السياسية – رصد :

تعقد دولة الإحتلال الإسرائيلي” آمالاً كبيرة على زيارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، للشرق الأوسط. أبرز هذه الآمال إعلان الحلف الدفاعي الإقليمي، الذي يضمّ “إسرائيل” والسعودية، وإخراج بعض العلاقات السرّية بينهما إلى العلن.

وتشمل الزيارة أيضاً توقيع اتفاق رباعي، يشمل الولايات المتحدة الأميركية والسعودية ومصر و”إسرائيل”، ويقوم على فرض السعودية سيادتها الكاملة على جزيرتي تيران وصنافير، اللتين تصرّ السعودية، منذ مطلع التسعينيات، على استردادهما. وينصّ الاتفاق أيضاً على أنّ “تسمح السعودية لشركات الطيران الإسرائيلية بالتحليق في مجالها الجوي”، وفق صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية.

علاقات تطبيعية بين “إسرائيل” والسعودية في البحر الأحمر تجعل السعودية في حالةِ تلاقٍ وتواصل علنيَّين مع “تل أبيب”. ذريعة هذه العلاقة جزيرتا تيران وصنافير، اللتان كانتا تحت السيادة المصرية، قبل أن تُنقل السيادة عليهما إلى السعودية بعد اتفاقٍ ثنائي، على الرغم من رفضٍ واسع من الشعب المصري.

وكان يمكن إكمال هذا الاتفاق من دون الحاجة إلى تواصلٍ مباشر بين “إسرائيل” والسعودية، لكن الرياض لم تكتفِ بالتنازل المصري وبالموافقة على البرتوكول، الذي يخصّ الجزيرتين، بل عمدت لاحقاً إلى طلب رحيل القوات المتعددة الجنسيات والمراقبين، الذين لا يزالون يرابطون فيهما، وفق اتفاقية كامب ديفيد، وهو ما يستدعي بالطبع الحصول على موافقةٍ مسبّقة من الحكومة الإسرائيلية.

فهل كانت السعودية تدرك أنّ ثمن ذلك لن يكون أقل من تطبيع علاقاتها رسمياً مع “إسرائيل”؟ وهل ستمضي قُدُماً في هذا المسار انتهاءً بتوقيع اتفاقٍ تطبيعي؟

الولايات المتحدة تحاول جعل المنطقة تابعة كلياً لـ”إسرائيل”

قال محلل الميادين لشؤون أميركا والأمم المتحدة، نزار عبود، إنّ “دور الولايات المتحدة الأميركية في جزيرتي تيران وصنافير يعود إلى عام 1957. فبعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، حدث اتفاق بين مصر والاحتلال الإسرائيلي بوساطة الولايات المتحدة، يقضي بأنّ تكون هذه المنطقة منزوعة السلاح، ويمكن للطائرات والسفن الإسرائيلية العبور منها كمنفذٍ وحيد مطلّ على خليج العقبة، وألا يكون هناك أيّ تهديدٍ لها”.

وأضاف أنّ “دور الولايات المتحدة الأميركية أيضاً في “كامب ديفيد” كان حاسماً، لأنّ المراقبين منذ عام 1957 كانوا من الأميركيين حصراً. وبالتالي، فإن الولايات المتحدة هي الراعي، وهي شريك في أن تجعل هذه المنطقة تابعة كلياً لـ”إسرائيل”، من حيث السيادة والسيطرة، علماً بأنّ وجود القوات المصرية عند الشاطئ الآخر هو كطرفٍ مراقب فقط، حتى إنّ “كامب ديفيد” لا يمنح القوات المصرية السيطرة الكاملة على جزيرة سيناء”.

وتابع أن “الولايات المتحدة ستتحدث إذا كان لا بدّ من تغيير أي شيءٍ، فهو يعني إعادة فتح ملف اتفاقية “كامب ديفيد”، وصدور ملاحق لها أو تعديلها. وهذا يدفع الأطراف المعنية، كالسعودية التي باتت المالك الرسمي للجزيرتين، إلى العودة إلى اتفاقات مسجَّلة في وقتٍ تعيش “إسرائيل” وضعاً منقسماً داخلياً، وربما يكون هناك معارضة داخل الكنيست أو خلافات”.

مصير “تيران وصنافير” سيؤول إلى “إسرائيل”

وقال محلل الميادين للشؤون الإقليمية والفلسطينية، ناصر اللحام إن “جزيرتي تيران وصنافير ذخرٌ استراتيجي عربي، عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وبحرياً وبرياً أيضاً. والرئيس جمال عبد الناصر، حين هدد بإغلاق مضائق الجزيرتين، نشبت حرب عام 1957 بين مصر من جهة، وبريطانيا وفرنسا و”إسرائيل” من جهة أخرى، بسبب أهميتيهما الاستراتيجية. وعملية نقل الملكية إنّما هي عملية نقل السيادة إلى السعودية من مصر، وهذه الصفقة ستؤول إلى “إسرائيل” التي تملك أطماعاً كبيرة، مضيفاً أنّ “الرأي العام العربي قال كلمته في هذا الشأن”.

وشدّد اللحام على أنّ “الأساس بالنسبة إلى الاستراتيجية المصرية هو ألّا يكون الجيش المصري في الجزيرتين. وبالتالي، نحن أمام مشهدٍ خطير لا يحمل أيّ نيّات حسنة. المسألة خطيرة جداً إذا نجح بايدن، وليس شرطاً أن ينجح في التلاعب في مصير الجزيرتين. وفي هذه الحال، يكون العرب سلّموا جميع أسلحتهم ومضائقهم ومستقبلهم إلى أميركا، بل إلى “تل أبيب” أيضاً.

ما هي الأهميّة الاستراتيجيّة لـتيران وصنافير بالنسبة إلى الأردن ومصر والسعودية و”إسرائيل”؟

وقال محلل الميادين للشؤون الأمنية والعسكرية، شارل أبي نادر، “بالنسبة إلى الأردن، فإنّ الأهمية الأساسية لـتيران وصنافير أنهما المنفذ الوحيد على البحر الأحمر. فالأردن دولة حبيسة من دون الجزيرتين، إذا كان هناك سيطرة من هاتين الجزيرتين على مدخل خليج العقبة. لكن الأردن ليس له نفوذ وامتداد بحري، كما الدول الأخرى، وكذلك الكيان الإسرائيلي.

ورأى أبي نادر أنّ أهمية الجزيرتين، بالنسبة إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي، تكمن في أن تكونا تابعتين لدولة صديقة له، ولاسيما في ظل الاشتباك الاستراتيجي. قد تكون نقطة إيلات البحرية هي النقطة الرئيسة الأساسية في انطلاق الغواصات الهجومية والسفن الإسرائيلية، والتي لن يكون لها مصلحة في أن تخرج عبر حيفا للدخول للبحر المتوسط عبر قناة السويس. وسوف تتخذ من هذه المنطقة، التي تسيطر عليها تيران وصنافير، سيطرة أمنية وعسكرية كاملة. ومن هنا، يأتي البعد المهم للعدو الإسرائيلي، وهو أن يكون هناك صديق له في هذه الجزر، وهذا هو البعد الأساسي.

وأشار إلى أنّه بالنسبة إلى السعودية ومصر، فالجزيرتان مهمتان، عسكرياً واستراتيجياً للدولتين، لأنّ لدى كل من السعودية ومصر سواحل كبيرة مطلة على البحر الأحمر وعلى المتوسط، وفي كل الاتجاهات. فهاتان الجزيرتان تحتاج إليهما السعودية أو مصر للتأثير في الأردن، أو في الكيان الإسرائيلي. ويمكن أن تستخدمهما السعودية ممراً أساسياً للسفن من أجل خلق بديلٍ عن قناة السويس. وهذا الأمر قد يكون مؤذياً لمصر اقتصادياً.

من هنا، نرى أنّ سيطرة السعودية على الجزيرتين تعني أنها ستسيطر منفردة على مضيق تيران، الذي يتحكم في الملاحة البحرية في خليج العقبة، وأنّ الرياض ستدخل رسمياً في علاقاتٍ مباشرة بـ”إسرائيل”.

* المصدر :الميادين نت

* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع