بقلم: مضاوي الرشيد

 

 

(موقع ” ميدل ايست آي” البريطاني- ترجمة: نجاة نور, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

وصل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى الرياض وسط مذبحة قامت بها السعودية.

حطمت السعودية، رقمها القياسي في عمليات الإعدام الجماعية عندما أعلنت وسائل إعلام رسمية عن إعدام 81 شخصاً، ثم تم إعدام ثلاثة آخرين.

مع انشغال العالم كله بأزمة أوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة، شعر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على ما يبدو أن هذه هي اللحظة المناسبة لمثل عمليات الإعدام الكبيرة.

إنه يعلم أن مستقبل العديد من القادة الغربيين، ولاسيما جونسون والرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى جانب الانتعاش الاقتصادي العالمي بعد عامين من التضخم بسبب تفشي فيروس كورونا، يعتمد على تأمين النفط والغاز الرخيصين.

كانت هذه هي اللحظة التاريخية لولي العهد لاستعراض عضلاته ومطالبة الغرب بمعاملته باحترام، بعد ثلاث سنوات من اعتباره منبوذاً.

هل أوصل جونسون رسالة بايدن, أن كل هذا يعتمد على ولي العهد لزيادة إنتاج النفط من أجل خفض الأسعار؟

في مقابلة حديثة لولي العهد محمد بن سلمان مع صحيفة المحيط الأطلسي.

كان مضمونها باختصار، إذا كان الغرب يريد نفطاً رخيصاً، فعليه أن يتسامح مع تجاوزاته وعمليات إعدامه، بدلاً من طرح مثل هذه الأمور على طاولة المفاوضات, هذا بالضبط ما تفعله القوى الأخرى، مثل روسيا والصين.

ابراز العضلات:

بالإضافة إلى خطابه، فإن ولي العهد في حاجة ماسة إلى الاعتراف به في واشنطن كملك المستقبل وأن يتعامل بايدن معه بشكل مباشر، بدلاً من مخاطبة والده المسن، الملك سلمان (الذي خرج مؤخراً من المستشفى بعد “فحوصات طبية ناجحة”) .

في الواقع، يعرف بن سلمان جيداً أن مستقبله يعتمد على تعامل واشنطن معه بشكل مباشر.

يمكنه استعراض عضلاته في بلده وتنفيذ العديد من عمليات الإعدام كما يشاء، ولكن لتأمين العرش، فهو يحتاج في النهاية إلى واشنطن، كما تعمل بريطانيا كميسر ومزود للتكنولوجيا العسكرية.

بينما تستمر الولايات المتحدة في احتلال المركز الأول في تسليح السعودية، تأتي بريطانيا في المرتبة الثانية في القائمة.

يريد ولي العهد من الولايات المتحدة وبريطانيا، بالإضافة إلى الدول الغربية الأخرى، التوقف عن إلقاء محاضرات عليه بشأن تغير المناخ والطاقة النظيفة, حيث أن آبار النفط التي تدر مليارات الدولارات، والثروة السيادية، والوضع السياسي العالمي، وقبول الموضوعات لا يمكن استبدالها بألواح شمسية.

عامل آخر هو الحرب المشؤومة التي تقودها السعودية في اليمن، والتي أصبحت ممكنة لأن كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرتا الأسلحة وقامتا بتوفير الحماية له من المساءلة الدولية في الأمم المتحدة والمنتديات الأخرى.

في حين أن هذه المساعدة لم تؤمن النصر الذي كان يأمل فيه بن سلمان، إلا أنها كشفت النفاق الغربي عندما يتعلق الأمر بالحكام المستبدين الذين يحتاجونهم.

اليمنيون، الذين ليس لديهم شعر أشقر ولا عيون زرقاء، ليسوا على رأس قائمة المخاوف في الغرب في الوقت الحالي.

نعتز بالتحدي:

مثل غيره من الديكتاتوريين، لا يهتم بن سلمان بسمعته, ولكن في ما يسمى بالديمقراطيات، ينبغي توقع مستوى معين من الاتساق واللياقة، خاصة عندما تقوم الدول الغربية كثيراً بإلقاء محاضرات على العالم حول حقوق الإنسان والسياسة الخارجية الأخلاقية.

من المؤكد أن لدى بن سلمان قائمة طويلة من عمليات الإعدام التي يتعين تنفيذها في المستقبل، وسيواصل القيام بذلك.

قد يفتخر رعاياه المكبوتون بالتحدي اللحظي الذي أظهره ولي العهد في الأسابيع الأخيرة من خلال عدم تقديم الدعم الكامل للولايات المتحدة وأوروبا في إدانة روسيا، وتنفيذ عمليات الإعدام التي تعتبر مسائل تتعلق بالسيادة الوطنية.

بالإضافة إلى ذلك، لم يقابل زيارة جونسون بالكثير من البهاء؛ استقبل نائب أمير الرياض الزعيم البريطاني في المطار بدلاً من مسؤول رفيع المستوى، على الرغم من دور المملكة المتحدة في الاستمرار في دعم التكوين السياسي القديم للسعودية.

في الوقت الحالي، يجني محمد بن سلمان أرباحاً من أزمة غربية ترفض الحل: أي الاعتماد على نفط الديكتاتوريين الرخيص.

على المدى القصير، قد يتم إعادة تأهيل منتجي النفط الآخرين، مثل إيران وفنزويلا, وعلى المدى الطويل، قد تصبح المصادر البديلة للطاقة النظيفة حقيقة ميسورة التكلفة.

عندها فقط يمكننا توقع سيناريو مختلف، حيث قد يفكر بن سلمان مرتين قبل التباهي بالقتل الجماعي في محاولة لتحدي الغرب وإرضاء رعاياه الأكثر ولاءً.

*  المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع