السياسية- متابعات:

ربما كانت عملية “إعصار اليمن” مفاجئة للسلطات الإماراتية، ولم تكن توقعاتها لطبيعة الرد اليمني تصل إلى حدود تلقي ضربة في العمق. في كل الأحوال، بعد مرور صدمة المشهد، يبقى التفكير الآن في تداعيات الضربة على الإمارات على المدى الأبعد، وهو ما كان حاضراً في خطاب العميد يحيى سريع ودعوته الشركات والعاملين فيها إلى أخذ الحيطة والحذر.

أي آثار للضربة في اقتصاد الإمارات؟ هل تهتز ثقة المستثمرين بها؟
تعتمد الإمارات في ناتجها المحلي الإجمالي على تقديم نفسها كبيئة استثمارية جاذبة، ويصل مؤشر الاستثمار الخارجي فيها إلى أكثر 5% من إجمالي ناتجها.

وفقاً لوزارة الاقتصاد الإماراتية، أطلقت الإمارات في العام 2020 الخطة الاقتصادية الخمسين، تماشياً مع أهداف مئوية الإمارات 2071، لتعزيز الاقتصاد الوطني، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، وتطوير بيئة الأعمال المحلية، وتعزيز مكانة الشركات الإماراتية على مستوى العالم، ومنح المستثمرين القدرة على الوصول إلى الأسواق في جميع أنحاء العالم.

ربما تكون البيئة الاستثمارية في الإمارات مهدّدة بعمليات الأخذ والرد في إطار مشاركة الدولة في الحرب على اليمن، الأمر الذي ينعكس على أعداد الشركات المستثمرة والخدمات والتدفق المالي.

تمتلك دبي أكبر ميناء للحاويات خارج آسيا. وقد صُنفت موانئ الإمارات كذلك من أكبر موانئ الحاويات في العالم، إذ حصلت في العام 2020 على المرتبة 11 عالمياً، بحسب بيانات نشرتها وكالة الشحن الدولية. وفي حال تعرض هذه الموانئ للقصف، فإنَّ حركة الشحن ربما تفضّل طرقاً أخرى، ضماناً لأمنها من جهة، وخوفاً من تعطل رحلاتها بسبب أيّ أضرار من جهة أخرى.

أما مطار دبي الذي قُصف بصاروخ “ذو الفقار” البالستي منذ أيام، فهو يمثل أحد أكثر المطارات ازدحاماً في العالم (Travel Hub)، وتؤدي الإمارات دور الوسيط لعدد كبير من الرحلات الجوية في العالم، وهي أيضاً قد تتعرّض للخسائر في حال استمرار شعور السياح والمسافرين بعدم الاستقرار فيها.

أعلنت شركة النفط الإماراتية “أدنوك” أنّها فعّلت الخطط الضرورية لاستمرار الأعمال، لضمان توفير إمدادات موثوقة من المنتجات لعملائها في الإمارات وحول العالم، بعد ما حصل في محطة تحميل المنتجات المكررة في منطقة مصفح في أبو ظبي في الإمارات.

يشكّل القطاع النفطي أكثر من 25% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة بأكملها. وفي إمارة أبو ظبي، تصل النسبة إلى 41%، الأمر الذي يعني حساسية هذا القطاع بالنسبة إلى الإمارات والتداعيات الكبيرة التي قد يتعرض لها في حال استمرار الرد اليمني في العمق الإماراتي، وتحديداً على منشآت النفط.

 

بعد فشل أنظمة الحماية فيها، هل تحافظ الإمارات على مستويات الإنفاق العسكري؟
تُصنّف الإمارات من بين أكبر 15 دولة إنفاقاً على الدفاع في العالم، وفقًا لـ”بيزنس مونيتور إنترناشونال”، وكانت خامس أكبر مستورد للأسلحة في جميع أنحاء العالم في الفترة الممتدة بين العامين 2009-2018، وفقاً لمعهد “ستوكهولم” الدولي لأبحاث السلام.

تشير التقديرات الأخيرة إلى أنّ الإمارات أنفقت 19.8 مليار دولار على الدفاع في العام 2020، أي 5.6% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يجعلها ثاني أكبر منفق في المنطقة. وبين العامين 2010 و2019، تم إنفاق ما بين 15% و 16% من ميزانية الدفاع السنوية لدولة الإمارات العربية المتحدة على المشتريات مع مقاولين أجانب.

الصواريخ المجنّحة التي أطلقها اليمن أصابت أهدافها، الأمر الذي يفتح باب التساؤل إماراتياً عن جدوى الكم الهائل من الإنفاق العسكري مع عدم القدرة على تأمين المنشآت الحيوية الأكثر أهمية بالنسبة إلى الدولة. وفي هذا الإطار، لا تبدو الخيارات الإماراتية في تعزيز العلاقة مع الاحتلال عبر اتفاقيات التطبيع خياراً ضامناً لها، ولا سيما أن الشق الأعظم من مشترياتها العسكرية كان من الولايات المتحدة الأميركية، كما أن ملامح القلق الإسرائيلي من التعرض لهجمات مماثلة بالطائرات المسيرة والصواريخ المجنحة باتت واضحة.

والجدير ذكره أنَّ وسائل إعلام إسرائيلية تحدّثت مؤخراً عن عقود وقعتها الإمارات مع شركة “ألبيت” الإسرائيلية لشراء أنظمة حماية بالليزر تعتمد على الأشعة تحت الحمراء، إضافةً إلى أنظمة الحرب الإلكترونية (LA).