اتفاقية أوسلو.. ثلاثة عقود على تشريع الاحتلال وتقسيم الفلسطنيين
السياسية :
تسعة وعشرون عامًا مرت على اتفاق أوسلو بين السلطة الفلسطينية وكيان الاحتلال الإسرائيلي، اتفاق يعتبر تشريعا للاحتلال وأعطاه ما لم يستطع اخذه في الحرب والمواجهة، لأن السلطة بزعامة ياسر عرفات في تلك الفترة منحت رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي اسحاق رابين كل ما يريد دون أخذ أقل الحقوق، واليوم وبعد مرور نحو ثلاثة عقود على الاتفاقية نرى أن السلطة الفلسطينية تراوح مكانها في مواجهة كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي عزز وجوده في مناطق كانت تعتبر وفقًا للاتفاقية أرضًا لدولة فلسطين، ويوميًا يقتحم الضفة الغربية ويقتل ويعتقل من يريد ويخرج، إضافة إلى المستوطنات التي باتت في مواجهة مبنى الحكم في الضفة الغربية، ما يعتبر أن اتفاق أوسلو أضر بالفلسطينيين أكثر مما نفعهم وساعدهم، والسلطة بزعامة عرفات وقتها أضرتهم وخذلتهم وتراجعت عن الأمانة التي منحها الشعب الفلسطيني لها بعد أن قدم الدماء والتضحيات من أجل تحرير أرضه.
اليوم وبعد مرور نحو ثلاثة عقود على الاتفاقية نرى أن السلطة الفلسطينية تحولت من دولة وفقًا للاتفاقية إلى منسق أمني يحمي كيان الاحتلال فقط فأصبحت دولة منزوعة الدسم كما يُقال. وعدد المستوطنين في الضفة ارتفع بشكل مهول ليصبح أكثر من مليون مستوطن بعد أن كانوا مئة ألف قبل أوسلو، وتعتبر هذه الاتفاقية طعنة في ظهر الانتفاضة الأولى للشعب الفلسطيني، وأعاقت تقدم حصان الثورة وأحبطتها وأخرت إنجازات الشعب، حيث تنازلت السلطة عن 78% من الأرض الفلسطينية لصالح كيان الاحتلال الإسرائيلي وفقًا لأوسلو. وأسست هذه الاتفاقية للانقسام الفلسطيني، حيث قبلها كان هناك توحد ضد الاحتلال، ولكن بعد توقيع تلك الاتفاقية أصبح هناك تيارين، تيار مقاوم يعمل ضد الاحتلال، وتيار آخر يتعامل مع الاحتلال وينسق معه ويخبر الاحتلال عن المقاوم ويسلمه أيضًا. وبالتالي تعتبر أوسلو أول الانقسام والشرذمة للشارع الفلسطيني وبسببها بتنا نرى غزّة لوحدها والضفة لوحدها والقدس لوحدها، فتشتت الكلمة الفلسطينية وضاع العمل المقاوم الواحد. وتوسع سرطان الاستيطان على حساب أراضي الشعب الفلسطيني.
ضمن الاتفاقية كان هناك كوارث مخيفة تجاهلتها بصورة أو بأُخرى السلطة الفلسطينية ونتائجها كانت كارثية على الارض، وانعكست سلبًا على حياة الفلسطينيين سياسيًا وأمنية واقتصاديًا وثقافيًا واجتماعيًا، فقد كانت أوسلو بمثابة تكريس وجود الاحتلال من خلال اعتراف منظمة التحرير به، واعتباره دولة جارة وصديقة، حيثُ بات يعتبر كيان الاحتلال وفقًا لاتفاقية أوسلو دولة لها الحق في الوجود والدفاع عن نفسها، وهو ما برر للاحتلال اعتقال أي شاب فلسطيني وحبسه دون العودة للسلطة ودون أي تهمة صريحة. وأوسلو فتحت الباب مشرعا أمام إنهاء قضية الأونروا وعودة اللاجئين وتهويد القدس، وجعل الضفة عبارة عن روابط مدن إدارية وأمنية.
اتفاقية أوسلو نقلت الحالة الوطنية الفلسطينية من الصراع المفتوح مع الاحتلال الإسرائيلي الذي تدخل تحته جميع القوى الفلسطينية، إلى كيان رسمي مثقل بالأعباء الإدارية يعمل على تهدئة الأوضاع مع الاحتلال. وقبل هذه الاتفاقية كان هناك تجريم لأي شخص يتعامل مع الاحتلال، ولكن ما بعد الاتفاقية لم يعد الكيان جهة معادية، وبات من الممكن أن يتم الجلوس معه والتفاوض وحتى الحفاظ على آمنه. ومن مصائب أوسلو القرار الأخير الذي اتخذه كيان الاحتلال بمنع أي شخص من دخول الضفة الغربية دون موافقته، وهذا القرار منصوص عليه في أوسلو حيث منح كيان الاحتلال حرية السماح والمنع لأي شخص يزور الضفة الغربية لمدة خمس سنوات من عام 1994 وحتى 1999 وينتهي القرار بإقرار اتفاق دائم في ذلك العام، ولأنه لم يتم اقرار اتفاق دائم فإن القرار الإسرائيلي مستمر.
اتفاقية أوسلو زرعت الانقسام في الشارع الفلسطيني وفرضت الخنوع والهدوء على الفلسطينيين، إلا أن المقاومة رفضتها وخرجت من تحت الرماد لتؤكد أن الشعب الفلسطيني لن يرضى بهذه الاتفاقية المذلة، وقلبت الطاولة رأسًا على عقب في وجه السلطة وكيان الاحتلال، وتم ايجاد مقاومة تحمل البندقية والصاروخ، وأكدت ان الشعب الفلسطيني لن يرضى بالفتات بل يريد أرضه كاملة، وأن أوسلو ليست إلا نقطة سوداء في التاريخ الفلسطيني، وأن هذا الشعب لم ولن يقبل الهوان والذل والاتفاقيات المنقوصة بل يريد أرضه من البحر إلى النهر، وهو أمر ادركه كيان الاحتلال وحاول زرع الفتنة بين الفلسطينيين إلا أنه في كل مرة يشّن حربه على المقاومة يفشل بفضل صمود الشعب الفلسطيني ووحدة كلمته خلف المقاومة.
*المصدر: موقع الوقت التحليلي
*المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع