اقليم الصحراء.. عقود من التوتر بين الجزائر والمغرب
السياسية – رصد :
طالبت الجزائر، بإطلاق “مفاوضات مباشرة” بين المغرب وجبهة البوليساريو بشأن إقليم الصحراء المتنازع عليه بين الطرفين.
جاء ذلك في كلمة وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة في جلسة النقاش العام للدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. حيث خصص الوزير الجزائري جزءا كبيرا من كلمته للحديث عما أسماه “الاحتلال المغربي بإقليم الصحراء”.
وقال لعمامرة، “تجدد الجزائر التأكيد على موقفها الدائم لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وتدعو الأمم المتحدة لتحمل مسؤولياتها القانونية تجاه الشعب الصحراوي وضمان حقوقه غير القابلة للتصرف”.
وأضاف إن “تنظيم استفتاء حر ونزيه لتمكين هذا الشعب الأبي من تقرير مصيره وتحديد مستقبله السياسي لا يمكن أن يظل إلى الأبد رهينة لعنة دولة محتلة أخفقت مرارا في الوفاء بالتزاماتها الدولية المنبثقة عن قرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.
وأكد وزير الخارجية أن “الجزائر تسعى دوما بصفتها بلد جار ومراقب للعملية السياسية لتكون على الدوام مصدرا للسلم والأمن والاستقرار في جوارها”.
وأردف: “تؤيد الجزار قرار مجلس السلم والأمن الإفريقي القاضي بإطلاق مفاوضات مباشرة بين المملكة المغربية والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية كون الدولتين تتقاسمان العضوية في الاتحاد الإفريقي”.
ولطالما ساد التوتر العلاقات بين الجزائر والمغرب، وخصوصا على خلفية ملف الصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة التي يعتبرها المغرب جزءا لا يتجزأ من أراضيه، فيما تدعم الجزائر الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب “بوليساريو” التي تطالب باستقلال الإقليم.
وبدأ النزاع بين المغرب و”البوليساريو” حول إقليم الصحراء عام 1975، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده بالمنطقة، ليتحول الخلاف إلى نزاع مسلح استمر حتى 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار.
وأعلنت “البوليساريو” بشكل أحادي، قيام “الجمهورية العربية الصحراوية” في 27 فبراير/شباط 1976، اعترفت بها بعض الدول بشكل جزئي، دون الحصول على عضوية في الأمم المتحدة.
وفي السابع من مارس/آذار 1976 قطع المغرب العلاقات الدبلوماسية مع الجزائر بعد اعترافها بـ”الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية” التي أعلنتها بوليساريو.
وفي 16 مايو/أيار أعلنت الجزائر والمغرب استئناف العلاقات الدبلوماسية، وفي الخامس من يونيو/حزيران فتحت رسمياً الحدود بينهما.
وفي السابع من يونيو/حزيران أجرى الملك الحسن الثاني أول زيارة له إلى الجزائر منذ 15 عاماً، وشارك في قمة عربية طارئة.
وشكّلت زيارة الرئيس الجزائري بن جديد إلى إفران، وكانت الأولى لرئيس دولة جزائري إلى المغرب منذ عام 1972، تتويجاً للمصالحة.
وجرى الاتفاق على مشروع أنبوب نفطي لربط الجزائر بأوروبا عبر المغرب. وفي يونيو/حزيران 1992 وضع تصديق المغرب على معاهدة يونيو/حزيران 1972 حداً للمشاكل الحدودية التي أدت إلى اندلاع “حرب الرمال”.
لكن في 16 من أغسطس/آب 1994 استنكر المغرب تصريحات للرئيس الجزائري اليمين زروال اعتبر فيها أن الصحراء “بلد محتل”.
وفي 26 أغسطس/آب فرض المغرب على الجزائر الاستحصال على تأشيرة لدخول أراضيه بعد هجوم استهدف فندقاً في مراكش قتل فيه سائحان إسبانيان. واتّهمت الرباط قوات الأمن الجزائرية بالضلوع في الهجوم. وأغلقت الجزائر حدودها مع المغرب.
وفي 25 يوليو/تموز 1999 شارك الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في مراسم جنازة الملك الحسن الثاني في الرباط. لكن بداية التقارب سرعان ما نسفته مجزرة أوقعت 29 قتيلاً في جنوب غرب الجزائر، واتّهم بوتفليقة المغرب بتسهيل تسلل مسلّحين إلى بلاده.
وفي مارس/آذار 2005 أجريت لقاءات عدة بين الرئيس بوتفليقة والعاهل المغربي محمد السادس أسهمت في “كسر الجليد”.
وفي يوليو/تموز 2011 أعلن العاهل المغربي تأييده إعادة فتح الحدود البرية وتطبيع العلاقات مع الجزائر. وبعد أشهر أكد بوتفليقة عزمه على إعادة تعزيز العلاقات لما فيه مصلحة البلدين.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2019 دعا الملك محمد السادس لفتح “صفحة جديدة” في رسالة تهنئة الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2020 نددت الجزائر بـ”مناورات أجنبية” تهدف إلى زعزعة استقرارها متّهمة بذلك إسرائيل بعد اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على إقليم الصحراء في مقابل تطبيع العلاقات بين المملكة والكيان الصهيوني الاعتراف الذي رفضته الجزائر. وجدّدت الجزائر تأكيد أن “قضية الصحراء هي قضية تصفية استعمار” وأن “حلها يكمن في تطبيق القانون الدولي”.
وفي 18 يوليو/تموز 2021 استدعت الجزائر سفيرها لدى المغرب “للتشاور”، بعدما أعرب دبلوماسي مغربي عن تأييده للحركة الانفصالية في منطقة القبائل رداً على دعم الجزائر جبهة بوليساريو.
وفي 18 أغسطس/ آب 2021، أعلنت الجزائر أنها قرّرت “إعادة النظر” في علاقاتها مع المغرب الذي اتهمته بالتورّط في الحرائق الضخمة التي اجتاحت شمال البلاد.
وفي 24 آغسطس/ آب 2021، أعلن وزير الخارجية الجزائري قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بسبب “الأعمال العدائية” للمملكة ضدها.
وفي 22 أيلول/سبتمبر قررت الجزائر أن تغلق “فورا” مجالها الجوي أمام جميع الطائرات المدنية والعسكرية المغربية.
وباءت كل محاولات حل النزاع بالفشل حتى الآن. ومنذ استقالة هورست كوهلر، آخر مبعوث للأمم المتحدة، في العام 2019 توقفت المفاوضات الرباعية التي تضم المغرب وبوليساريو والجزائر وموريتانيا.
وفي منتصف سبتمبر الحالي أعلن سفير المغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال أن المملكة وافقت على تعيين الدبلوماسي الإيطالي السويدي ستيفان دي ميستورا مبعوثا خاصا جديدا للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية. إلا أن أي قرار رسمي بتعيينه في المنصب لم يصدر بعد.