السياسية:

نبدأ عرض الصحف البريطانية من مقال رأي لجدعون راشمان المعلق الرئيسي للشؤون الخارجية في الفاينانشال تايمز، بعنوان “نحن بحاجة إلى التفكير في رئاسة لوبان”.

ويقول الكاتب إن حقيقة أن “57 في المائة من الناخبين الفرنسيين اختاروا مرشحين من أقصى اليسار أو اليمين المتطرف في الجولة الأولى، بينما انهارت أحزاب الوسط التقليدية، تبدو سيئة بالنسبة لرئيس وسطي حالي، مثل ماكرون”.

ويرى أن ما أظهرته جولة الانتخابات الأولى حول نوايا التصويت للجولة الثانية هو أن ماكرون يتفوق على لوبان بنسبة 54 في المئة مقابل 46 في المئة، مشيرا إلى أن ذلك “سيعزز الرأي القائل بأنه على الرغم من اقتراب النسب في السباق، إلا أن فوز لوبان يظل بعيد المنال. لكن الحقيقة غير المريحة هي أن اليمين المتطرف يقوم الآن بإجراء اقتراع على مستويات غير مسبوقة في تاريخ فرنسا بعد عام 1945، ويمكن أن يحدث الكثير في حملة تستمر أسبوعين”.

ويعتبر الكاتب أنه “بدلا من استبعاد فرص لوبان، حان الوقت للتفكير بجدية فيما سيعنيه فوزها المحتمل لفرنسا وخارجها. هل ما زالت سياسية ‘يمينية متطرفة’؟ أم أن رئاسة لوبان قد تكون أقل صدمة للنظام مما يتصوره الكثيرون”؟

ويوضح الكاتب “حقيقة أن لوبان قريبة جدا من الرئاسة تشهد على نجاحها في ‘إزالة السموم’ من صورتها. انفصلت قبل بضع سنوات عن والدها ومؤسس الحزب، جان ماري لوبان، الذي كان لديه سجل طويل من العنصرية المعلنة. في هذه الانتخابات، قامت مارين لوبان بحملة حول تكاليف المعيشة. لقد تخلت عن بعض السياسات الأكثر إثارة للجدل التي ساعدت في إفشال حملتها لعام 2017، مثل دعوة فرنسا لترك اليورو واستعادة عقوبة الإعدام. وقد استغلت حرب أوكرانيا لتنأى بنفسها عن فلاديمير بوتين، مدعية أن نظرتها للزعيم الروسي قد تغيرت”.

غير أن الكانب يقول إن “لوبان مثل بوتين ودونالد ترامب، تدعي أنها تمثل الشعب ضد النخبة والأمة ضد العولمة. يحمل شعار حملتها الانتخابية ‘منح الفرنسيين الدعم لبلدهم’ أصداء قوية لشعار ترامب ‘لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى ‘وحملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ‘استعادة السيطرة”.

ويكمل الكاتب “تعهدت لوبان بفرض حظر كامل على ارتداء الحجاب الإسلامي في الأماكن العامة الذي هو أمر غير ليبرالي بشكل صارخ وسيكون غير مسبوق في أوروبا. وتزعم أن الشرطة ستصدر تعليمات بفرض غرامات على كل من ترتدي الحجاب، وهو ما يبدو وكأنه وصفة للمواجهة المستمرة في الشوارع. العلاقات بين الشرطة والمجتمعات غير البيضاء أو المسلمة، المتوترة بالفعل، من المرجح أن تزداد سوءا”.

ويتابع “ربما يخرج اليسار الفرنسي، المولع دائما بالمظاهرات، إلى الشوارع في حالة صدمة إذا فازت لوبان بالفعل. لا تزال فرنسا تترنح من احتجاجات السترات الصفراء، ودخلت في أعمال الشغب، في 2018-2019. يمكن أن تواجه مرة أخرى الاضطرابات الاجتماعية. في الطرف الآخر، قد تخشى الأسواق المالية انتصار لوبان، مما يزيد من الشعور بالأزمة”.

ويلفت الكاتب إلى أن “انقسام فرنسا المرير سيكون له تداعيات على أوروبا بأسرها. إن العواقب المباشرة لرئاسة لوبان على الاتحاد الأوروبي ستكون أيضا خطيرة”.

ويذكر أنه “على مر السنين، كان رجال الدولة الفرنسيون، مثل جان مونيه وروبرت شومان وجاك ديلور، أساسيين في بناء المشروع الأوروبي. لكن لوبان عازمة على تفكيك الاتحاد الأوروبي. ووعدت باستعادة أسبقية القانون الفرنسي على قانون الاتحاد الأوروبي، وهو ما يتعارض مع عضوية الاتحاد المكون من 27 دولة. كما تعهدت بقطع أحادي الجانب لمساهمات فرنسا في ميزانية الاتحاد الأوروبي”.

ويختم “داخل أوروبا، أقامت لوبان علاقات مع ‘الديمقراطيين غير الليبراليين’ في المجر وبولندا. وسارعت لتهنئة المجري فيكتور أوربان بفوزه في الانتخابات في وقت سابق من هذا الشهر، على الرغم من حقيقة أن أوربان متهم من قبل الاتحاد الأوروبي بانتهاك سيادة القانون وقمع حرية وسائل الإعلام والفساد. في أحسن الأحوال، لا تنزعج لوبان من خطايا أوربان. في أسوأ الأحوال، تعتبرها نموذجا لفرنسا”.

* المصدر: بي بي سي