اللغز أشرف مروان:هل كان عميلاًمزدوجًا وساهم بخطّةالخداع التي فاجأت الكيان بحرب73؟
ولماذا “انتحر” بلندن بُعيد قرار العليا "الصهيونيّة"؟ قادة بالموساد يُطالبون بفحص إخفاق الجهاز.. دور الملك حسين!
السياسية :
بعد مرور أكثر من 16 عامًا على وفاة المصريّ أشرف مروان في لندن، في ظلّ ظروفٍ غامضةٍ لم يُكشف عنها حتى اليوم، ورغم مرور 49 عامًا على (حرب أكتوبر) 1973، التي فوجئت بها “إسرائيل”، لا يزال النقاش داخل المؤسسة الأمنيّة في تل أبيب حامي الوطيس حول مروان: هل كان من أهّم عملاء “إسرائيل” منذ تأسيسها، أمْ أنّه كان عميلاً مُزدوجًا شارك بتوجيهاتٍ من القيادة المصريّة في عملية الخداع قبيل اندلاع الحرب؟
الجنرال الصهيوني في الاحتياط، شلومو غازيت، وهو رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان) الأسبق (جرى تعيينه بعد الحرب لإعادة هيكلة “أمان”)، أصدر كتابًا باللغة العبريّة تحت عنوان (في المفارق الحاسمة)، تطرّق فيه بإسهاب إلى قضية مروان وحيثياتها. كما أنّ رئيس “الموساد” (الاستخبارات الخارجيّة) الأسبق شفطاي شافيط، أصدر هو الآخر كتابًا عن “حرب أكتوبر” تناول فيه قضية مروان، وهل كان عميلاً مُزدوجاً أمْ أنّه عمل بتفانٍ لمصلحة “الموساد”، وخاصّةً أن شافيط يؤكّد أنّ الإنذار بأنّ الحرب ستندلع في 1973 وصل إلى الاستخبارات “الإسرائيليّة” من عدّة مصادر، لا من مروان وحده، الذي كان يُلقّب بـ”الملاك”.
أمّا رئيس الاستخبارات العسكريّة في تلك المرحلة، الجنرال في الاحتياط إيلي زعيرا، الذي عاد وأكّد أنّ مروان كان عميلاً مُزدوجًا، فقد طرح عدّة تساؤلات في الماضي غير البعيد: لماذا أبلغ “الملاك” “إسرائيل” عن اندلاع الحرب قبل يومٍ واحدٍ من الساعة الصفر، رغم أنّه كان على علمٍ قبل ذلك بوقت أوسع؟ وتابع: لو زودّ الاستخبارات “الإسرائيليّة” في الوقت الصحيح، لكان الجيش “الإسرائيليّ” قد استعدّ للحرب، بما في ذلك تجنيد جنود وضباط الاحتياط. وتساءل زعيرا أيضًا: لماذا أبلغنا عن الساعة المُحددة لاندلاع الحرب بوقت غير صحيح؟ وكيف ولماذا بقي مروان شخصية محترمة جدًا في مصر حتى بعد انكشاف أمره وأنّه كان جاسوسًا لـ”الموساد”؟
وعلى الرغم من مرور سنواتٍ طويلةٍ على الحرب، 49 عامًا، لم يُحسَم حتى اللحظة في “إسرائيل” النقاش فيما إذا كان مروان عميلاً مزدوجًا أوْ أنّه كان عميلاً “لإسرائيل” فقط، وفي هذا السياق كشف اليوم الخميس محلل الشؤون الأمنيّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، يوسي ميلمان، كشف النقاب عن أنّ مجموعةً من قدامى قادة (الموساد) بدعمٍ من رئيس الجهاز الحاليّ، دافيد بارنيع، توجّهت بشكلٍ رسميٍّ إلى (الموساد) بطلبٍ لفحص إخفاق (الموساد) في منع المفاجأة المصريّة-السوريّة في حرب عام 1973.
ميلمان شدّدّ في تقريره الحصريّ، المُدعّم بوثائق تُنشر لأوّل مرّةٍ عن الجلسات التي عُقِدت قبل يومٍ ونصفٍ من اندلاع الحرب، شدّدّ على أنّ المعلومات التي نقلها مروان إلى مشغليه ساهمت كثيرًا من أجل أمن الكيان، وأنّ المعلومة التي أوصلها “للإسرائيليين” منعت من منظمة التحرير الفلسطينيّة تنفيذ خطّة إسقاط طائرةٍ “إسرائيليّةٍ” كانت مقلعة من مطار روما بإيطاليا، بواسطة صواريخ من طراز (ستريللا).
بالإضافة إلى ذلك، كشف فريدي عيني مدير ديوان رئيس الموساد وقتذاك، تسفي زمير، لأوّل مرّةٍ عن أنّ مروان ساعد” إسرائيل” في نقل محاكمة عميل الموساد، باروخ مرزاحي من اليمن إلى مصر، والذي كان سيُحكَم عليه بالإعدام في صنعاء، وهكذا أنقذ حياته.
علاوة على ما ذُكِر أعلاه، ذكر المحلل أنّ مروان خلال لقاءاته مع مشغلّه دوبي، (الاسم الكامل ما زال ممنوعًا من النشر)، ومع رئيس الموساد تسفي زمير، زوّدهما بخطط الحرب المصريّة، والتي تمّ تحضيرها في هيئة الأركان العامّة بالقاهرة، كما أبلغهما بحجم القوّات المصريّة التي ستُشارك في الحرب.
وأشار المحلل إلى أنّه على هذه الخلفية قررت المحكمة العليا “الإسرائيليّة” في العام 2007، بأنّ الخلاف بين قائد الاستخبارات العسكريّة، إيلي زعيرا، ورئيس الموساد تسفي زمير، كان الأخير على حقٍّ وأنّ مروان لم يكُن عميلاً مزدوجًا، وللمفارقة أنّه بعد وقتٍ قصيرٍ جدًا من قرار العليا “الإسرائيليّة” تمّ العثور على جثة مروان بالقرب من بيته في حيّ (تشيلسي) بالعاصمة البريطانيّة، لندن.
ووفقًا للتقرير في صحيفة (هآرتس) فإنّ اللقاء الحاسم عُقِد في لندن بالسادس من تشرين الأوّل (أكتوبر) من العام 1973، أيْ قبل اندلاع الحرب بأقّل من يوميْن، وشارك فيه رئيس الموساد ومُشغِّل مروان، ومروان نفسه في بيتٍ تابعٍ لسيّدةٍ يهوديّةٍ-إنجليزيّةٍ.
وخلال اللقاء، أكّدت الوثائق التي اعتمد عليها الخبير الأمنيّ ميلمان، فإنّ مروان أبلغهما بأنّ 99 بالمائة فإنّ الحرب ستندلِع في الثامن من تشرين الأوّل (أكتوبر) 1973، علمًا أنّ مروان كان يعمل كمستشارٍ سياسيٍّ للرئيس المصريّ آنذاك، أنور السادات، ولكنّ رئيس الموساد لم يقتنع بذلك وتأخّر في إيصال المعلومة، لأنّه لم يكُن مقتنعًا بذلك، وخشي بأنّ إجبار الكيان على الاستعداد للحرب وتجنيد جنود الاحتياط سيُكلّف الدولة العبريّة أمولاً طائلةً، وإذا تبينّ لاحقًا أنّ معلومة مروان لم تكُن صحيحةً فإنّه سيدفع الثمن، وفق ما قاله الخبير الأمنيّ ميلمان في تقريره.
الوثائق “الإسرائيليّة”، التي تُنشر لأوّل مرّةٍ تؤكّد أنّ العاهل الأردني وقتذاك، الملك حسين، كان قد أبلغ غولدا مائير، رئيسة وزراء الكيان بأنّ مصر وسوريّة ستُهاجمان “إسرائيل”، مُضيفةً أنّ جميع القادة الأمنيين والسياسيين كانوا على قناعةٍ بأنّ الحرب ستندلع، وجاء اللقاء مع مروان في لندن ليؤكّد المؤكّد، وفق الخبير ميلمان.
وختم المحلل الأمنيّ “الإسرائيليّ” تقريره بالقول إنّ مروان كان وما زال يُعتبر شخصيةً وطنيّةً في مصر، وأنّه بعد وفاته أجريت له بالقاهرة جنازة رسميّةً شارك فيه الرئيس المصريّ في ذلك الوقت، حسني مبارك، فكيف يستوي ذلك مع الادعاء “الإسرائيليّ” بأنّه كان عميلاً للكيان ولم يكُن عميلاً مزدوجًا؟ زاعمًا أنّ المخابرات المصريّة هي التي قتلت مروان في لندن.
* المصدر :رأي اليوم – زهير أندراوس
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع