السياسية:

أعلنت وسائل إعلام سعودية عن بدء عمليات هدم آخر أحياء مدينة جدة السعودية وهي حيي “أم السلام” و “كيلو 14” بعد إخطار سكانها وطلبت السلطات السعودية من سكان العشوائيات سرعة استكمال عملية دفع التعويضات وتقديم المستندات المطلوبة.

وبحسب تقارير إعلامية سعودية، فإن الأحياء التي تم تدميرها حسب الخطة المعلنة تصل إلى 32 حيًا، وستستمر العمليات الميدانية وإزالة الأنقاض من جميع الأحياء.

وأعلنت السلطات السعودية: “الهدف من إزالة هذه العشوائيات هو تطوير الأحياء وتحسين نوعية الحياة، وتسهيل حصول السكان على جميع الخدمات الضرورية، لا سيما الخدمات الصحية والتعليمية والإسكانية”.

في الأشهر الماضية، تم تنظيم احتجاجات ضد عمليات الهدم على مواقع التواصل الاجتماعي عبر هاشتاغ (هدم جدة) و أعلن “علي الأحمد” الناشط والباحث السعودي: هدم منازل المواطنين دون موافقتهم وقبل تعويضهم مرفوض.

جدة هي ثاني أكبر مدينة في المملكة العربية السعودية ويبلغ عدد سكانها 4.5 مليون نسمة هذه المدينة هي مركز اقتصادي مهم وبوابة لملايين الناس الذين يذهبون إلى مكة كل عام لأداء فريضة الحج. هدم المناطق السكنية في جدة جزء من خطة الحكومة لاستبدال المشاريع الكبيرة وتم تدمير ما لا يقل عن 10 أحياء بالكامل حتى الآن، ولا تزال عمليات الهدم مستمرة في 10 أحياء أخرى. وتستهدف الخطة حوالي 60 منطقة، معظمها في الجزء الجنوبي من المدينة، ومن المتوقع أن تستمر لأشهر.

ووقع الدمار في جدة فيما أطلق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مشروعًا استثماريًا جديدًا لبناء أربعة مبانٍ عالمية مهمة هي “دار أوبرا ومتحف وملعب رياضي وأحواض محيطات ومزارع مرجانية بالإضافة إلى عشرة مشاريع سياحية خاصة في المنطقة في إطار تنفيذ خطط رؤية 2030.

أدى تدمير المناطق السكنية في جدة إلى تفاقم أزمة الإسكان في السعودية وازدادت أسعار الإيجارات بشكل حاد في المدينة، لدرجة أن السكان يقولون إن الإيجار تضاعف في غضون أيام قليلة ولا يستطيع الكثير منهم تحمله.

وبحجة تطوير المدينة، تقوم السلطات السعودية بهدم المنازل وتهجير سكانها، فيما توقفت عشرات المشاريع في جدة منذ سنوات ولم تكتمل بعد.

ومع ذلك، سيتم تهجير مئات الآلاف من الأشخاص نتيجة للمشروع.

إن التعبير عن أي نوع من الانتقاد والمعارضة في السعودية أمر خطير للغاية ويمكن أن يكون له عواقب وخيمة، ومؤخرا حكمت محكمة في المملكة العربية السعودية على ثلاثة متظاهرين بمشروع نيوم بالإعدام.

استنكر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تصرفات السلطات السعودية بشأن التدمير الكامل للأحياء السكنية في محافظة جدة وتهجير سكان هذه الأحياء وعدم منحهم فرصة إيجاد منزل سكني بدلاً من منازلهم التي دمرت بالكامل.

في بعض الحالات، لم يكن أمام الناس في بعض الأحياء سوى أسبوع لإخلاء منازلهم أو متاجرهم، وفي أحياء أخرى، قال بعض الناس إنهم مُنحوا 24 ساعة فقط للإخلاء.

وفي هذا السياق أعلنت مجلة “أوكومونيست” مؤخرا أن محمد بن سلمان يسعى لمعاقبة سكان جدة بهدم أحياء جدة وعدم دفع تعويضات لهم لأن أهلها بخلفيتهم التاريخية لم يقبلوا حكم آل سعود على السعودية منذ البداية ولم يستسلموا لمطالبها.

ويبدو أن الحكومة السعودية عازمة على الاستمرار في هدم الأحياء المعلنة بغض النظر عن حالة التظلمات وسيحل مشروع وسط جدة بدعم من الأمير محمد بن سلمان محل هذه الأحياء، ويعتبر هذا المشروع “انتصارا على العشوائيات” بميزانية تقريبية 500 مليار.

مشروع جديد وفشل جديد

عندما طرح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في أكتوبر 2017 فكرة المشروع الذي أطلق عليه اسم «نيوم»، أبدى كثير من المراقبين عدم تفاؤلهم بمستقبل هذا المشروع جراء ما تعانيه السعودية من أزمة اقتصادية جراء تراجع أسعار النفط الذي أدى الى عجز كبير في ميزانيتها السنوية. وذلك لما يحتاجه المشروع من تكلفة مالية كبيرة تبلغ نحو 500 مليار دولار. ثم جاءت حادثة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، بعد عام من الإعلان، في قنصلية بلاده بمدينة اسطنبول التركية لتشكل ضغطاً كبيراً على المستثمرين الجانب الذي كانوا يطمحون في ضخ أموالهم في المشروع، فيتراجع عدد كبير منهم ويضع الفكرة جانباً. وها نحن اليوم بدأنا نشهد دعوات حقوقية ضد الشركات الاستثمارية التي كانت قد قررت المساهمة في المشروع وذلك بسبب الانتهاكات الحقوقية للسلطات السعودية بحق أهالي المنطقة.

مشاريع خيالية والفشل مصيرها

نعم كل المؤشرات والتحليلات والتنبؤات التي نشرتها مراكز الدراسات الاستراتيجية العالمية كانت تؤكد أن الاقتصاد السعودي ومحمد بن سلمان لن يتمكن من إنجاح هذا المشروع الضخم ولكن الأمير الأرعن كان ولا يزال مستمراً في خطته التي أفقرت المواطن السعودي وأغنت الأمراء.

وها هو اليوم يتحدث عن مشروع جدة وكأن كل المشاريع السابقة قد نجحت! فهل ننسى مشروع نيوم أم مشروع القدية الذي يعتبر مشروع القدية هو مشروع ترفيهي رياضي ثقافي سعودي أعلن عن فكرته ولي العهد السعودي رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة في 7 إبريل 2017م كوجهة ترفيهية واجتماعية نوعية، ووضع حجر الأساس للمشروع الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود في يوم 28 أبريل 2018.

تختص بتنفيذ أعمال المشروع وتطويره شركة القدية للاستثمار وهي شركة مساهمة مغلقة تم إطلاقها في مايو 2018، حددت شركة القدية خطة تنفيذ أعمال المشروع في جدول زمني يتم تنفيذه على مدى 4 سنوات، تنتهي بالافتتاح الرئيسي في مطلع عام 2023، وأعلنت عن أعمال المرحلة الأولى في يوليو 2019، حيث تضمنت أكثر من 45 مشروع وأكثر من 300 نشاط عبر قطاعات الإبداع والضيافة والترفيه والرياضة منها ملعب القدية.

يقع المشروع على مساحة 334 كم مربع، كأكبر مدينة ترفيهية في العالم، حيث تتجاوز مساحة ديزني بضعفين ونصف.

يسعى المشروع إلى دفع مسيرة الاقتصاد الوطني، وتنويع مصادر الدخل القومي من خلال استعادة 30 مليار دولار ينفقها السعوديون سنوياً على السياحة الخارجية فضلا عن جذب سياح جدد من الخارج، كما يستهدف تطوير قطاع الترفيه وتنمية المناطق الصحراوية مع المحافظة على البيئة الفطرية، وتوفير فرص وظيفية ملائمة في مجالات مبتكرة للمواطنين من الجنسين، حيث من المتوقع أن يساهم المشروع في نمو الاقتصاد السعودي بقيمة اقتصادية تقدر بنحو 17 مليار ريال سنويا، وأن توفر شركة القدية للاستثمار (52) ألف وظيفة للمواطنين من الجنسين.

يعتمد مشروع القدية على 20 شركة عالمية لتصميم المخطط بمساحة اجمالية تبلغ 334 كيلومتر مربع بتكلفة 10 مليارات دولار.

شركة القدية للاستثمار – منفذة المشروع- تقول إن مشروعها يهدف إلى حل مشكلة البطالة وزيادة الإنفاق المحلي، وتتوقع ان يساهم المشروع بإعادة 30 مليار دولار أنفقها السعوديون على السياحة في الخارج.

ولكن.. هناك وجه آخر للحقيقة.. فرئيس مجلس ادارة القدية المنفذة للمشروع هو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مما يجعل المشروع جزءاً من امبراطورية الفساد التي يمتلكها والتي بناها لنفسه منذ توليه منصب ولي العهد ولم يُنجز منها شيئاً سوى اهدار مليارات الدولارات.

ويبدو ان هناك شكوكاً في إمكانية انجاز المشروع في موعده المحدد، فصور الأقمار الصناعية الواردة من المشروع تُظهر المكان أرضاً جرداء لا تحوي أي منشآت.

البعض أيضاً استهجن انفاق هذا المبلغ الهائل على مشروع وهمي لمدينة ملاهي والذي كان من الممكن انفاقه في مشاريع أخرى اكثر واقعية.

عندما يقع شخص ما أو بلد ما في ورطة نراه يتخبط بقراراته وتصريحاته بهدف الخروج من هذه الأزمة أو الورطة وهذا تماماً ما يحصل في السعودية فقد ورطها محمد بن سلمان وأدخلها بمشاريع ضخمة من دون أي دراسة للمخاطر المحيطة بها أو المتوقعة وهذا سيجر الفشل والانهيار لهذا الاقتصاد وكل الشواهد بدأت تشير إلى ذلك وأهمها مؤشر الاستدانة فالدول المتطورة تحاول تخفيض ديونها الخارجية ولكن بالنسبة للسعودية فهذه الديون بدأت تحقق أرقام قياسية.

* المصدر: موقع الوقت التحليلي

* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع