بقلم: أحمد عبد الكريم

(موقع ” مينتبرس نيوز” الأمريكي، ترجمة: نجاة نور, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

تضاعف عدد القتلى المدنيين في اليمن تقريباً منذ أن قامت هيئة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بحل آلية المراقبة في البلد الذي مزقته الحرب

تقرير المجلس النرويجي للاجئين

حجة، اليمن – عُقد مؤخراً اجتماعان متوازيان ولكن مختلفان تماماً – أحدهما بحثاً عن السلام والآخر للتخطيط لمزيد من الحرب.

في العاصمة العمانية مسقط، التقى وفد رسمي برئاسة أنصار الله مع مسؤولين عمانيين وأوروبيين للتفاوض بشأن وقف التصعيد وتقديم المساعدات الإنسانية في اليمن.

في غضون ذلك، عقدت الولايات المتحدة والتحالف بقيادة السعودية اجتماعات للتخطيط لتصعيد بري في صنعاء ومحافظة حجة جنوب شرق اليمن تزامنا مع غارات جوية على أحياء سكنية في مدن أخرى في أنحاء الشمال، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات وتسبب في أضرار جسيمة للممتلكات والبنية التحتية.

حرض من بين أهداف التحالف الجديدة والقديمة:

في أعقاب تعهد الرئيس جو بايدن بدعم الملك السعودي خلال مكالمة هاتفية, وبيان مؤيد من قبل قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال كينيث ماكنزي جونيور، لم يضيع السعوديون سوى القليل من الوقت في ترجمة هذا الدعم إلى عمل بري.

فرضت الدولة الغنية بالنفط – بدعم من مخططين وخبراء عسكريين أمريكيين وبريطانيين وعدد كبير من المرتزقة بينهم مقاتلون سودانيون – حصاراً قمعياً على حرض، وهي مدينة يمنية استراتيجية في محافظة حجة.

تقع حرض بالقرب من الحدود اليمنية السعودية، وهي خالية من الناس, دمرت إلى حد كبير بسبب الغارات الجوية والقصف المدفعي السعودي.

تم تصميم الحصار المدمر لتمهيد الطريق لغزو بري للمدينة، التي تشرف على ميناء ميدي على البحر الأحمر في أقصى شمال غرب اليمن.

كانت المدينة ذات يوم مزدهرة نسبياً، حيث استفادت من التهريب والتجارة عبر الحدود.

منذ اسبوع، عندما أعلن السعوديون عمليتهم العسكرية، قُتل العشرات من الأشخاص، وفرت مئات العائلات من منازلهم حيث دمرت القنابل السعودية المدينة والطرق المؤدية إليها وخارجها.

لم تكن حرض الهدف الوحيد للعنف السعودي, حيث أسقطت قوات التحالف المدعومة من الولايات المتحدة مئات الأطنان من القنابل على مدن مكتظة بالسكان، بما في ذلك صنعاء والحديدة وحجة وصعدة ومأرب والجوف.

في صنعاء، أعطت القوات السعودية بشكل غير معهود إشعار إخلاء لمدة 72 ساعة للمنشآت الحكومية، دمرت الطائرات الحربية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ودمرت أنظمة الاتصالات, مما أدى إلى انقطاع الإنترنت.

كما قصفت قوات التحالف المدعومة من الولايات المتحدة عدة مناطق في العاصمة حول الوزارة.

قال مجلس النواب اليمني إن قصف قطاع الاتصالات يهدف إلى عزل اليمن عن بقية العالم، مضيفا أن السعودية والإمارات تهدفان إلى ارتكاب المزيد من المجازر وجرائم الحرب في تحد للمجتمع الدولي.

منذ مايو 2019, عندما كشفت حكومة أنصار الله النقاب عن “الرؤية الوطنية” لعلاج وإعادة بناء وتحديث دولتهم التي مزقتها الحرب, نجحت مرافق الحكومة اليمنية والوزارات في إرساء الاستقرار النسبي وإدارة عدد سكان يزيد عن 15 مليون شخص وإبقاء سعر الصرف عند 600 ريال لكل دولار أمريكي.

الآن، تدعي السعودية أن المنشآت الحكومية تستخدم لأغراض عسكرية.

نفت جماعة أنصار الله المزاعم ودعت وسائل إعلام أجنبية لزيارة جميع المنشآت الحكومية، مضيفة أن القصف البربري لن يكسر إرادة الشعب.

حتى خلال فترة الإخلاء التي استمرت 72 ساعة، قصفت الغارات الجوية السعودية الشوارع المؤدية إلى المطار وأهم مداخل العاصمة.

كما تعرضت مناطق مأرب والجوف الغنية بالنفط لهجوم سعودي، فيما قتل مواطن وأصيب ثلاثة في منطقة المصلب بمديرية التحيتا بالحديدة.

في الأسبوع الماضي وحده، انتهكت السعودية اتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة 1426 مرة, كما استهدفت الغارات الجوية السعودية محافظة صعدة، حيث قال شهود عيان لموقع مينتبرس نيوز إن العديد من الأشخاص، بمن فيهم مهاجرون أفارقة في منطقة الرقو في منطقة منبه الحدودية، قتلوا جراء القصف السعودي.

بالإضافة إلى ذلك، تعرضت مناطق رازح وشدا وكتاف لغارات جوية شاملة، وهي الأعنف منذ هجوم التحالف السعودي في 22 يناير على سجن مدني يمني.

الأسلحة والدبلوماسية الأمريكية تجلب المزيد من الموت والدمار:

وسط التصعيد، أجرى الرئيس بايدن اتصالاً هاتفياً مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الأربعاء الماضي، أكد فيه مجدداً التزام الولايات المتحدة بدعم التحالف الذي تقوده السعودية.

في 8 فبراير، قال قائد القيادة المركزية الأمريكية ماكنزي لوكالة أنباء الإمارات المملوكة للدولة إن “الولايات المتحدة تعمل مع الإمارات وشركاء إقليميين وعالميين آخرين لتطوير حلول أكثر فعالية لوقف هجمات الطائرات بدون طيار [اليمنية]، حتى قبل إطلاقها”.

مما أثار مخاوف من أن التحالف السعودي المدعوم من الولايات المتحدة قد يشن المزيد من الهجمات الاستباقية ضد اليمن بحجة وقف هجمات الحوثيين بطائرات بدون طيار على أهداف سعودية وإماراتية.

فيما وصلت مؤخراً شحنة طائرات مقاتلة من طراز F-22 إلى الإمارات قادمة من الولايات المتحدة.

وصفت منظمة إنقاذ الطفولة شهر يناير بأنه أكثر الشهور دموية منذ 2018 بالنسبة لليمن، مشيرة إلى مقتل أو إصابة مدني يمني كل ساعة خلال الشهر الماضي.

وقالت منظمة إنقاذ الطفولة في تقرير حديث: “بين 6 يناير و 2 فبراير، قُتل أكثر من 220 بالغاً و 15 طفلاً وأصيب أكثر من 354 بالغاً و 30 طفلاً أيضاً”.

في هجوم التحالف السعودي في 22 يناير على سجن الحبس الاحتياطي في مدينة صعدة، ألقت الطائرات الحربية الإماراتية قنابل دقيقة التوجيه من صنع شركة رايثيون الأمريكية لتصنيع الأسلحة, وهي أحدث قطعة في الشبكة الأوسع من الأدلة على استخدام أسلحة أمريكية الصنع في حوادث قد تصل إلى حد كبير إلى جرائم الحرب، وفقاً لمنظمة العفو الدولية.

قالت المنظمة الدولية في تقريرها الذي نشر في 26 يناير:”حلل خبراء الأسلحة في منظمة العفو الدولية صور بقايا السلاح المستخدم في الهجوم على مركز الاحتجاز، وحددوا القنبلة على أنها قنبلة  موجهة بالليزر سعة 500 رطل من صنع شركة رايثيون.

منذ مارس 2015، أجرى باحثو منظمة العفو الدولية تحقيقات في عشرات الغارات الجوية, حيث تمكنوا من العثور على بقايا ذخائر أمريكية الصنع والتعرف عليها..

منذ نوفمبر 2021، وافقت إدارة بايدن على صفقات أسلحة متعددة مع السعودية، بما في ذلك اتفاقية بقيمة 650 مليون دولار لبيع صواريخ رايثيون للمملكة وعقد قيمته 28 مليون دولار لصيانة طائرات المملكة الأمريكية.

في ديسمبر، صرحت الإدارة بأنها “لا تزال ملتزمة” بالبيع المقترح بقيمة 23 مليار دولار لطائرات F-35 وطائرات بدون طيار MQ-9B وذخائر إلى الإمارات.

هذه الأسلحة تجلب الموت والدمار للمدنيين في اليمن ولكنها أقل فاعلية ضد الجيش اليمني وأنصار الله، اللذين ينمون قوتهم تدريجياً، تاركين الرياض وأبو ظبي في مستنقع اليمن وتبحثان عن المزيد من الدعم.

الأسلحة الأمريكية الصنع ليست السبب الوحيد للدمار الواسع وتراكم الضحايا المدنيين في الدولة التي مزقتها الحرب؛ كما أدى الموقف الدبلوماسي العدواني للولايات المتحدة إلى خسائر فادحة.

أدت الجهود الدبلوماسية لواشنطن، مقترنة بإمدادات لا نهاية لها على ما يبدو من أموال النفط الخليجية، إلى حل آلية المراقبة التابعة للأمم المتحدة في اليمن ومنحت السعودية والإمارات تفويضاً مطلقاً لارتكاب انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان في اليمن.

في أكتوبر، صوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على حل مجموعة الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين بشأن اليمن.

كانت هذه هي المرة الأولى التي يرفض فيها أعلى هيئة حقوقية في الأمم المتحدة مشروع قرار منذ إنشائه في عام 2006.

وقد هُزم القرار، الذي قدمته الدول الأوروبية وكندا، بأغلبية 21 صوتاً مقابل 18 صوتاً, حيث قالت المديرة القطرية لمجلس اللاجئين النرويجي، إرين هاتشينسون، في بيان لها “لقد أعادتنا هيئة التحقيق في مجال حقوق الإنسان إلى الانتهاكات المروعة بلا رادع”.

وفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن مجلس اللاجئين النرويجي، تضاعف عدد القتلى المدنيين في اليمن تقريباً منذ أن قامت هيئة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بحل آلية المراقبة في الدولة التي مزقتها الحرب …

في الأشهر الأربعة التي سبقت انتهاء مراقبة حقوق الإنسان، أصيب أو قُتل 823 مدنياً في الحرب.

وفي الأشهر الأربعة التي تلت ذلك، كان هناك 1535 مدنياً، وفقاً لبيانات من مشروع مراقبة الأثر المدني.

خلال الفترة نفسها، تضاعفت الخسائر في الأرواح بين المدنيين بمقدار 39 ضعفاً بسبب الغارات الجوية.

نصيحة لبايدن

من خلال دعمه للسعوديين والإماراتيين، لم يتخلى الرئيس بايدن عن الوعود التي قطعها بعد توليه منصبه لأول مرة في يناير 2021 فحسب، بل إنه يؤجج الحرب ويصعد انتقام اليمن من المعتدين.

وفقاً لمسؤولين يمنيين تحدثوا إلى موقع مينتبرس نيوز، لم يكن بايدن بحاجة إلى تزويد حلفائه بالأسلحة والاستخبارات والتدريب إذا كان يهتم بالسعوديين والإماراتيين.

لإنهاء الحرب الوحشية والحفاظ على سلامة حلفائه، يجب على بايدن أن يملي على حلفاءه وقف الحرب ورفع الحصار؛ وفي المقابل ستتوقف الهجمات اليمنية على الفور.

من جهته، تعهد الجيش اليمني الموالي لأنصار الله بأن الهجمات الصاروخية الباليستية والطائرات المسيرة ضد السعودية والإمارات لن تتوقف ولن يردعها الدعم الأمريكي المتجدد.

حققت طائرة يمنية بدون طيار، إصابة مباشرة على موقع عسكري في مطار أبها الدولي بالسعودية، حسبما أعلن العميد يحيى سريع وأكده التحالف بقيادة السعودية.

بالنسبة لمعظم اليمنيين – الذين يشعرون بالإحباط الشديد من تجديد الدعم الأمريكي للمملكة – أثبتت ضربات الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار أنها أكثر الوسائل فعالية لردع جيرانهم الغنيين بالنفط عن هجماتهم الدموية اللامتناهية.

*   المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع