السياسية :

بقلم: ديبانجالي داس

تسبب الغزو الروسي الفاشي لأوكرانيا في غضب واسع النطاق في جميع أنحاء العالم.

“كيف يمكن للدول المتحضرة أن تحمل أسلحة عسكرية في القرن الحادي والعشرين؟”

المشاعر المشتركة في أوساط الناس

لكن ما ننسى غالباً هو أن الأزمة الإسرائيلية الفلسطينية مستمرة منذ سنوات، فقدت آلاف الأرواح في اليمن بينما استولت طالبان على أفغانستان وهو امر وقع حديثاً.

إن الرؤية الأوروبية المركزية للحرب والأزمة الإنسانية، سائدة ضد دول العالم الثالث.

لوحظت بيروقراطية الإعلام والسياسة الغربية خلال الأزمة الروسية الأوكرانية المستمرة عندما تم دفع المواطنين غير البيض من دول إفريقيا وجنوب آسيا إلى نهاية صف الانتظار وتعرضوا للضرب أثناء محاولتهم الهروب عبر الحدود.

قالت الطبيبة النيجيرية تشيني مباغو في مقابلة هاتفية لصحيفة ذا نيويورك تايمز إن حرس الحدود سمحوا للأوكرانيين بالمرور، لكن ليس الأجانب، كانوا يضربون الناس بالعصي، يصفعونهم ويدفعونهم إلى نهاية صف الانتظار، كان مروعا، حيث بقيت عالقة لمدة يومين على الحدود بين أوكرانيا وبولندا”.

التحيز واضح من تعليقات رجال الإعلام الغربيين المعروفين ويتضح الفرق بين الدول “المتحضرة” و “غير المتحضرة” عندما قال مراسل شبكة “سي بي إس” في كييف، تشارلي داجاتا “هذا ليس مكاناً، مع كل الاحترام، مثل العراق أو أفغانستان الذي شهد صراعاً مستعراً لعقود.

كما تعلمون، انها حضارة نسبياً وأوروبية نسبياً – ولا بد لي من اختيار هذه الكلمات بعناية أيضاً– انها مدينة حيث لا تتوقع أو تأمل أن يحدث فيها ذلك.

الخطاب لا ينتهي، قال مراسل الجزيرة إنه من المؤلم أن ترى دولة أوروبية في حالة حرب.

بينما قال دانيال حنان لصحيفة التلغراف “إنهم يشبهوننا كثيراً”.

هذا ما يجعله امر صادم للغاية، لم تعد الحرب امراً يحدث للشعوب الفقيرة،  حيث يمكن أن تحدث لأى شخص”.

لقد قام الاستعمار والإمبريالية الاقتصادية بجعل الدول النامية تواجه الفقر والانحلال الثقافي والهيمنة السياسية.

يكون الفرق بيننا “نحن” و “هم” واضحاً عندما يُنظر إلى المواطنين الأوروبيين على أنهم أذكياء بينما ينعت الآخرون بأنهم يتمحورون حول الهمجية واللا فكرية.

هناك القليل من الأسئلة حول لماذا تشارك دول “متحضرة” مثل أمريكا وروسيا في التدخل والغزو العسكري؟

في النهاية، لا يمكن لاتفاقيات السلام التي أبرمتها الأمم المتحدة أن تنجح، حيث تمثل الولايات المتحدة مصدراً رئيسياً للأموال.

قال فيليب كورب، صحفي من فرنسا: “نحن لا نتحدث هنا عن فرار سوريين من قصف النظام السوري المدعوم من بوتين، نحن نتحدث عن الأوروبيين الذين يغادرون في سيارات تشبه سياراتنا لإنقاذ حياتهم”.

تعترف وسائل الإعلام والسياسيون الغربيون بمعاناة الأوروبيين البيض، ولكن في الوقت نفسه، فإن الميول غير المتعاطفة لنزع الشرعية عن هوية ومعاناة الدول الأفريقية والشرق أوسطية والآسيوية أمر مؤسف.

علق رئيس الوزراء البلغاري على أن الأوكرانيين اصبحوا في وضع اللجوء بين عشية وضحاها “إنهم متعلمون… هذه ليست موجة اللاجئين التي اعتدنا عليها، أشخاص لم نكن متأكدين من هويتهم، أشخاص لديهم ماض غير واضح والذين يمكن أن يكونوا حتى إرهابيين”.

إن تجريد السكان غير البيض وغير الأوروبيين من إنسانيتهم وتعريفهم بأنهم إرهابيون وغير متحضرين، يظهر التمييز العميق الجذور والفوقية.

ان حقيقة أن الإعلاميين الغربيين الكبار يشكلون الرأي العام بشكل علني بهذه التصريحات المقيتة هو أمر في غاية الإشكال.

الأشخاص ذوي العيون الزرقاء والشعر الأشقر ليسوا أعراقاً متفوقة ولا يتمتعون بالشرعية لاستخدام المراقبة الشاملة لإرساء قواعد تمييزية بين من هم على الحدود.

الحرب على الجانب الآخر:

أدى غزو أوكرانيا إلى زيادة أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم وسوف يؤثر على اليمن المنكوبة بالفقر.

ثمانية ملايين يمني سيفقدون المساعدات الإنسانية ما لم يتم توفير أموال عاجلة، وكما صرح مسؤولو الأمم المتحدة، فقد قُتل آلاف المدنيين ونزحوا عن أراضيهم الأصلية منذ اندلاع الصراع في عام 2014.

اجتمع شمال وجنوب اليمن معاً لتشكيل حكومة موحدة في عام 2014، ولكن بسبب الاختلافات المتنوعة، استمرت الحرب الأهلية الموجودة مسبقاً.

في عام 2014، اندلع عنف عسكري بين الحوثيين، والحكومة اليمنية المدعومة من التحالف العسكري الذي تقوده السعودية.

في عام 2015، دعمت الولايات المتحدة لوجستياً التحالف المكون من تسع دول بقيادة السعودية للإطاحة بالحوثيين وإعادة تعيين الرئيس السابق الموالي للخليج عبد ربه منصور هادي.

لكن التدخل العسكري الأمريكي زاد من حدة الصراع، وتبنت الأمم المتحدة سياسة الصمت.

رفض الحوثيون اقتراح وقف إطلاق النار في مارس 2021، بينما زادت الهجمات على المدنيين في عام 2022.

الأزمة الإسرائيلية الفلسطينية موجودة منذ سنوات، ومعاناة الشعب لا توصف.

لقد أدى تطبيع العنف في الدول غير الأوروبية إلى تغطية إعلامية محدودة.

عندما استولت طالبان على السلطة في أفغانستان، كان الغضب فور حدوث ذلك في جميع أنحاء العالم مثيراً للاهتمام ولكنه تلاشى مع مرور الأيام.

هناك اعتقاد أن الناس في مناطق الصراع هذه قد عانوا بالفعل.

وعندما يتعرض الفلسطينيون أو اليمنيون لقنبلة يدوية اليوم، فإن الإعلام الغربي مستعد لنفي تجربتهم وتضييعها.

إن فرض حياة  الاوكرانيين”الطبقة الوسطى” والناس “امثالهم” على شعوب غير أوروبية غير متحضرة، أمر مؤسف.

تتسبب الحرب بنزوح مفاجئ وخسارة وخوف وغضب، لا أحد يريد أن يترك موطنه الأصلي بين عشية وضحاها، فلماذا يوجد تمييز بشأن أي صدمات أو خسارة تتعرض لها دول بينما تلقى الاهتمام  دول آخرى.

حتى خطاب السلام يتم التلاعب به من أجل سياسات الدولة، فهل يتطلب إرساء السلام والتفاوض العنف كإجراء ضروري؟ بعيداً عن العرق التضاريس والسياسة، سواء أكانوا أوكرانيين أم فلسطينيين أم سوريين أم يمنيين، لا أحد يستحق القمع من القوة الفاشية.

* ترجمة: انيسة معيض،  الادارة العامة للترجمة والتحرير الاجنبي”سبأ”

*     المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً مجلة”Ed Times_ إي دي تايمز” الهندية، الناطقة بالإنجليزية وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع