معالم المعركة الاستراتيجية!
السياسية- متابعات:
ما بين زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للشرق الأوسط منتصف الشهر المقبل، وزيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية الى لبنان، تحركات مهمة في توقيتها وأبعادها ورسائلها، تدور في الشرق الأوسط. وتعيد التقسيم – الواضح – بين حلف العدو الإسرائيلي وبين آخر للمقاومة، لكن هذه المرة لكلّ حلف أوراق جديدة يضعها على الطاولة.
ففي خطابه في مهرجان “نراه قريباً” الذي نظّمته “حماس” في مدينة صيدا جنوب لبنان، أكّد هنية على الخطوط العريضة في مواجهة كيان الاحتلال ومن خلفه واشنطن مع بلورة جديدة تأخذ بعين الاعتبار المستجدات والتطورات الأخيرة منذ معركة “سيف القدس”.
المعركة الاستراتيجية
من داخل فلسطين المحتلّة، وانطلاقاً من تطوّر القدرات الصاروخية التي وصلت آخرها الى صاروخ “عيّاش” بمدى 250 كلم ما يضع كلّ الجبهة الداخلية تحت مرمى نيران المقاومة، ومن جرأة المقاومة التي باتت تدفعها نحو قصف أهداف حيوية للاحتلال (مطارات، أنابيب الغاز…)، بالإضافة الى الخطط الميدانية التي تثبت تطوّر العقلية العسكرية للمجاهدين وتطور الأنفاق، وصولاً الى المناورة الأخيرة للغرفة المشتركة للفصائل “الركن الشديد” والتي أظهرت التشكيلات النوعية والعمل المتكامل بين الوحدات من مختلف الاختصاصات الى محاكاة عمليات أسر جنود الاحتلال، يرى هنية أن ” غزة المحاصرة التي رفعت سيف القدس هي اليوم بمقاومتها تتجهز لمعركة استراتيجية مع هذا العدو الصهيوني”.
من ناحية ثانية، تكتسب أيضاً المعركة صفتها الاستراتيجية، من خلال تلاحم الساحات واشتعال كل الجبهات الفلسطينية أمام الاحتلال حيت شكّلت الضفة الغربية، خلال أيام الأعياد اليهودية التي استهدفت المسجد الأقصى، ساحة قادرة باللحم الحي والإمكانات البسيطة على الدخول في مواجهة تحبط مشاريع التهويد. وانضمت اليها الحشود من الداخل الفلسطيني المحتل التي رابطت في الأقصى وأصرت على التواجد في القدس رغم عراقيل الطريق. ولفت هنية الى أن “أهلنا في الضفة والقدس أفشلوا مخططات التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى”، أما الداخل الفلسطيني المحتل فقد “استطاع أن يبني المجتمع العصامي، وأصبح الحارس الأمين على المسجد الأقصى المبارك… وخرج جيل من تحت ركام السنين يهتف للمقاومة وفلسطين” من مختلف المدن المحتلّة.
محور القدس
كرّر هنية في زيارته الى لبنان رسالة مفادها أن “حماس” جزء أصيل من محور القدس “ولها تموضعها الاستراتيجي الواضح والمعروف”. وهذا أيضاً ما يجعل المعركة القادمة استراتيجية، حيث أن التنسيق في الغرف العسكرية المشتركة بات أمراً واقعاً ومفروضاً على الاحتلال، يضعه أمام أكثر السيناريوهات خطورةً على وجوده وأمنة وهي المعركة على كلّ الجبهات.
وأمام مساعي الاحتلال بإيجاد “حلف” في الشرق الأوسط برعاية أمريكية على غرار “الناتو” لمواجهة إيران والمقاومة، فقد أكّد هنية “أنه من حق تيار المقاومة أن يبحث عن تعزيز صموده كل في ساحته، والمقاومة تمتلك الرؤية لتحدد القاسم المشترك أمام المتغير الكبير في المنطقة”. وأمام الأنظمة العربية التحقت بقطار التطبيع في السنوات الماضية أو مع أنظمة تعسى لابرام الصفقات التجارية والاقتصادية جدّد هنية على موقف حماس الرافض للتطبيع مع الاحتلال من أي كان.
دور فلسطيني الشتات
الى جانب المقاومة من داخل فلسطين المحتلة والى التموضع في المحور، فإن فلسطيني الشتات يلعبون دوراً بارزاً في المعركة الاستراتيجية حيث أن رفضهم للوطن البديل والتمسّك بحقّهم في العودة والنهوض بواقع المخيمات نحو التفاعل مع المقاومة واسنادها بالوسائل الممكنة، يفشل مشاريع الاحتلال والدول الغربية في سلب هويتهم الفلسطينية وإفراغ فلسطين من أهلها. وأعاد هنية بثّ الأمل في نفوس الفلسطينيين في لبنان وغيرها من الدول بالتأكيد على أن عودتهم باتت قريبة.
ولطالما شدّد السيد علي الخامنئي أيضاً على أهمية الدور الذي يلعبه فلسطينيي الداخل والشتات في مجمل الصراع مع الاحتلال حيث كان قال في خطابه في يوم القدس العالمي (في 30 نيسان / ابريل 2022) أن ” الاستِطلاعات تشير إلى أن 70% من الفلسطينيين تقريباً في أراضي 48 و67، وفي مخيّمات الشتات يطالبون قادة فلسطين بمواجهة عسكرية تجاه الكيان الغاصب. هذه ظاهرة هامة، إذ تعني جهوزيّة الفلسطينيين بشكل كامل لمواجهة الكيان الغاصب، وتعني إعطاء الضوء الأخضر الجماهيري للفصائل المجاهدة لأن تُمارس دورها متى ما رأت الوقتَ يستلزمُ ذلك”.
زوال الكيان المؤقت
في النتيجة، إن اجتماع عناصر المعركة الاستراتيجية يجعل قول هنية أن “لا مستقبل لهذا العدو على أرضنا” من المسلمات، وهذا “واقع نعيشه داخل الوطن (فلسطين) وخارجه نراه قريبا لأننا في عصر الانتصارات وعصر التحولات الكبرى”.
- المصدر: “الخنادق” اللبناني
- المادة الصحفية تم نقلها من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع