ارث الاستعمار البريطاني حاضر في عدن
السياسية:
عند مدخل مستشفى الجمهورية الحكومي في عدن، لوحة قديمة تذكّر بأن ملكة بريطانيا الراحلة إليزابيث الثانية وضعت حجر الأساس لهذا المستشفى خلال زيارة المدينة التي تعاني من آثار حرب مدمرة تعصف بالبلاد منذ أكثر من سبع سنوات.
وتبدو اللوحة التي يكسوها الصدأ اليوم شاهدة على زمن الاستعمار البريطاني لعدن الذي انتهى عام 1967. وزارت الملكة “مستعمرة عدن” بعد أقل من عام على تتويجها في نيسان/ابريل 1954 برفقة زوجها الأمير فيليب.
وخلال زيارة قامت بها فرانس برس في وقت سابق هذا العام، فإن وضع المستشفى كان في حالة يرثى لها.
في عدد كبير من الأقسام، لا توجد إضاءة، كما يفتقر الطاقم الطبي الى المحاليل المخبرية ومعدات مختلفة وأسرة حديثة.
وقبل سبعة عقود، بثت “باثي نيوز” مشاهد لزيارة الملكة إليزابيث الثانية برفقة الأمير فيليب والتي قامت بجولة في عدن وحضرت عرضا عسكريا.
وأعلنت بريطانيا العظمى في الثلاثينيات من القرن الماضي عدن “مستعمرة للتاج البريطاني”.
وما زالت آثار الاستعمار البريطاني حاضرة في المدينة من بينها “ساعة بيغ بن الصغرى” التي لم تعد تعمل.
وتقول أستاذة التاريخ في جامعة عدن الدكتورة أسمهان العلس التي تشغل أيضا منصب الأمينة العامة للجمعية اليمنية للتاريخ والآثار لوكالة فرانس برس “في سنوات الاستعمار البريطاني لعدن، حظيت المدينة بجملة من (مشاريع) التحديث والتهيئة لعدن لتصبح مستعمرة بريطانية (..) وشملت هذه السياسة جملة واسعة من مجالات الإدارة وتخطيط المدينة والتعليم والنشاط الاقتصادي والاجتماعي”.
وبحسب العلس فإن “آثار هذه السياسة تركت ملامحها (..) لكنها لم تستهدف كل طموحات وتطلعات هذا المواطن”.
“تمجيد” الاستعمار
وفي عام 1967، استقل جنوب اليمن بعد ثورة مسلحة بدأت عام 1963 ضد البريطانيين الذين كانوا يسيطرون على عدن.
ويحيي اليمنيون في 14 من تشرين الأول/اكتوبر كل عام ذكرى الثورة.
وتركّز الخطاب السياسي في تلك الفترة في أوساط القوميين في الشمال والاشتراكيين في الجنوب الذين قاموا بتأسيس النظام الماركسي الوحيد في العالم العربي، على أساس هدف واحد هو توحيد اليمن. وتحقّق ذلك في 1990.
وبعد وفاة الملكة، كتب العضو في المجلس الرئاسي اليمني ورئيس “المجلس الانتقالي الجنوبي”، أكثر القوى الجنوبية نفوذا والمنادي بالانفصال، عيدروس الزبيدي في تغريدة على تويتر “نعزي الشعب البريطاني الصديق بوفاة رمز الحكمة والتسامح، نؤكد حرصنا على ترسيخ العلاقات التاريخية التي تربط شعبنا في الجنوب بالمملكة المتحدة الصديقة”.
وبينما يسود الحنين لدى بعض السكان لأيام الاستعمار البريطاني، يتذكر محمد قاسم نعمان (72 عاما) الذي شارك في العمل الطلابي في الاتحاد الوطني لطلبة الجنوب اليمني ضد الاستعمار أن الأمر انعكاس لسوء الوضع حاليا في البلاد.
ويقول نعمان الذي يشغل منصب رئيس مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان لوكالة فرانس برس إن “الذين يمجدون الفترة التي تواجد بها البريطانيون في عدن إما شباب لم يعرفوا ما الذي كان يحصل في عدن والجنوب في حينه أو بعض كبار السن كرد فعل للواقع الذي نعيشه الآن وهو متعب كثيرا”.
ويضيف “الاستعمار بكل أشكاله يمس حق الانسان وحريته وحياته كإنسان. لم يكن هناك استعمار احترم الانسانية (..) طبيعة الاستعمار أنه يسعى فقط لحماية مصالحه”.
* المصدر : مونت كارلو
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع