ديفيد هيل محبط من نتائج الانتخابات و”السيد” يكشف له مكامن قوة حزب الله
شارل أبي نادر*
ربما لو ينتظر مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق ديفيد هيل، ويستمع لكلام سماحة الامين العام لحزب الله بالامس في ذكرى الشهيد السيد ذو الفقار (مصطفى بدر الدين)، قبل أن يتحدث في مقال له في “ويلسون سنتر” عن نتائج الانتخابات في لبنان، ويقول إن هناك 3 اعتقادات خاطئة بشأن لبنان والانتخابات، كان اكتشف الاسباب الحقيقية لاحباطه من نتائج هذه الانتخابات، والتي حين ارادوها وبشكل كامل واساسي ومركَّز، معركةً لإزاحة حزب الله ولافقاده مشروعية سلاحه وموقعه، قبل ان يريدوها استحقاقا دستوريا ديمقراطيا، جاءت مناسبة وطنية ديمقراطية شفافة، اثبت خلالها حزب الله، وبكل جدارة وثقة، مشروعية سلاحه وموقعه، اولاً داخل التركيبة اللبنانية المعقدة، وثانيا في الصراع الاوسع والابعد في الاقليم، من ضمن محور المقاومة بمواجهة الاحتلال الاسرائيلي ومشاريعه ضد المنطقة وشعوبها.
يقول دفيد هيل وبحسرة: “كان الكثيرون يأملون من الانتخابات النيابية اللبنانية يوم الأحد 15 مايو/أيار، أن يستغل المستقلون يأس اللبنانيين وغضبهم تجاه النخب التي دفعت بلدهم نحو الهاوية الاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية، وأنّ النتائج ستوجه ضربة لحزب الله وحلفائه المسيحيين، بينما جاء الواقع بعد ظهر يوم الأحد عكس ذلك”. وقد اكتشف مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق من خلال كلامه هذا، ثلاثة اعتقادات او اوهام راودتهم قبل هذه الانتخابات، كانت خاطئة وهي:
اول هذه الأوهام هو أنّ تقليص حضور حزب الله البرلماني وتحالفاته يقلل من قوته، ليتبين لهم في الواقع، ودائما حسبما يدعي هيل، “أن نفوذ حزب الله في الانتخابات والبرلمان هو مجرد نتيجة ثانوية مفيدة لهيكل سلطته الموازية خارج الدولة القائمة على الأسلحة والمقاتلين والخدمات والأموال غير المشروعة” حسب زعمه. ويتابع هيل استنتاجاته (المؤلمة له طبعاً): “ستمنح الانتصارات الانتخابية حزب الله الشرعيةَ والقدرةَ على الوصول من داخل المجلس النيابي إلى سياسة التأثير وعرقلة المعارضة وتوجيه موارد الدولة إلى ناخبيه الشيعة”.
الوهم الثاني الذي وقع فيه هيل، هو ومن يمثّل، في واشنطن وفي لبنان، أنّ الانتخابات اللبنانية التي قامت برعاية وتوجيه اميركي، على شعار “اسقاط حزب الله المهيمن الرئيسي على السلطة في لبنان”، يمكن أن تنتج ذلك النوع من الحكومة الناشطة اللازمة لاستعادة الثقة في الشؤون المالية للبلاد والحكم، إذا افرزت بنتائجها، تقلّصاً وضموراً لدور وموقع حزب الله، فجاءت النتائج لتؤكد ان نسبة كبيرة من اللبنانيين صوتت لحزب الله ولحلفائه، بعد ان اكتشفت ان من نصّبهم الاميركيون رعاةً لحملة إزاحة حزب الله، هم المسؤولون الحقيقيون عن فقدان الثقة في لبنان وعن انهيار اقتصاده وفشل ادارة شؤونه.
الاعتقاد الثالث والذي كان ايضا خاطئا حسب هيل، هو “أنّ المستقلين يمكنهم التقدم في نظام الانتخاب النسبي المغلق، وحيث يمكن للمواطنين التصويت لمرشح واحد في منطقتهم بما في ذلك المقاعد المخصصة للطوائف الأخرى، بقيت قدرة التاثير كبيرة للقادة في كل منطقة، من خلال تشكيل اللوائح وتنسيق اعضائها، ومن خلال توجيه أتباعهم على المصادقة على الأمر برمته، فجاءت تاثيرات خيارت المستقلين ضعيفة، ونتائج الاقتراع النهائية غالباً مفروغاً منها ومحددة سلفا، مع بعض الاستثناءات التي افرزت خروقات موضعية، كان من اسبابها المشاركة السنية المنخفضة الناتجة عن انسحاب رئيس الحكومة السابق سعد الحريري من السباق الانتخابي، ليخلص المسؤول الاميركي السابق الى واقع يحدده بانه: “في لحظات الخلاف الداخلي الحاد، وحين يتطلع العديد من اللبنانيين إلى الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية للتدخل، فانهم سوف يكتشفون ان اللاعبين الأجانب على الأرجح، إما راضون عن الشلل اللبناني أو غير راغبين في تسويات، أو يواجهون مشكلة في ربط النقاط بين الديناميات اللبنانية ومشاكل الشرق الأوسط الأوسع، والاهم من ذلك، يكشف هيل عما يشبه الاستسلام فيما خص اجندتهم في لبنان وبالتحديد تجاه حزب الله، عندما يقول: ” بالنسبة للمسؤولين الأميركيين، فقد حان الوقت لتقويم ما إذا كان لبنان يمثل أولوية، ولمحاولة فهم سبب نمو حزب الله، على الرغم من أربعين عاماً من المعارضة الأميركية له ولنفوذه”، وانه يجب على اميركا أن تكون اكثر واقعية، وان تعتبر ان سياسة دعمها للجيش وللقوى الامنية كقوى استقرار، هو أفضل ما يمكن أن تقوم به واشنطن في ظل الظروف الراهنة.
طبعا، وبمعزل عن الخبث الاميركي من وراء كلام ديفيد هيل، لا يمكن وبكل موضوعية، إلا الاضاءة على انه اصاب في تقييمه لواقع الامر، وانه اعترف باستحالة وصولهم الى نتيجة في معركة ازاحة حزب الله عن المشهد اللبناني والاقليمي، ولكن يبقى انه فشل في اكتشاف السبب الحقيقي وراء هذه الاستحالة، وربما كان عليه البحث عن حقيقة ذلك، لو يتمعن اكثر في كلام سماحة الامين العام لحزب الله في ذكرى الشهيد السيد ذو الفقار، حيث يمكن تلخيص النقاط التي يحتاجها هيل بالتالية:
اولاً: “الشهيد ” ذو الفقار” والذي قضى عمره في مواجهة المستكبرين الأميركيين والطغاة والمشروع الصهيوني والاحتلال، وفي نهاية المطاف، في مواجهة الجماعات الإرهابية التي تم استخدامها في سوريا والعراق، وفي الحرب الكونية وفي مشروع تغيير وجه المنطقة، هو واحد من رموز جيل بكامله، جيل مؤمن ومجاهد وثائر في لبنان وفي المنطقة. هؤلاء الابطال اصحاب النظرة الاستراتيجية والرؤية الاستباقية البعيدة، والذين يمثلون روحية حزب الله ومدرسته ومنهجيته في المقاومة والمواجهة، هم اساس قوته وسبب استحالة كسره في الميدان وفي الانتخابات وفي غيرها.
ثانيا: ابناء “حزب الله” “لطالما كانوا أكثر أناس يشعرون انهم معنيون بهذا البلد وبهويته وبأرضه وبمياهه وبسيادته وبوجوده وببقائه، وهم أقل من يملك جنسية أخرى، او جواز سفر ثانٍيا، وهم اقل من يملك بيوتا او اموالا او خيارات في الخارج، وهم أكثر اللبنانيين الذين يموتون ويعيشون ويقاتلون ويستشهدون او يموتون ويدفنون هنا، وبالتالي لا أحد يتوقع لا في حرب عسكرية مثل ما حصل في عام 2006 ولا في مؤامرات دولية ولا في تآمر إقليمي، أن يأتي يوم من الأيام، يمكن أن يضعفوا او يستسلموا أو يتراجعوا أو يتخلوا عن شعبهم وعن لبنان”، وهذا سبب آخر من اسباب استحالة كسر حزب الله في الميدان او في الانتخابات او في غيرها… ودائما كما جاء في مضمون كلام سماحة الامين العام لحزب الله.
* المصدر :موقع العهد الإخباري