احتجاجات عارمة في الجنوب.. “منصور هادي” يطلب الدعم المالي من الرياض
السياسية- رصد:
خلال السنوات السبع الماضية كان تحالف العدوان السعودي يبرر عدوانه الغاشم على اليمن انه لدواعي حماية الأمن الوطني واﻻقليمي، إضافة الى ذريعة عودة الشرعية المزعومة، ولكن في ضوء المسارات التي اخذها العدوان وكشفه لكثير من الحقائق التي تستبعد تماماً صحة تلك المزاعم، تجلت الحقيقة في أن أبرز الأسباب الأكثر وضوحاً لهذا العدوان البربري على أبناء الشعب اليمني، يتمثل في أن السعودية والامارات تنوبان عن امريكا واسرائيل في خوض هذا العدوان الذي هو عدوان بالدرجة الأولى من اجل اسرائيل وحماية المصالح الأمريكية وخوفاً من الصحوة التي تفجرت عند كثير من الشرفاء في المنطقة وبروز قيادة قادرة على تحريك الشعوب ضد هيمنة قوى الطغيان والجبروت امريكا واسرائيل. وليس من المستغرب أن تخوض هذه الدويلات العدوان بالنيابة عنهما لأن قوى الطغيان تلك تتعامل معهما كوﻻيات تابعة لهما وقد اقتضت مصلحتها ان تبدو الحروب التي يشعلانها في المنطقة حروبا عربية عربية وأن تحمل هذه الدويلات عنها التبعات الاقتصادية والبشرية واﻻخلاقية والقانونية والسياسية.
وفي هذا المنوال، حذر تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية قبل عدة أيام من أن الوضع في اليمن يتدهور بسرعة، وفقا لتقرير البرنامج الذي أعرب عن مخاوفه حيال إمكانية تسجيل زيادات هائلة في عدد اليمنيين الذين يواجهون خطر المجاعة خلال الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة. ونقلت هذه الصحيفة عن “أنابيل سيمنغتون”، المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي في اليمن، قولها إن اليمنيين في موقف لا يمكنهم فيه في الوقت الراهن تحمل تكلفة إمدادات الغذاء الأساسية. وأضافت المتحدثة: “الأسباب وراء أزمة الجوع في اليمن ربما تنطوي على قدر كبير من التعقيد، لكن أثر الجوع على اليمنيين واضح للعيان. فالتراجع الحاد في قيمة الريال اليمني وارتفاع أسعار الغذاء جعلت من المستحيل تحمل اليمنيين العاديين نفقات الغذاء الأساسي”. وشددت المتحدثة باسم البرنامج العالمي على ضرورة توفير 797 مليون دولار من أجل الاستمرار في توفير المستويات الحالية من المساعدات الغذائية على مدار الأشهر الستة المقبلة التي تبدأ في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الاخبارية أن مئات اليمنيين واصلوا يوم الأحد الماضي، بمحافظتي تعز (جنوب غرب) وأبين (جنوب)، الاحتجاج على تدهور الأوضاع المعيشية وانهيار قيمة العملة المحلية، في حين طلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من السعودية دعماً اقتصاديا عاجلا. وندد المتظاهرون بموقف التحالف الذي وصفوه بالمتخاذل في وقف انهيار سعر صرف العملة المحلية، والحد من ارتفاع الأسعار، وعدم انتظام صرف الرواتب. كما اتهم المتظاهرون التحالف بممارسة ما سموها سياسة التجويع المتعمدة للشعب اليمني، والعمل على تقويض دعائم الاقتصاد في البلاد، على حد تعبيرهم. ورفعوا شعارات مكتوبة على أكياس الدقيق، في إشارة إلى الارتفاع الجنوني وغير المسبوق بالنسبة لأسعار المواد الغذائية، من قبيل “لا لتجويع الشعب، لا للفساد، نعم للأمن والأمان” وتتزامن الاحتجاجات في تعز وأبين، مع استمرار إضراب التجار عن العمل بمدينة تعز وإضراب أصحاب محلات الصرافة في محافظات عدن وأبين ولحج (جنوب)، لليوم الثاني على التوالي، احتجاجا على انهيار العملة المحلية. ومن جهتها، شهدت جامعتا عدن وحضرموت إضرابا شاملا ومفتوحا عن العمل حتى تحقيق مطالب أعضاء هيأتيهما التدريسيتين، بزيادة الرواتب وتأمين ضمان صحي وفتح باب التوظيف للمتعاقدين. وقالت بيانات صدرت عن نقابتي هيئة التدريس في الجامعتين إنهما أعلنتا الإضراب الشامل والمفتوح بعد تعذر التوصل مع الحكومة المستقيل القابعة في فنادق الرياض والجهات المختصة إلى حلول لمطالبها. ويرى مراقبون أن بقية جامعات اليمن الحكومية ستقرر الإضراب تباعا، قبل أن تلحق بها المدارس، نتيجة الغلاء وانهيار الوضع الإنساني الناجم عن تدهور العملة
وعلى الصعيد نفسه، كشفت العديد من التقارير أن الرئيس اليمني المستقيل “عبد ربه منصور هادي” طلب يوم الأحد الماضي من السعودية دعماً إقتصاديا عاجلا لحكومته لإنقاذ العملة المحلية المنهارة التي تسجل انهيارا غير مسبوق وسط موجة احتجاجات شعبية غاضبة مناوئة للحكومة القابعة في فنادق الرياض. وقالت وكالة الأنباء اليمنية أن “هادي” سلم السفير السعودي لدى اليمن “محمد آل جابر” رسالة لولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”. وتقود الرياض تحالفا عسكريا تدخل في اليمن في مارس آذار 2015 ضد أبناء الشعب اليمني. وشهدت العملة اليمنية هبوطا حادا لتصل إلى أدنى مستوى على الإطلاق أمام الدولار في تعاملات سوق الصرف غير الرسمية بمدينة عدن الساحلية وجنوب البلاد، مسجلة 1700 للدولار الواحد للمرة الأولى في تاريخ البلاد. وسجل سعر صرف الدولار 1675 ريالاً للشراء و 1705 ريالاً للبيع في التعاملات المسائية يوم الأحد في انهيار تاريخي مقارنة بنحو 215 ريالا قبل اندلاع الحرب المستمرة منذ سبع سنوات.
وأدت الأزمة الاقتصادية العميقة في اليمن أحد أفقر الدول العربية ونقص العملة الأجنبية والعوائق التي تواجه واردات الغذاء إلى ارتفاع حاد في أسعار كل السلع الغذائية الأساسية وغير الأساسية في عدن ومدن الجنوب، لتصبح صعبة المنال لكثير من اليمنيين. وحذرت منظمات إغاثة دولية ووكالات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات محلية وغرفة التجارة والصناعة في عدن من أن الاقتصاد اليمني يقف على بعد شفا الانهيار مما سيدفع البلد لحافة المجاعة. واستخدم البنك المركزي اليمني الذي مقره عدن معظم الوديعة السعودية التي بلغت ملياري دولار، والتي قدمتها المملكة في 2018 بعد أزمة سابقة في سعر الصرف للمساعدة في تمويل واردات السلع الأساسية. وقال مسؤول رفيع في البنك المركزي في وقت سابق الشهر الماضي “ما تبقي من الوديعة السعودية لا يزيد على 100 مليون دولار.. ولكن لا يمكن استخدامها إلا بعد الحصول على إذن مسبق من الحكومة السعودية لإنفاقها”. ويأتي تحرك الرئيس اليمني المستقيل وطلبه دعماً إقتصاديا عاجلاً من السعودية على وقع تصاعد الاحتجاجات الشعبية الغاضبة في عدة مدن خاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية تنديداً بتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وارتفاع أسعار السلع الغذائية بفعل استمرار تهاوي قيمة الريال اليمني.
واستمرارا للمآسي التي يعيش فيها أبناء الشعب اليمني جنوبا وشمالا، كشفت الأمم المتحدة، قبل عدة أسابيع، أن نحو نصف الشعب اليمني يفتقرون إلى مياه الشرب النقية وخدمات الصرف الصحي، بسبب الصراع الدائر في اليمن للعام السابع على التوالي. وذكرت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة عبر حساب بعثتها في اليمن على “تويتر”، أن “اليمن يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم. وما يقرب من 15.4 مليون شخص يفتقرون إلى المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي”. وقالت المنظمة إنها “زودت 2.1 مليون شخص بخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة العام الماضي في اليمن”. ومنذ أيام، أعلنت الأمم المتحدة أن طفلاً واحداً يموت في اليمن كل عشر دقائق لأسباب كان من الممكن تفاديها بما في ذلك من جرّاء الجوع والأمراض. ويعتقد عدد من المراقبين أن صمت الأمم المتحدة على مثل هذه التقارير، والتباكي على الشعب اليمني المكلوم، يكشف مستوى الضحالة الاخلاقية التي باتت تسير عليها الأمم المتحدة، باتخاذ اليمن أداة للتسول، بغرض إثراء جيوب مسؤولي الأمم المتحدة. وخصوصاً أن المنظمات الدولية العاملة في اليمن، تواجه اتهامات بالمتاجرة بالأزمة الإنسانية التي صنعها التحالف في اليمن.
- المصدر: موقع الوقت التحليلي
- المادة الصحفية تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع