السياسية:

أطلقت روسيا صرخات وتصريحات مرارا بتغير الوضع في العالم بشكل ديناميكي، معلنة نهاية “عصر الهيمنة الأمريكية” ومحاولة إجبار الدول المستقلة على الانصياع للإرادة الإمبريالية الغربية، والحياة وفقا لقواعدها.

وفي هذا السياق، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الوضع في العالم يتغير بشكل ديناميكي، حيث يختار المزيد والمزيد من الدول والشعوب طريق التنمية السيادية.

وقال الرئيس الروسي في خطاب ألقاه مؤخرا أمام مؤتمر موسكو الدولي العاشر للأمن إن “الولايات المتحدة الأمريكية تحاول صرف انتباه المواطنين عن المشكلات الحادة، بينما تحاول نخب العولمة الغربية تحويل اهتمام العالم عن انخفاض مستويات المعيشة والبطالة والفقر، لتحويل الإخفاقات إلى روسيا والصين، اللتين تدافعان عن رؤيتهما، وتدافعان عن وجهة نظرهما في تبني تنمية سيادية وليس الخضوع لإملاءات النخب فوق الوطنية”.

وأضاف بوتين: “إن الغرب يحاول إجبار الدول المستقلة على الانصياع لإرادتها، والحياة وفقا لقواعد الآخرين من أجل الحفاظ على هيمنته والتطفل على تلك الدول، حيث تتدخل الولايات المتحدة الأمريكية وأتباعها بشكل صارخ في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة، وينظمون الاستفزازات والانقلابات والحروب الأهلية والتهديدات والابتزاز والضغوط والاملاءات”.

وبشأن زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، إلى تايوان، صرح بوتين بأن ذلك ليس سوى “استفزاز مخطط له بعناية”، وهي استراتيجية أمريكية مدروسة لزعزعة استقرار الوضع في المنطقة، وقال: “إن زيارة بيلوسي لتايوان ليست مجرد رحلة فردية لسياسي غير مسؤول، بل هي استعراض وقح لعدم احترام سيادة الدول الأخرى”.

وقال بوتين إن الغرب يسعى إلى تعميم نموذج مشابه لـ “الناتو” على منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث يتم تشكيل تحالفات عسكرية سياسية عدوانية لهذا الغرض، مثل تحالف “أوكوس” AUKUS، ويسعى الغرب بذلك إلى “توسيع نظام كتلته إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ”.

وأوضح أنه من الممكن تقليل التوتر في العالم، والتغلب على التهديدات والمخاطر في المجالين العسكري والسياسي، وزيادة مستوى الثقة بين البلدان وضمان تنميتها المستدامة فقط من خلال تعزيز نظام العالم متعدد الأقطاب بشكل جذري”، مؤكدا أن نموذج العولمة الحالي للعالم محكوم عليه بالفشل، بغض النظر عن مدى تمسك المستفيدين منه بالوضع الراهن، وأكد على أن روسيا سوف تعمل جنبا إلى جنب مع حلفائها وشركائها والدول ذات التفكير المماثل على تحسين الآليات الراهنة للأمن الدولي وإنشاء آليات جديدة.

وعن العملية العسكرية الروسية الخاصة، أشار بوتين إلى أن روسيا بدأت عمليتها العسكرية الخاصة بما يتفق تماما مع ميثاق الأمم المتحدة، حيث كانت أهداف العملية محددة بوضوح ودقة، وهي ضمان أمن الدولة الروسية والشعب الروسي، وحماية سكان دونباس من الإبادة الجماعية.

وأشار بوتين ، الثلاثاء الماضي ،وفق ما نقلت عنه وكالة “نوفوستي”، إلى إصرار روسيا على تعزيز قواتها المسلحة، وغيرها من الهياكل الأمنية، واتخاذ خطوات من شأنها أن تساعد في بناء عالم أكثر ديمقراطية، يحمي حقوق جميع الشعوب، ويضمن التنوع الثقافي والحضاري لها.

بدروه ،أكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الثلاثاء أن العمليات العسكرية الخاصة التي أطلقتها روسيا في أوكرانيا مثلت نهاية للعالم أحادي القطب.

ونقلت وكالة “نوفوستي” عن شويغو في كلمة خلال افتتاح مؤتمر موسكو للأمن الدولي الذي يعقد في إطار منتدى “الجيش 2022.” في موسكو قوله: “بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا يمثل نهاية العالم أحادي القطب. أصبحت تعددية الأقطاب واقعا وحقيقة. وقد تحددت أقطاب هذا العالم بوضوح”.

وأشار شويغو إلى أن الفرق الأساسي بين تلك الأقطاب يكمن في أن بعضها يحترم مصالح الدول ذات السيادة، ويأخذ في الاعتبار الخصائص الثقافية والتاريخية للدول والشعوب، بينما يتجاهلها البعض الآخر.

وسبق أن تحدث الكثير من المحللين الروس وآخرين عن مؤشرات نهاية عصر الهيمنة الأمريكية وعلامات أفولها على هذا الكوكب.

وكتب نيكولاي ليزونوف في صحيفة “أوراسيا ديلي”، الروسية، حسبما أورده موقع قناة “روسيا اليوم”:

– لم تستطع أمريكا أن تُبقي يدها فوق كل يد في العمليات العسكرية واسعة النطاق وطويلة الأمد في أفغانستان والعراق.

– ردت الولايات المتحدة بشكل ضعيف على روسيا، في أحداث العام 2008 في جورجيا و2014 في أوكرانيا.

– تنازلت واشنطن عن المبادرة، لموسكو وطهران وأنقرة، في تسوية النزاعات في الشرق الأوسط، في سوريا واليمن وكذلك في ليبيا بشمال إفريقيا.

– فشلت الولايات المتحدة في منع الصين من تعزيز قوتها، وتأكيد هيمنتها في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي، وتوسيع نفوذها من خلال مبادرة الحزام والطريق الاقتصادية.

– حاول البيت الأبيض التقرب من خصومه دون جدوى (حاول دونالد ترامب “ترويض” كوريا الديمقراطية وإيران).. علاوة على ذلك، فشلت واشنطن في ثني حلفائها عن التعاون مع خصومها.

وفي انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان والانسحاب المخطط له من العراق في نهاية العام 2021 علامات على أن العالم أحادي القطب بقيادة أمريكا (إذا كان موجودا) يقترب من نهايته.

وفي مفارقة غريبة بعيدة عن الواقع، شجبت المسؤولة الثانية في الخارجية الأمريكية ويندي شيرمان “رغبة الصين في الهيمنة على العالم”، ودعت أوروبا إلى “مواءمة” مقاربتها مع الولايات المتحدة في مواجهة الصين.

وقالت شيرمان خلال مؤتمر بالفيديو مع الصحافة الأوربية من واشنطن “حتى قبل أن يعلن الرئيس الصيني شي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فبراير شراكتهما غير المحدودة، تحدت الصين الأمن في أوروبا والاقتصاد في أوروبا والقيم في أوروبا”.

وفي حديثها عن “المضايقات الاقتصادية” التي تمارسها الصين على أوربا، أشارت المسؤولة الأمريكية إلى حظر الصين مؤخرا الصادرات الليتوانية و”فشل” بكين في بناء طريق سريع في الجبل الأسود إضافة إلى استهداف شركات أوربية مثل “أديداس” و”نايكي”.

وأكدت شيرمان أنه رغم أن بكين على بعد آلاف الكيلومترات فإن تصرفات الصين “لها تأثير على مستقبل أوربا”، ورحبت بالتعاون الحالي مع الأوربيين في هذا المجال داعية في الوقت نفسه إلى “مواءمة” مقاربات الطرفين.

كما سلطت الدبلوماسية الأمريكية الضوء على حقيقة أن “الجميع يفكر في قضايا سلاسل التوريد” في أعقاب جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا.

وأردفت نائبة الوزير قائلة إن “الولايات المتحدة لا تبحث عن نزاع مع الصين أو “فصل” اقتصادها عن الاقتصاد الصيني”، مضيفة “لا نريد حربا باردة جديدة، لكن لا يمكننا الاعتماد على بكين لتغيير سلوكها”.

كما شددت المسؤولة على أن الولايات المتحدة “تراقب عن كثب” التحالف بين روسيا والصين، وهددت بكين بـ”عواقب” إذا قررت في أي وقت إرسال معدات (أسلحة) إلى روسيا.

وجاء المؤتمر الصحفي لشيرمان في أعقاب خطاب ألقاه وزير الخارجية أنتوني بلينكن واعتبر فيه أن بكين تمثل التهديد الرئيسي للنظام الدولي، رغم العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

وتتهم واشنطن بكين بأنها تريد إعادة تشكيل النظام الدولي.

وفي السياق، كتبت صحيفة “جنوب الصين الصباحية” أن الزعيمين الروسي فلاديمير بوتين، والصيني شي جين بينغ، سيظهران في قمة مجموعة العشرين (G20) في إندونيسيا تحديا للهيمنة الغربية.

وأشارت الصحيفة إلى أن التوتر في العلاقات بين موسكو وبكين من جهة والغرب من جهة أخرى، على الأرجح، سيلقي بظلاله على اجتماع مجموعة العشرين وستكون له تداعيات على دول أخرى، بغض النظر عن موقفها من الأزمة الأوكرانية أو التوتر الصيني الأمريكي بشأن تايوان.

ونقلت عن الرئيس الإندونيسي، جوكو فيدودو، تصريحا أشار فيه إلى أن “الخصام بين الدول الكبرى يثير قلقا بالفعل”، مؤكدا أن بلاده تسعى لجعل هذه المنطقة سلمية ومستقرة، “لكي يكون بإمكاننا ضمان النمو الاقتصادي، وأعتقد أن إندونيسيا ليست الدولة الوحيدة التي تريد ذلك، فالدول الآسيوية تريد نفس الشيء”.

من جهته ذكر محلل مجلة “اكسفورد السياسية”،برايان فونغ، أن زيارة شي جين بينغ إلى جزيرة بالي الإندونيسية ستكون أول زيارة له إلى الخارج منذ بداية جائحة كورونا، قائلا: “يهدف قرار شي جين بينغ (لحضور قمة بالي) إلى إظهار موقع القوة والشفافية من أجل تعميق واستئناف الحوار (مع العالم كله) على المستوى الذي كان موجودا قبل الجائحة”.

وأضاف أن قرار الرئيس الروسي لحضور القمة “يحمل طابعا أكثر رمزية، وهو محاولة من روسيا المحاصرة لإظهار أنها لا تزال تلعب دورا مركزيا، وتعتمد على النظام العالمي”.

كما عبر برايان فونغ عن شكه في أن يرى العالم الخارجي في ذلك علامة أساسية على استعداد الصين للانفتاح، أو علامة على عودة روسيا إلى الساحة الدولية.

أما الخبير في العلاقات الدولية من الجامعة الإندونيسية، غاجا مادا نور رحمت يوليانتورو، فعبر عن اعتقاده بأن “المشاركة الشخصية للزعيمين الصيني والروسي (في القمة) يمكن اعتبارها شكلا لمعارضتهما للهيمنة الغربية في منظومة السياسة الدولية”.

وقال: “سيستخدم شي جين بينغ هذه الفعالية لعرض موقف بكين من مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية في العالم الحديث بشكل مباشر”.

وتابع رحمت يوليانتورو أن المشاركة الشخصية لجميع زعماء مجموعة العشرين في القمة ستظهر أن السياسة الخارجية الإندونيسية منفتحة وحرة ولا تخضع لأي طرف واحد، وتسعى للأمن العالمي والسلام.

أما الخبير في العلاقات الدولية بجامعة المحيط الصيني، بان جون ينغ، فقد أشار إلى أن الدول الغربية كانت تطالب إندونيسيا بعدم دعوة روسيا للمشاركة في القمة، لكن جاكرتا لم تخضع لهذه الضغوطات، “لأن هذه هي فرصة بالنسبة لروسيا”.

سبأ