يبدو أن روسيا ستصدر الحبوب فقط للأصدقاء المقرّبين والحلفاء هذا العام
السياسية – رصد:
في ديسمبر الماضي، خصّصت الحكومة الروسية حصصاً لبيع الحبوب خارج الاتحاد الاقتصادي الأوراسي (أرمينيا، بيلاروس، كازاخستان، قيرغيزستان، روسيا) في الفترة من 15 فبراير إلى 30 يونيو 2022.
حيث اقتصرت صادرات القمح على 8 ملايين طن، الجاودار والشعير والذرة على 3 ملايين طن.
إلا أنه، وتحت تأثير العقوبات، حظرت روسيا، منذ 15 مارس الجاري وحتى 30 يونيو، تصدير الحبوب إلى دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، والسكر إلى أي دولة. ربما تخشى السلطات من أن تتحول هذه الدول إلى قناة لتهريب الحبوب في فترة صعبة تمرّ بها البلاد.
بالنظر إلى الحجم الكلي للعقوبات وجهود الغرب لوقف الاقتصاد الروسي، تعتزم الحكومة ضمان الأمن الغذائي للبلاد.
كما تخطط وزارة الزراعة إلى زيادة مشتريات الاحتياطي الاستراتيجي للدولة. بحيث يجب أن يكون الحد الأدنى من الإمداد الدائم للحبوب 3 ملايين طن، وللسكر 250 ألف طن.
وكان منتجو الحبوب الروس قد قاموا بتصدير 28.1 طن من الحبوب في الفترة من 1 يوليو 2021 وحتى 10 مارس 2022.
مع الأخذ بعين الاعتبار حصص 11 مليون طن من الحبوب حتى نهاية الفترة الزراعية، يمكننا القول إن الحصص تقلل من حجم الإمدادات ولكن ليس كثيراً.
للتذكير، فإن صادرات الحبوب الروسية للعام الزراعي 2020-2021 كانت قد بلغت 48 مليون طن.
في العام الماضي، جمعت أوكرانيا حصاداً قياسياً: حوالي 76 مليون طن، وفي عام 2020: 65.4 مليون طن.
يبلغ استهلاك أوكرانيا حوالي 21 مليون طن من الحبوب، وعليه فقد بلغت صادرات العام الماضي نحو 56 مليون طن.
لقد شكلت صادرات روسيا من القمح (من حيث السعر) 17.7% من السوق العالمية لعام 2020. والولايات المتحدة الأمريكية وكندا 14.1% لكل منهما، وفرنسا 10.1%، وأوكرانيا 8%.
تجدر الإشارة هنا إلى أنه بسبب العمليات العسكرية ونقص وقود الديزل، فإن حملة البذر والحصاد بشكل عام في أوكرانيا هذا العام مشكوك فيها للغاية. يمكننا القول بثقة إن أوكرانيا سوف تقلل، على أقل تقدير، من فرص التصدير في البلاد.
بالإضافة إلى ذلك، ووفقاً للخبراء، فمن المتوقع ألاً يكون هذا الموسم موسم حصاد وفير في الصين بسبب الطقس، وسينخفض إنتاج القمح بنسبة 20%.
يضاف إلى ذلك عامل الأسمدة، حيث توفّر روسيا حوالي ربع الإنتاج العالمي من أسمدة البوتاس، و10% من الأسمدة النيتروجينية، و20% من الأسمدة المركبة، بينما توفر بيلاروس 17% من الصادرات العالمية لأسمدة البوتاس. وسوف تؤدي العقوبات الغربية، فضلاً عن ارتفاع أسعار الغاز الذي تصنع منه الأسمدة النيتروجينية، حتماً إلى ارتفاع الأسعار. وسيؤدي ذلك إلى انخفاض استخدام الأسمدة والغلات وزيادة في تكلفة الحبوب.
وبالتالي، يمكننا، بدرجة عالية من الاحتمال، أن نتوقع نقصاً عالمياً كبيراً في القمح هذا العام.
وبسبب طباعة النقود الورقية غير المغطاة من قبل البنوك المركزية الغربية، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل حاد خلال العام الماضي. ومع ذلك، فقد ارتفع سعر تبادل القمح، منذ بداية الحرب، بنسبة 40% أخرى. أعتقد أن أسعار القمح والخبز ستستمر في الارتفاع.
تعدّ الدول العربية وتركيا من أكبر مستهلكي القمح الروسي والأوكراني.
أعتقد أنه مع اقتراب الخريف، أو حتى قبل ذلك، ستغرق منطقة الشرق الأوسط بأكملها في احتجاجات ضد زيادة أسعار الخبز.
في الوقت نفسه، وبغض النظر عن سعر الحبوب، فهي ببساطة لن تكفي الجميع، وستبدأ المجاعة في عدد من دول العالم.
يأتي ذلك كله على خلفية محاولات الغرب لعزل روسيا، وربما سيتم أيضاً حظر تصدير الحبوب من روسيا.
على أي حال، يبدو أنه سيكون على روسيا أن تختار لمن تبيع الحبوب ولمن ترفض بيعها. كما أعتقد أنه سيتعيّن على عدد من الدول العربية حسم الخيار الصعب بين المشاركة في التحالف الأمريكي والعقوبات ضد روسيا، أو الحفاظ على استقرار بلادهم.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف
المصدر : روسيا اليوم
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب