النتيجة، إما أن تُطبّق اتفاقية الطائف كاملة من دون تزلّف لبناء نظام اقتصادي إصلاحي اجتماعي سياسي عادل، تنتج عنه دولة قويّة عادلة، وإما لا بد من التوجّه نحو تطوير نظام يأخذ بالاعتبار أنّ لبنان دولة ذات سيادة لها الحق في حماية حدودها وعدم الارتهان للخارج.

* المصدر: الميادين نت

* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع