اليمن ينتقم من حصار الوقود القاتل باستهداف النفط السعودي
بقلم: أحمد عبد الكريم
(موقع ” مينتبرس نيوز” الإنجليزي- ترجمة: نجاة نور, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
يأمل أنصار الله استغلال ارتفاع أسعار النفط من خلال استهداف البنية التحتية للنفط السعودي ورفع أسعار النفط الخام في محاولة لمعاقبة الولايات المتحدة على دعمها للحرب التي تقودها السعودية.
الحدود اليمنية السعودية- تحت شمس الظهيرة الحارقة، كان شقيق حكيم مطري يحيى البطيني على وشك أن يتمكن أخيراً من شراء 40 لتراً من وقود الديزل الذي كان ينتظره في الطابور لمدة سبعة أيام، عندما وصلة اتصال بان السعودية قد قامت بإعدام اخية حكيم من قبل وانتشر الخبر للتو عبر وسائل الإعلام المحلية, وكان حكيم من بين سبعة يمنيين أعدمتهم السعودية يوم السبت.
مع استمرار تركيز انتباه العالم على حرب روسيا على أوكرانيا، نفذ النظام السعودي عملية إعدام جماعي، قتل 81 شخصاً في يوم واحد، بما في ذلك سبعة يمنيين ومدنيين من المحافظات الشرقية للمملكة.
وبحسب وسائل إعلام سعودية رسمية، فإن المدانين متهمون بارتكاب جرائم مختلفة، من بينها الإرهاب والخطف والاغتصاب والسفر إلى منطقة صراع إقليمي.
وفقاً لأسرتي حاكم وحيدر علي حيدر الشوهان، رجل آخر أُعدم في الإعدام الجماعي يوم السبت، كان كل من حكيم وحيدر أسرى حرب على الحدود اليمنية السعودية في عام 2018 أثناء قتالهم لإحباط تقدم المقاتلين السعوديين نحو اليمن.
وافق أفراد من عائلتي الشوهان والبطيني على التحدث إلى مينتبرس نيوز بشرط عدم الكشف عن هويتهم.
قالت اللجنة الوطنية اليمنية لشؤون الأسرى إن اثنين من السجناء اليمنيين الذين تم إعدامهم كانا على قائمة الأشخاص المقرر إطلاق سراحهم في صفقة تبادل أسرى بوساطة الأمم المتحدة، مضيفة أن الجريمة السعودية سابقة خطيرة تنذر بعواقب وخيمة لا يمكن التسامح معها.
على الرغم من النبأ الصادم، لم يترك شقيق حكيم خط الوقود “نحن في حاجة ماسة لمادة الديزل لتشغيل مضخة المياه الخاصة بنا, إذا غادرت مكاني، فلن نبقى في الظلام فقط، لكن نساءنا وأطفالنا لن يتمكنوا من الشرب”.
في العديد من مدن شمال اليمن، يمكن أن يكون الحصول على الوقود هو الفارق بين الحياة والموت.
على عكس أوكرانيا، حيث لم يتم قطع التيار الكهربائي بعد، كان انقطاع التيار الكهربائي في شمال اليمن قاتلاً.
حتى في المحافظات الجنوبية التي تسيطر عليها السعودية، فإن القاعدة هي ساعة ونصف من الكهرباء تليها ثماني ساعات من انقطاع التيار الكهربائي.
هذا الواقع، الذي تم تجاهله إلى حد كبير من قبل نفس المنظمات الغربية التي دفعت إلى اتخاذ إجراءات ضد العنف الروسي الطائش في أوكرانيا، الذي كان سمة بارزة في حرب السعودية في اليمن.
في الأسبوعين الماضيين فقط، توفي مئات اليمنيين، وكثير منهم من المرضى في المستشفيات الذين يعتمدون على الأجهزة الطبية المنقذة للحياة، كنتيجة مباشرة لنقص الوقود اللازم لمولدات الكهرباء، وفقاً للحكومة في صنعاء.
كان حرمان اليمن من المنتجات البترولية أسلوباً استخدمته الحكومة السعودية منذ بداية حربها المستمرة منذ سبع سنوات على البلد.
ومع ذلك، فإن حصارها الأخير هو أكثر شمولاً بكثير من الحصار السابق، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى سياسات الولايات المتحدة.
منذ نوفمبر 2020، لم تسمح سفن البحرية الأمريكية في البحر الأحمر والبحر العربي بدخول ناقلات النفط إلى اليمن إلا بموافقة وزارة الخزانة الأمريكية، حتى لو تم فحص ناقلات النفط تلك وأصدرت تصاريح من قبل كل من التحالف بقيادة السعودية والأمم المتحدة، حيث قال ممثل عن شركة النفط اليمنية لموقع مينتبرس نيوز تم تنفيذ الحصار بحجة “منع وصول النفط الإيراني إلى الحوثيين”، مع اقتصار واردات النفط على ميناء عدن الخاضع للسيطرة السعودية.
منذ 24 فبراير، عندما بدأت القوات الروسية هجومها الواسع النطاق على أوكرانيا، تمنع السعودية شاحنات الوقود من دخول شمال اليمن بذريعة واحدة.
في الحالات النادرة التي يُسمح فيها لدخول ناقلة نفط، يكون سعر لتر البنزين ضعفاً تقريباً.
توقفت بالفعل عشرات المستشفيات ومحطات ضخ المياه والمخابز ومحطات الكهرباء ومحطات الوقود وحتى تنظيف الشاحنات عن العمل بسبب نقص الوقود.
في الشمال، وصل نقص الوقود إلى نقطة حرجة, انتشر الذعر والخدمات الأساسية المسؤولة عن رعاية أكثر من 15 مليون يمني, مثل مؤسسة المياه والصرف الصحي ووزارة النقل والمؤسسة العامة للكهرباء, التي بالكاد تعمل.
قالت الأمم المتحدة يوم الاثنين إن أزمة الجوع الشديدة بالفعل في اليمن “تتأرجح على حافة كارثة حقيقة, واليوم، أكثر من 17.4 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي, ومن المتوقع أن يسقط 1.6 مليون شخص إضافي في مستويات الطوارئ من الجوع في الأشهر المقبلة، وبذلك يرتفع إجمالي من لديهم احتياجات طارئة إلى 7.3 مليون بحلول نهاية العام”.
لا شك أن أزمة الوقود في اليمن ساهمت بشكل كبير في المجاعة.
“كسر الحصار”
استجاب الجيش اليمني الموالي لأنصار الله للوضع الإنساني المتردي بإعلانه عملية جديدة أطلق عليها اسم “كسر الحصار” ضد المنشآت النفطية السعودية.
استهدفت تسع طائرات مسيرة يوم السبت مصفاة أرامكو السعودية في العاصمة الرياض.
واستهدفت ست طائرات مسيرة أخرى منشآت تابعة لشركة أرامكو السعودية في جنوب غرب المملكة، بالإضافة إلى أهداف أخرى ذات صلة في المملكة الغنية بالنفط، التي اعترفت بالهجمات ووعدت بالرد.
يأتي الهجوم على منشآت أرامكو، العمود الفقري لاقتصاد النفط السعودي، مع ارتفاع أسعار النفط بمعدلات قياسية.
ومن المتوقع أن تكسر حاجز 200 دولار للبرميل مع اشتداد غزو روسيا لأوكرانيا وهي حقيقة يأملها أنصار الله على الأرجح, من خلال استهداف البنية التحتية النفطية السعودية ورفع أسعار النفط الخام في محاولة لمعاقبة الولايات المتحدة على دعمها للحرب التي تقودها السعودية.
قال عبد الملك الحوثي زعيم جماعة أنصار الله خلال لقاء مع رجال القبائل إن “العدوان [السعودي] تسبب في معاناة كبيرة لشعبنا في الحصول على المشتقات النفطية ولن نقف مكتوفي الأيدي”.
وفقاً لمصادر عسكرية رفيعة المستوى في جماعة أنصار الله تحدثت إلى مينتبرس شريطة عدم الكشف عن هويتها، فإن أنصار الله يأملون في الاستفادة من ارتفاع أسعار النفط من خلال الاستمرار في استهداف البنية التحتية النفطية السعودية حتى توقف الولايات المتحدة دعمها للحصار السعودي.
تواصل مسؤولون سعوديون مع جماعة أنصار الله للتفاوض بشأن وقف الهجمات على منشآت النفط السعودية.
جاء العرض على الرغم من تصنيف الرياض والإمارات والولايات المتحدة أنصار الله منظمة إرهابية.
قال مصدر داخل جماعة أنصار الله لمينتبرس إن العرض سيرفض على الأرجح، لأن الجماعة لا تثق في أن النظام السعودي سيتصرف بحسن نية.
وفي إشارة إلى دعم إدارة بايدن للحرب التي تقودها السعودية، قال مسؤول عسكري: في الوقت الذي حظرت فيه إدارة بايدن استيراد النفط من روسيا، فإن [التحالف الذي تقوده السعودية] يمنعون دخول الوقود إلى [اليمن] على الرغم من الكارثة [الإنسانية] وسنرد بقصف حقول ومصافي النفط السعودية ونشارك العالم في أوقاتنا الصعبة- خاصة الأمريكيين والأوروبيين بفضل سياسة بايدن.
يخشى بعض اليمنيين الذين تحدثوا إلى مينتبرس من أن الرئيس جو بايدن سيزيد دعمه للسعودية والإمارات مقابل زيادة إنتاجهما النفطي لموازنة الاضطرابات في السوق العالمية الناجمة عن العقوبات المفروضة على روسيا.
حتى أن البعض ذهب إلى حد القول إنه إذا استمرت الولايات المتحدة في دعم الحصار المفروض على اليمن وتقديم الدعم للدولتين الغنيتين بالنفط، فلن يدعموا فقط استهداف منشآت النفط الخليجية، بل سيتطوعون للقتال إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا، خاصة إذا تلقى اليمن مساعدات وقود من روسيا.
يأتي ذلك في الوقت الذي تظهر فيه تقارير غير مؤكدة في اليمن تفيد بتجنيد مسلحين للقتال إلى جانب القوات الأوكرانية، بما في ذلك من الجماعات التي لها صلات بالمنظمات المتطرفة، مثل حزب الإصلاح المثير للجدل.
اتهم حسين العزي، أحد كبار المسؤولين في أنصار الله ونائب وزير الخارجية، حزب الإصلاح مؤخراً باستخدام النفط لدفع رواتب مجندين للقتال في أوكرانيا مقابل شطب حزب الإصلاح من القوائم الغربية للمنظمات الإرهابية, في حين لم تتمكن مينتبرس من تأكيد هذه التقارير بشكل مستقل.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع