السياسية:

بقلم: توماس جونو*

ترجمة: أسماء بجاش – الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

نشرت صحيفة لو دفواغ في طبعتها الصادرة في 18 سبتمبر ورقة رأي, دعا فيها أربعة من أعضاء البرلمان السابقين من أطراف مختلفة الحكومة كندية إلى وقف صادراتها من الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية.

يتناول هذا الموضوع مسألة أعمق والتي لم يتم تناولها للأسف أثناء الحملة الانتخابية: ما هو الدور الذي ينبغي لكندا أن تلعبه على الساحة الدولية ؟

لسنوات، لطالما كانت السياسة الخارجية الكندية تسترشد بمزيج من الاعتبارات السياسية الحزبية التي كثيراً ما لا تتسق مع الرغبة الجديرة بالثناء في وضع كندا كلاعب “أخلاقي” على المسرح الدولي, حيث يعكس النقاش حول الحرب في اليمن هذا الواقع.

تعتبر الحرب التي تقودها الرياض في اليمن بمثابة كارثة أخلاقية واستراتيجية, فمنذ إطلاق تدخلها العسكري في 2015 على رأس تحالف عربي، باءت المملكة بالفشل الكبير، على الرغم من الدعم القوي الذي قدمته لها كلاً من الولايات المتحدة الأمريكية وعدة دول غربية أخرى, في تحقيق أهدافها.

تمحورت أول أهداف هذه الحملة في استعادة الحكومة المعترف بها دوليا للرئيس عبد ربه منصور هادي الذي طرد من العاصمة صنعاء بعد أن تمكن الحوثيون وهم جماعة مسلحة قادمة من المناطق الشمالية الغربية من البلد والذين يتلقون الدعم من قبل نظام الحكم في إيران, من السيطرة على السلطة المركزية في العاصمة صنعاء أواخر سبتمبر من العام 2014, ولكن اليوم أصبحت الجماعة أقوى بكثير مما كانوا عليه قبل ست سنوات.

الهدف الثاني يكمن في التصدي للنفوذ الإيراني, حيث أصبحت الجمهورية الإسلامية أكثر تأثيراً في اليمن مقارنة بالعام 2015.

ارتكبت المملكة العربية السعودية خلال إدارتها للحرب العديد من الفظائع التي وصفتها العديد من المنظمات غير الحكومية بأنها جرائم حرب.

دور كندا:

ماذا يجب أن تفعل كندا؟ وفقاً للعديد من النقاد الذين يريدون أن تسترشد السياسة الخارجية للبلد بالقيم الأخلاقية، يتعين على كندا قبل كل شيء أن تلغي صفقات مبيعات أسلحتها.

النداء الأخلاقي لهذا الاقتراح واضح, بيد أنه من الناحية العملية، فإن السياسة الخارجية التي تنفصل عن الواقع على أرض الواقع وتستند إلى مبادئ نبيلة وإن كانت مجردة, تواجه خطر الفشل، سواء من حيث أهدافها المثالية أو من حيث السعي إلى تحقيق مصالح كندا.

بطبيعة الحال، ليس لكندا وحدها أي تأثير على الحرب في اليمن؛ فمهما فعلت، فإن الحرب سوف تستمر.

ومع ذلك، يمكن لكندا أن تعمل مع حلفائها, ولكن ما هي العواقب إذا ما خفضت كندا وحلفائها الأميركيين والأوروبيين أو ألغوا دعمهم للشريك السعودي؟

إن الجهود الحربية التي تبذلها الرياض سوف تضعف بشكل خطير ومن المحتم أن تخاطر بانهيار حكومة هادي.

الفاعل الوحيد الذي سوف يستفيد من كل هذا, هم الحوثيون الذين يسيطرون بالفعل على أجزاء كاملة من البلد.

غير أن إدارة الحوثيين تتسم بالعنف والغموض والفساد من بعض المتحوثين وبالتالي فإن أي مكاسب إنسانية مفترضة لن تكون موجودة.

وعلاوة على ذلك، فإن الحوثيين يُعتبرون عضو مهم في المحور التنقيحي الذي تقوده إيران، فهم يتلقون دعما كبيرا منها، لاسيما في ملف الطائرات بدون طيار والصواريخ.

وبفضل هذه المساعدة الجزئية, أصبح بوسعهم الآن أن يهددوا النقل البحري في البحر الأحمر وخليج عدن (الممران البحريان الحاسمان للتجارة العالمية)، كما أنهم قادرون على ضرب البنية الأساسية العسكرية والاقتصادية في المملكة العربية السعودية, لذلك فإن مكاسبها سوف تكون مكلفة بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها.

لا يتعلق الأمر بالتوصية بأن تدعم كندا وحلفاؤها الحرب في اليمن وبشكل أعم، يتعلق الأمر باعتماد السياسة الخارجية غير الواقعية والخالية من الأخلاق.

ومع ذلك، هناك تقليد في كندا للمعلقين والأكاديميين والسياسيين الذين ينبغي أن تسترشد السياسة الخارجية بهم باعتبارات محلية أو أخلاقية أو حزبية بحتة، لا صلة لها بالواقع.

بل ينبغي للمناقشة الأكثر جدية أن تدرك أنه لا يوجد حل سهل للصراع في اليمن. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن يتمثل أحد المبادئ الأساسية في تجنب تفاقم الوضع، في اليمن أو في أي مكان آخر, وهو ما قامت به في كثير من الأحيان التدخلات الغربية التي تتمحور حول شواغلنا أو التي تسترشد بإيديولوجية صليبية أخلاقية.

* توماس جونو: أستاذ مشارك في كلية الدراسات العليا للشؤون العامة والدولية ومؤلف كتاب “الحرب في اليمن” الصادر عن جامعة مونتريال.
* صحيفة “لو دفواغ-” le devoir الكندية
* تصوير: عبد الله القادري/ وكالة الأنباء الفرنسية
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع