السياسية – رصد:

في ظلّ “حرب اقتصادية وسياسية اعلامية يريد العدو من خلالها أن يخضع أي مقاوم في لبنان”، كما عبّر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمته يوم أمس، تقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية الى جانب الشعب اللبناني انطلاقاً من مبدأ الاحترام والمودة والمحبة. تلك الصفات التي تميّزت بها العلاقة بين إيران وحزب الله كانت السبب وراء التقديمات والعروض الإيرانية.

سنة كاملة مرّت على “الوعد الكاذب” (حسب ما وصف السيد نصر الله) للإدارة الأمريكية باستجرار الغاز المصري الى البلد لأجل ساعات إضافية من التغذية بالتيار الكهربائي. لكنّ الأمر الذي انجز لوجستياً بين الدول العربية المعنية (لبنان، سوريا، الأردن، مصر) متوقف عند الاستثناء الأمريكي مما يسمى “قانون قيصر”، فيما لم يمتلك أحد من “أصحاب” واشنطن في لبنان الجرأة للضغط عليها.

أزمة الكهرباء ليست جديدة إنما تفاقمت في الأشهر الأخيرة حتى غاب التيار شبه كلياً عن معظم المناطق اللبنانية، وارتكز اللبنانيون على المولدات التي بدورها أيضاً عانت شحاً في مادة المازوت قبل أن تصل بواخر المشتقات النفطية الإيرانية وتنتشل البلد من العتمة وتعيد شريان الحياة الى المؤسسات الأساسية كالمستشفيات والمصانع الطبية التي كانت قد خرجت عن الخدمة.

مرّة جديدة، يبحث لبنان في أزماته عن الحل فيجد الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي يتوقف وصول فيولها المجاني “إلى الموانئ اللبنانية، وليس كالمازوت إلى بانياس في سوريا” على قرار رسمي من الحكومة اللبنانية. هذا الطرح سبقه عرض إيراني رسمي قدّمه رئيس خارجية طهران حسين أمير عبد اللهيان في تشرين الأول / اكتوبر الماضي حول بناء محطتين لإنتاج الكهرباء واحدة في بيروت وأخرى في الجنوب بقدرة إنتاجية عالية تسد حاجة لبنان بأقل تكاليف مالية ممكنة.

لفهم عمق التزام الجمهورية الإسلامية بعلاقتها مع حزب الله ولبنان لابدّ من التذكير بحرب تموز عام 2006 التي يعيش اللبنانيون ذكراها الـ 16، و”يومها وقفت معنا إيران، وبدعم سخي وكبير ‏جدا” حسب ما أوضح السيد نصر الله.

فكيف نهضت إيران بلبنان والضاحية بعد العدوان الإسرائيلي؟

بادرت الجمهورية الإسلامية فور توقف العدوان إلى تأسيس “الهيئة الإيرانية للمساهمة في إعمار لبنان”، وكان رئيسها الشهيد المهندس حسام نويس قد أوضح آلية عملها قائلاً “قمنا بالمسح السريع للأضرار بالتعاون مع الجهات اللبنانية المكلفة خلال ١٥ يوما من تاريخ انتهاء العدوان على لبنان، وحددنا الكلفة المبدئية للمنشآت التي ستعيد الهيئة الايرانية إعمارها، وبعدها وجهنا انظارنا إلى الأولويات التي تعني الشعب اللبناني بشكل مباشر والتي تساعده في استعادة حياته الطبيعية بأسرع وقت”.

طالت الهيئة كافة الأراضي اللبنانية المتضررة ضمن 4 مكاتب توزعت بين الضاحية الجنوبية لبيروت، وبعلبك، وشمال نهر الليطاني وجنوبه بالإضافة إلى مكتب رئيسي في “بئر حسن” لإدارة الامور المالية والادارية، الفنية والتقنية، ومختبرا مركزيا لقياس نوعية الأعمال. أمّا حول التكلفة المالية التي وهبتها الجمهورية الإسلامية لإتمام مشاريع الإعمار فلم يحدها سقف اذ “تبدأ من الصفر وتبقى مفتوحة”.

عملت الهيئة على 2200 مشروع ترميم أو إعادة بناء شملوا كافة القطاعات من بنية تحتية ومؤسسات تربوية وصحية وخدمات عامة. ومنها 141 مركزاً تعليمياً وتربوياً، 73 دار عبادة (مسجد وحسينية وكنيسة). كما بَنَت 14 جسراً رئيسياً لربط المناطق مع بعضها البعض و340 جسراً فرعياً في مناطق عديدة، و27 طريقا رئيسياً منها طرق دولية، إلى جانب 844 طريقا فرعيا في 251 قرية بطول 383 كيلومترا في الجنوب والبقاع والضاحية.

كذلك نفذت 380 مشروعاً في بلديات لبنان موزعة على طرقات داخلية وحدائق وحوائط وجزر وسطية وشبكات مياه وصرف صحي، بالإضافة إلى تقديمها لعدد من المولدات الكهربائي الضخمة قبل أن يتم إنشاء وترميم 110 مشاريع للكهرباء. كل ذلك، يضاف اليه مشروع “وعد” العمراني الذي رفع المباني الجديدة في الضاحية على أنقاض تلك القديمة المدمّرة.

وصرّح مسؤول حزب الله في الهيئة حسن حجازي أن بعض المشاريع الإيرانية تجاوزت حدود العدوان وجاءت كـ “تقدمة من الجمهورية الاسلامية لسد حالة الحرمان التاريخي التي كان يعاني منها اللبنانيون في الجنوب والبقاع”. فيما أوضح سفير إيران في لبنان آنذاك محمد رضا شيباني أن إيران “تستخدم تكنولوجيا وأجهزة حديثة ومتطورة جداً تستخدم لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط” التزاماً منها بأن تكون في “خدمة الشعب العزيز”.

هذا بعضٌ مما قدّمته الجمهورية الإسلامية للبنان ولا تزال جاهزة لتقديم المزيد. ولمن يكتفي بالتعليقات “الساخرة” حول العروض ويصفها بـ “الأقاويل”، هل قدّم و”أصحابه” طرحاً جدياً للبلد أم أنّ مرور شهرين على الانتخابات النيابية قد فضح حجم الأوهام التي باعها للبنانيين.

المصدر: موقع الخنادق