السياسية- متابعات:

في بيان رباعي مشترك، أكد سفراء كل من الولايات المتحدة والسعودية وبريطانيا والامارات، على ضرورة وقف إطلاق النار في مأرب، معبّرين عن “قلقهم العميق بشأن الهجوم المستمر على المدينة”. في الواقع يمكن فهم هذا القلق، فخيارات التحالف لوقف عملية تحرير المدينة التي يشنها الجيش واللجان الشعبية قد استُنفذت، والميدان -في الحسابات العسكرية- تحدده القوات الموجودة على الأرض وحجم الدعم اللوجستي التي يصلها وسرعة سيطرتها على المواقع، ولما فشلت قوات الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي حتى في الحفاظ على المواقع التي كانت قد سيطرة عليها، يبقى أمام التحالف إطلاق “نداءات الاستغاثة” التي تأتي على شكل دعوات لوقف إطلاق النار.

على وقع الحراك الدبلوماسي غير المعلن الذي تجريه السعودية لوقف معركة مأرب، تواصل قوات الجيش واللجان الشعبية التقدم على جبهات مأرب والمناطق المحاذية لها، حيث وصلت في اليومين الماضيين إلى نقطة مثلث الفلج الواقع في المنطقة المحاذية للبلق الشرقي والتي تضم تقاطع الطريق الدولي الذي يصل إلى صافر، مما يجعل هذه المنطقة النفطية آيلة للسقوط بعد السيطرة على هذا المثلث. والأمر الذي يجعل نقطة الفلج الأمنية مكشوفة نارياً خاصة بعدما سيطرت قوات الجيش واللجان الشعبية على سلسلة جبال البلق الشرقية.

ميدانياً، فقد تم الاطباق على مدينتي مأرب والوادي من عدة مسارات، من جهة الجوبة باتجاه البلق، والطلعة الحمراء وصرواح، وما يجعل المناطق الأخرى مكشوفة نارياً أمام قوات صنعاء هي سيطرتها على سلسلة جبال البلق التي كانت تتحصن فيها قوات حزب الإصلاح المدعومة سعودياً، والتي جرت فيها المعارك الأعنف منذ 7 سنوات خلال الفترة الأخيرة، حيث كانت تعد أهم نسق دفاعي لقوات هادي، وبالتالي فإن السيطرة على هذه المرتفعات سيعطي للجيش اللجان الشعبية السيطرة النارية على كل الطرق المؤدية إلى حقول صافر النفطية، إضافة لكشف مدينة مأرب.

مما يزيد الوضع سوءاً لدى قيادات التحالف ليس فقط التقدم السريع لقوات صنعاء باتجاه مأرب، ولا التطور العسكري وحجم القوة الصاروخية والبرية التي بات يكشف النقاب عنها مع كل عملية ردع جديدة، بل هو التلاحم القبلي والاحتضان الشعبي للجيش واللجان الشعبية والتي كانت من أولى نتائجه تسليم عدد من القرى والمديريات دون قتال، وما يوازيه من نبذ وسخط شعبي على قوات هادي والإصلاح التي كانت تخذل أبناء القبائل عند كل معركة، ما يجعل المرحلة السياسية المقبلة أكثر حرجاً لهذه المكونات التي باتت تخسر رصيدها من التأييد القبلي بشكل متسارع.

اما عن المرحلة المقبلة، فإن قرار دخول مأرب قد اتخذ، توازياً مع استمرار العمل في المبادرة التي أطلقها السيد عبد الملك الحوثي لتحييد القبائل عن العمليات القتالية. أما بالنسبة للوادي، فما يعرف عن قبائل تلك المديرية أنهم أكثر ميولاً للأعمال التجارية وأقرب لخوض التسوية مع قوات صنعاء.

فعلياً، لم يبق لمأرب إلا منفذاً واحداً، وإذا ما أرادت قوات الجيش واللجان الشعبية خوض المعركة ودخول مأرب كخيار أخير، فستقفل هذا المنفذ، ما يجعل قوات هادي في تلك المناطق محاصرة، لتكون الرياض أمام إشكالية أخرى، إذا كانت هذه القوات التابعة لها مع كل الدعم اللوجستي والغطاء الجوي لم تفلح في تحقيق أي تقدم جديد أو الحفاظ على مواقعها، كيف ستقدر على ذلك في ظل الحصار إن قامت به قوات صنعاء فعلياً؟

وكانت السعودية قد شنّت حربًا على اليمن في آذار عام 2015 دعماً للرئيس المنتهية ولايته منصور هادي، أُطلق عليها اسم “عاصفة الحزم”، وقد شارك فيها العديد من الدول الخليجية والعربية ضمن تحالف تقوده الرياض، إضافة للدعم اللوجستي والاستخباري من الثلاثي الأميركي- البريطاني-الإسرائيلي، حيث انتهك التحالف خلالها القوانين الدولية والإنسانية، وارتكب فظائع وجرائم حرب بحق المدنيين.

  • المصدر: موقع الخناق اللبناني
  • المادة الصحفية تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع