انتهت الهدنة في اليمن.. وطبول الحرب بدأت تُقرع.
ما هي السيناريوهات المتوقعة؟ ومن هي الأطراف التي عرقلت التجديد؟ وكيف سيكون رد فعل جيش حكومة صنعاء؟ وهل هناك فرصة أخيرة للإنقاذ؟
السياسية :
كان واضحا، ومنذ ان نظمت حكومة صنعاء اليمنية بزعامة حركة “انصار الله” عرضين عسكريين ضخمين تم خلالهما مشاركة صواريخ ومسيرّات حديثة، برية وبحرية، انها تلوح بإنهاء هدنة الشهرين الأخيرين، وتستعد للعودة الى خيار استئناف الحرب مجددا.
الوفد اليمني المفاوض في حكومة صنعاء أكد في بيان أصدره اليوم الاحد بمناسبة انتهاء الهدنة، انه “خلال ستة اشهر من عمر الهدنة، لم نلمس أي جدية لمعالجة الملف الإنساني كأولوية عاجلة ومهمة”، وأضاف “رهان دول العدوان اصبح على الورقة الاقتصادية واستمرار الحصار بعد ان فشلت كل الرهانات الأخرى لتركيع اليمن”، وحمّل الوفد المفاوض “دول العدوان مسؤولية وصول التفاهمات الى طريق مسدود”.
حكومة صنعاء التزمت بإتفاق الهدنة طوال فترة الأشهر الستة الماضية وتغاضت عن الانتهاكات، على أمل ان تُكافأ من قبل المبعوث الدولي والدول الراعية للاتفاق بشكل مباشر او غير مباشر مثل أمريكا وبريطانيا والسعودية والامارات، بالانتقال الى الخطوة التالية، أي مفاوضات تقود الى تسوية سلمية مستدامة على أساس إنهاء الحرب، والتجاوب الكامل مع المطالب الأمنية في رفع الحصار، ولكن يبدو ان جميع هذه الأطراف كانت تراهن فعلا على استمرار التجديد لهذه الهدن ودون أي تحسين لشروطها على أمل ان ترتخي عضلات المقاتلين اليمنيين وتضمر، ويتعودوا على الهدنة وكأنها هبة وتفضُل من المعسكر الآخر.
السيد مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى أبلغ المبعوث الدولي هانس غروند برغ يوم امس ان صرف مرتبات جميع موظفي الدولة كافة ومعاشات المتعاقدين مطالب أساسية للشعب اليمني، علاوة على رفع الحصار عن مطار صنعاء وميناء الحديدة، ويبدو ان جميع هذه المطالب الأساسية لم تلق آذانا صاغية، خاصة انها مطالب جرى الاتفاق عليها في مفاوضات الهدنة، وتقديم المبعوث الدولي ضمانات بتنفيذها، وخاصة زيادة عدد الرحلات في مطار صنعاء، وزيادة عدد وجهاتها.
عودة حكومة صنعاء الى الحرب كانت الخيار الأخير، بعد استنزاف الخيارات الأخرى، فمن غير المنطقي ان يتم تشديد الخناق على الشعب اليمني، واغلاق مطار صنعاء كليا باستثناء رحلتين في الأسبوع فقط واحدة الى القاهرة وثانية الى الأردن، ومنع اكثر من ثماني ناقلات نفط من تفريغ حمولاتها في ميناء الحديدة، واغراق اليمن في ازمة طاقة علاوة على نهب ثرواته النفطية والغازية، وترك الشعب اليمني يتضور جوعا.
صواريخ العرض العسكري الباليستية البحرية والبرية المتقدمة والدقيقة التي كانت “تاج” العرضين العسكريين الأخيرين، وتصل الى كل بقعة في البحر الأحمر كانت رسالة تحذير لكل الأطراف من العودة الى الحرب اذا لم يتم التجاوب مع المطالب اليمنية كاملة، ولكن من المؤسف ان الطرف الآخر لم يفهم هذه الرسالة واستهتر بها وهذه قمة اللامسؤولية وقد يدفع ثمنا غاليا من جراء هذه المواقف.
ليس لليمن ما يخسره اذا ما عادت قوات الجيش اليمني الى الحرب وبالكفاءة العالية نفسها طوال الثمانية أعوام السابقة قبل الهدنة، طالما استمر الحصار وسياسات التجويع، ولا نكشف سرا عندما نقول ان حكومة صنعاء استغلت اشهر الهدنة الستة في تطوير قدراتها العسكرية، وإعادة تنظيم صفوفها، واعتبار هذه الأشهر استراحة محارب، وفرصة لالتقاط الانفاس استعدادا لجولات جديدة لعدم ثقتها بالضمانات الدولية.
ما زالت هناك فرصة للتخلي عن كل أساليب الغطرسة والاستهتار بقدرة الجيش اليمني وحكومته، والعودة الى المفاوضات للتجاوب مع المطالب اليمنية في رفع الحصار، ودفع الرواتب، والتعاطي بفاعلية مع الملف الإنساني للشعب اليمني، ونأمل في هذه الصحيفة “راي اليوم” ان يتم استغلال هذه الفرصة في أسرع وقت ممكن لتجنب العودة الى الحرب، لأنه اذا اشتعل فتيلها مجددا سيكون من الصعب ان تتوقف، وستكون الكلمة العليا للجناح المتشدد في حكومة “انصار الله” التي شككت في جدوى هذه الهدن لعدم ثقتها بحسن نوايا الطرف الآخر، وستكون كل بقعة او ميناء او سفينة في البحر الأحمر في مرمى نيران الصواريخ الباليستية الجديدة والبحرية الدقيقة خصوصا، بما في ذلك مطار إيلات وكل السفن التجارية للاحتلال الاسرائيلي .
المصدر : رأي اليوم
المادة الصحفية : تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع